حظه يكسر الحصى مقولة قديمة.. وفي المقابل يكسر الهمم.. كما يعلمها علماء التبرير ويخبرها خبراء التعليل ومخترعو الأعذار الذي كتبوا على أنفسهم عهدا أن لا يفعلون شيئا مفيدا.. أمجنون أنت سيدي أم شربت شيئا في ظلمات ثلاث.. ظلمة غياب المبادئ والمثل كظلمة الليل الحالك وظلمة الأفواه التي ألجمت نفسها بوساوس الرهاب المخيف في عصر الحرية وظلمة أعظم منهما وهي ظلمات معصية الله الذي خلقك وقضى لكل جزء منك وكل خليه من خلاياك وظيفة محددة تأتمر بأمره وهو الواحد الأحد .. لا يذهب بك الخيال بعيدا فاني اعني وأعي ما أقول.. انه الحظ الذي ساعد ابن فلان على الجلوس ثمانية حصص دون كلل أو ملل رغم استهزاء الأقران ووسوسة الشيطان.. نعم انه حظ علان الذي اخذ جزء من بصر المجد وهو يتقلب بين ثنايا الكتب متنقلا من صفحة إلى أخرى عله يحظى بمعلومة تساعده في بناء المعرفة.. الحظ وليس غير الحظ من اخذ بيد هذا الطالب على حصد نتاج جده واجتهاده للدخول إلى الجامعات واختيار أفضل التخصصات.. ثم بعد ذلك طبيب ومهندس ومعلم وعالم ودكتور...الخ.. ألا ترى كيف ساعدهم الحظ في الوقت الذي عارض معارضة شديدة ضد أي مساعدة من شأنها الارتقاء بآخرين.. يحضرون كل يوم للمدرسة ثلاث حصص بالتمام والكمال.. الحصة الأولى نوم لان المسكين كان يشاهد فلما وثائقيا على إحدى القنوات المشفرة بعد أن سطا على جهاز المجلس الخاص بالوالد الكريم والمربي الفاضل ويسهر آخر على دوري أبطال كذا وكذا.. والحصة الثانية يمارسون هوايتهم في افتعال كل ما من شأنه تعطيل سير الدروس وتضييع الحصة ..والحصة الثالثة يخطط (للشردة) الهروب مصداقا للشاعر الذي لم يقل يوم في مطلع قصيدته** رأيت حمارا شاردا** متحملا ما يصيبه جراء تسلق الأسوار وأشعة الشمس وهو يتنقل من جدار إلى أخر ملتمسا شيئا من الظل التي تأبى الشمس إلا أن تسرقه منه عله يثبط ذلك من عزيمة الانزلاق إلى المجهول.. الحظ من جعل فلذة كبد ذلك الرجل يرمي بحمله الثقيل على مدخل الدار حتى تكون تلك الكتب في مكان معروف وسهل الوصول إليها في اليوم التالي إذا لم يتشرف أهل البيت بزيارة شاة الجيران التي تذهب عادة للمطبخ فإذا لم تجد شيئا ترجع لتنهل من تلك الكتب بما يسد حاجاتها وما تعرفه من فائدة تلك الكتب .. ثم يأتي بعد ذلك الحظ ليقف حجر عثرة في سبيل هذا الطالب لدخول أي تخصص في أي جامعة.. رغم كل ما (لطشه) غشه والتي يحلوا لبعض المتنطعين أن يسموها سرقة سهر الليالي والتي تبدو في صورة هدية من عند الأحباب والمتصدقين على فقراء المعلومة.. وحرص كل الحرص على تدوير عينه متنقلة من ورقة هذا إلى ورقة ذاك.. كل ذلك لمساعدة للبراشيم التي يصل طولها إلى ما يربوا على المتر ونيف وذلك غير ما كتب على الأجسام والملابس .. كل ذلك الجهد تحول إلى طلاسم يحتاج إلى عالم فلك أو دجال ليفك رموزها.. وأحيل هذا المسكين في سبيل أن يكرم إلى رفاس يرفس رفسا أماميا مسددا على عكس أبو صابر الذي يرفس إلى الخلف و تحول القلم الذي معه إلى رمح من رماح الأقزام السبعة..والله يعين من يكون أمامه..يأتي بعدها من ليس بقلبه رحمة من المعلمين ليكمل المسرحية ويرمي به خارج قاعة الامتحان.. هل بعد ذلك شك إن الحظ هو السبب في رفع هذا ووضع ذاك.