ثرثرة صحافية

[افاق الغد]

ثرثرة صحافية
د. محمد صالح المسفر

17/02/2009




جرت العادة عند كثير من القادة اصطحاب مجموعة من الصحافيين على طائراتهم الخاصة لمرافقتهم في رحلاتهم الرسمية ، في أحيان كثيرة يجتمع ذلك القائد بالصحافيين ليحدثهم بأحاديث شتى، بعض تلك الأحاديث يريد القائد نشرها دون أن يطلب النشر لكن الشاطر يعرف .
من ضمن الثرثرة التي يريد فخامته ان تنشر راح يعرف مفهوم كلمة الاعتدال لمعشر الصحافيين الذين كانوا برفقته يقول: هذا المصطلح أطلقته أمريكا على الدول المحافظة على سياسة متزنة بلا تطرف، الاعتدال لا يعني ضعفا أو انكفاء، لكن الاعتدال قوة لأنه وسطية 'والسؤال هو، هل الالتزام بالثوابت العربية والعمل على استرداد الحقوق المسلوبة ومناصرة المطالب الوطنية للشعوب ومساعدة المحتاجين ونصرة المغبون يعتبر تطرفا؟ الاعتدال في وضعنا العربي الراهن هو التخلي عن الثوابت الوطنية للشعوب، وعدم ردع العدوان، والتنكر لمقاومة الاحتلال، ومناصرة العدو بكل السبل وحتى بالحصار الشامل. افهم أن يكذب الرئيس السابق بوش الابن وأركان إدارته، لكني لا افهم أن يكذب فخامة الرئيس محمد، لان الكذب في الإسلام حرام والكذاب ملعون أي مطرود من رحمة الله ، كذبة كبيرة أوردها سيادته يقول: 'فرنسا رفضت مؤتمر الاعمار الذي دعت إليه قطر، وساركوزي 'منع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم من انتقاد القاهرة في الاليزيه ' والحق انه ليس من عادة الدول أن تتدخل فيما يقال أو لا يقال من ضيوفها أياً كان ذلك القول. فخامته قال: قطعا لأن مصر تملك مقومات الدولة القادرة وليس الدولة التي تدفع تعويضات لمن انهارت حياتهم، وللعلم فرنسا لم ترفض مشروع قطر لأعمار غزة، وعلى المدعي البينة ان كان صادقا.
نسي فخامته وهو يتحدث عن دفع تعويضات من قطر للمتضررين في غزة من جراء الدمار الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي عليها، ان قطر دفعت ملايين الدولارات من قوت شعبها للحكومة المصرية تعويضا للخسائر التي نجمت عن غرق العبارة المشهورة في البحر الأحمر والتي راح ضحيتها غرقا أكثر من الذين استشهدوا في غزة في حرب الـ23 يوما والتي كانت مصر طرفا فيها بفعل الحصار، ونسي أن قطر دفعت لمصر 600 مليون دولار لشراء جرار زراعية لتوزيعها على فلاحي مصر، ونسي ما دفعته قطر لإصلاح السكك الحديدية نتيجة للخسائر البشرية التي كثر حدوثها في مصر نتيجة للفساد المالي وسوء تلك السكك. نعم فخامة الرئيس حكومتكم لا تدفع تعويضات لمن انهارت حياتهم ولو كانوا مصريين، لكنها تقبض باسمهم ولا تدفع لهم، وهذه كارثة أخلاقية.
نعم يا كاتب أبا جمال، قطر لا تملك مقومات الدولة المحاربة، لكنكم لا تملكون إرادة الحرب ولا إرادة السلام، ما أريد قوله هنا أن قطر تملك الإرادة السياسية في الوقت الذي تنازلتم عن إرادة مصر السياسية ورهنتم مصر لأمريكا مقابل ملياري دولار تدفعها لكم، 50' من هذا المبلغ يعود إلى أمريكا كقيمة دراسات جدوى ومصاريف مكتبية والباقي يعلم الله وحده وانتم أين يذهب .
السيد محمد صرخ بأعلى صوته في جلسائه في الطائرة وقال: الله قطر لا يمكن أن تكون دولة لان أول ما يميز الدول هو استقلال القرار، والكاتب يتفق مع رأيكم يا ريس محمد فيما يميز الدول، لكن السؤال لسيادتكم هل تملك مصر تحت إدارتكم حقها في استقلال القرار؟ هل تستطيع سيادتكم إرسال جنودكم ورجال أمنكم إلى المربع (أ) و(ب) في قطاع سيناء؟ هل تملك القرار في نصرة أهل غزة جواركم الجغرافي؟ هل تملك القدرة في اتخاذ قرار بمنع مرور السلاح إلى إسرائيل عبر قناة السويس كما تمنعه عن المقاومة الفلسطينية في غزة؟
اسمع يا كاتب حديث سيادة الرئيس اعترافات السفير الأمريكي في القاهرة ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط الأسبق السيد لادوارد ووكر 'مصر أعطت أمريكا شرعية ومصداقية لمحاربة العراق. 35 الف طلعة جوية حربية أمريكية طلعت من مصر في حرب الخليج، 10 آلاف طلعة جوية أمريكية حربية دمرت الصومال طلعت من مصر، مصر حسني مبارك ردت بشدة على الدعوات لعمل عسكري ضد إسرائيل. لم يوقع ياسر عرفات على اتفاق أوسلو المشؤوم إلا بضغوط من مبارك'.
هل كنت تملك استقلالية القرار بمنع كل ما ذكر أعلاه؟ اشك في ذلك، هل كنت تملك القرار السياسي عندما كنت رئيس جلسة مؤتمر القمة عام 1990 في القاهرة التي أدخلت إلى جزيرة العرب جيوش 33 دولة لحرق العراق وتدميره بإجراءاتكم غير القانونية في مسألة التصويت في مؤتمر تلك القمة والتي ما زلنا ندفع الثمن غاليا لذلك القرار الإجرامي؟ الست يا ريس كنت تجوب أوروبا قبيل غزو العراق 2003 تحرض الألمان والفرنسيين على الانضمام إلى غزاة العراق، أرجو أن تبلغ كتابك سيادة الرئيس أن لا يتحدثوا عن استقلالية القرار لديكم، إنهم يدينونك من حيث لا تعلم . تعيروننا بالقاعدة الأمريكية في قطر والتي ليست استثناء في المنطقة، لكن هل تنكرون أن لديكم قاعدة لحلف الناتو (قوى متعددة الجنسيات) في سيناء ومحطات تنصت ومحطات استشعار عن بعد، كل ذلك لحماية إسرائيل، القاعدة الأمريكية في قطر يا سادة البلاط الراسي في مصر، لها فترة زمنية محددة طبقا للعقد، أما قواعد سيناء الأمريكية والمتعددة الجنسيات فهي محددة بوجود بقاء إسرائيل وشتان بين الاتفاقين، الجعبة مملوءة بالحقائق ولكن المساحة ضاقت. آخر القول: جعبتي مملوءة بالحقائق لكن مساحتي المصرح بها تحريريا ضاقت وما علي الا ان اردد القول 'حسبي الله ونعم الوكيل'.