سبلة عمان
سبلة عُمان أرشيف سبلة العرب وصلات البحث

العودة   سبلة عمان » السبلة الثقافية » سبلة السرد

ملاحظات \ آخر الأخبار

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع أنماط العرض
  #1  
قديم 17/10/2010, 12:17 PM
صورة عضوية محمدسعيد
محمدسعيد محمدسعيد غير متصل حالياً
خاطر
 
تاريخ الانضمام: 27/09/2010
الإقامة: مسقط
الجنس: ذكر
المشاركات: 13
افتراضي قصة قصيرة : على وتريات الراعي الصغير

شد على أحزمة الحقائب وأفكاره لا زالت تتلو ترانيم تذكر الأشياء التي قرر أن يجمعها قبل عزمه على المغادرة نحو الخلاص أخذ يشحذ همته ليضبط ساعته التي أعتاد أن يقدمها خمس دقائق وعشرون ثانية كي يصل قبل الجميع كما أعتاد دومآ ومهما كان الموعد تافهآ أو حتى لا يحمل أي أهمية تذكر، أخذ يلتفت يمنة ويسرة لكن دون جدوى فلم يدرك أن جدران الغرفة التي علق بها عجزت أن تحمل له أي ذكرى بالماضي و الحاضر أو حتى المستقبل القادم من المجرات الأخرى أحس بتصاعد نبضات التوتر لدي وأصبحت علامات الانفعال واضحة ومعبره عن نفسها دون أي وسيط أهم نفسه بأن الرواق المحاذي لتلك الغرفة اللعينة لعلة يحمل ساعة معلقة يستطيع من خلالها أن يضبط ثواني ساعته ليستمر في متابعة حياته التي أعتاد أن تسير وفق خطوط طولية مرسومة بدقة...

تفاجآ أن الرواق كان مظلما كليلة دمساء باهتة فأخذ يتحسس على الجدران التي اكتست بأوراق تفسخت من أطرافها الحياة لكنه أخذ يتعجب والخوف يملى أركان إصراره من تلك اللزوجة الرطبة والتي أخذت أنامله تخط بها خلال تحسسها على الجدران لأسماء أناس لطالما كان يهذو بها في منامة القلق توقف ليتأكد هل هذا فعلآ هو صوت دقات ساعة خشبية أم هو صوت دقات قلبه فلقد تداخلت عليه الأصوات وهو في معمعة الغياب وسط الظلام أخذ يدنو شيء فشيء من صوت طرطقات الساعة ليظهر مع اقتراب الصوت وميض شمعة تأخذ في الخفوت الغروبي ، أسرع دون أن يتحسس على شيء فقد أصبح كل همة أن يصل فقط إلى تلك الشمعة أو الساعة في آن واحد لعلهما يكونان طوقآ لنجاته من الخوف و الوحدة ...

في نهاية الرواق المظلم وجد باب لم يوصد بعد وأشعة الضوء المتشابك مع تراب الماضي تكاد تعج بترباس الباب تلمسته يداه وقرر أن يدفعه إلى الخلف وإذا به بامرأة أربعينية اكتست ثوب شيت قرمزي واعتمرت غطاء لرأسها الذي تحوم حوله بعض الفراشات البيض وإن كانت بعض الحشرات تزاحم المكان الساكن ولكن الشمعة كانت كفيلة بمن ليس لهم فالوجود أي أهمية سألها والخوف يتملكه مع أن مباسمها تبعث في النفس الطمأنينة حيث قال: لما المكان مظلم مع أنه بالأمس كان مكتضآ بالنزلاء وأين الساعة الخشبية أريد أن أضبط ساعتي كي تبدأ حياتي وأعرف أني مازلت مرتبطا بالزمن الذي أحس أن جزء قد تاه منه خلال رحلتي من غرفتي المظلمة إلى غرفتك التي بالكاد هذه الشمعة اليتيمة توقد ضيائها الخجول ...

وكأن الظل تساقط عليه وتلبسه فأصبح بلا ظل يتوارى خوف من الشمس يسري مع قدوم عرش الليل المرتص بالنجوم مع تيه ضوء القمر يبحث عن أي شيء بالحاضر يؤكد فقط وجوديته تساءل مع الذات قبل أن يطرح على المرأة أسئلة أخرى لعلها تخرج من أصداف صمتها فتجيب ولو بتحرك شفاه جافة فقط دون نبس لكن المرأة ما بارحت تلك الابتسامة أن تفارق طلعتها دون أي أشارات أخرى مغايرة قد تطغى على الجو ...

بادرها بقوله: يا عزيزتي لقد سئمت السباحة ضد التيار وحيدآ وكم أحس بالأسف اتجاه ما قد مضى وأرغب بحق بالمسالمة الآن كي أستطيع جمع شتات الماضي الثائر ضد الخجل الورقي ، أرجو أنك أعدتي الأوراق كي أمضي قدمآ في التوقيع على صك المغادرة حالا لاستلقي على السجادة البيضاء واحلم أني إما مع أو بين السحاب أظن ...


حين يأس تمامآ من قدرتها على الحديث وبدء الانهزام واضحا علية أخذت تلك المرأة تتحدث فلتفت إليها متعجبا ليعي ما تقوله ولكن كأن صاعقة في السماء عصفت بقوة ، فمن خلال حديث المرأة أدرك بأنها تسرد مجرد ذكريات هذيانيه كانت بذور أحداث نمت إلى سطح الحياة ، بذاك الصوت التعب أخذ يستمع إلى سردها بإنصات و إصغاء و الهلع يعتريه حتى أنها أتت على صفحات من دفاتر منسية فوق رفوف الألم الترابي للماضي الذي عمل جاهدآ على أن يجعله حبيس أحد الأبراج المعلقة في سماوات الظلام وهي مسترسلة في الحديث وهو مصغي في الاستماع بحرص إلى أن انتهت به عند مشهد لم يفارقه طيلة ما قد مضى من أيامه حيث قالت: كنت تجلس فوق تلك التلة و الرياح تموج الزهور الصفراء اليابسة وغضب الموج يعلن على سفح الصخرة غضبة وأنت كالذي يحاول أن يبحث عن شخص بعد اليوم يحادثه ولكنه لم يجده ، فما بارحت مكانك طيلة يومك ذاك المكان الذي تعوده مع قدوم كل عيد حزن لتجفف دمع الموت على وتريات الراعي الصغير ...
  مادة إعلانية
 


قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى

مواضيع مشابهه
الموضوع كاتب الموضوع القسم الردود آخر مشاركة
نثريات من دمي مشاعر إفلاطون سبلة الخواطر 2 27/09/2010 11:43 AM
مصابيح انارة وثريات قيصر أرشيف سوق المعروضات والطلبات الأخرى 3 12/01/2009 07:11 AM
قصة الراعي مع عبد الله بن عمر حاملة الدعوة السبلة العامة 10 05/12/2007 11:13 PM



جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 11:11 AM.

سبلة عمان :: السنة ، اليوم
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها