سبلة عمان
سبلة عُمان أرشيف سبلة العرب وصلات البحث

العودة   سبلة عمان » السبلة الثقافية » سبلة السرد

ملاحظات \ آخر الأخبار

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع أنماط العرض
  #1  
قديم 31/12/2010, 06:09 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي أهلاً بك في طهران

أيها القارئ الكريم، أعرف أن ما أكتبه ليس بذي قيمة أدبية على الاطلاق ولكني سأكون سعيداً جداً لو استطعت أن أوحي لأي أحد بفكرة مفيدة، أو ساعدته على استنباط معنى معين أو أي شيء مفيد، ولو لفرد واحد فقط.

وليعذرني الاخوة المشرفون على ما قد يعتبرونه اسفافاً وهدراً للحروف.

قصة " اهلاً بك في طهران" وقعت قبل حوالي سنتين في بلغاريا وبالتحديد في مصيف فارنا المشهور الذي يرتاده كثير من اخواننا العمانيين خصوصاً الشباب وأنا كنت واحداً من أؤلائك الشباب.

آخر تحرير بواسطة بيت حميد : 01/01/2011 الساعة 03:47 PM
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 31/12/2010, 06:11 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

""""""""""""""""""""
عزيزي حميد
أنا روزينا، نعم أنا حية إن كان هذا التساؤل ينفجر الآن في رأسك وتتردد أصدائه في جمجمتك وتتسارع عيناك وراء كلمات هذه السطور وأنت غير مصدق.
نعم أنا حية........
بحق آن
وبحق ميشيل
وبحق جون
وبحق تشيكوف
وبحق أطول شجرتي صفصاف في صف الاشجار حول مطعم "كوكيري" اللتين يطلع بينهما قمر "فارنا" الزمهريري.
نعم أنا حية.
ما زلت أحتفظ بتلك الورقة التي رسمت لي عليها خارطة عمان، ما أجهلني بالجغرافيا!!
كيف حصلت على عنوانك!.....أنا ذكية كما تذكر.....لم يكن هذا صعباً، لقد كانت صورتك واسمك منشوران في صفحة الاعلانات في جريدة "اطلاعات" بمناسبة إتفاق شركتكم الأخير مع المؤسسة الايرانية وأوصلني ذلك الإعلان إلى موقع شركتكم الالكتروني.
أكاد أسمع السؤال الذي يعلو في صدرك الآن " مالذي حدث وكيف حدث"
سأخبرك بكل شيء، كنت أحاول نسيان كل شيء ولكن لأجلك سأستذكر كل شيء وسأرويه لك في رسالة لاحقة.
روزينا
""""""""""""""""""""""""""""""""

ما كنت لأصدق أنها هي من كتب تلك الرسالة لولا التفاصيل الدقيقة التي وردت فيها.
كنت سأفضل أن تبقى ذكراها بقعة خضراء مطرزة بالزهور وسط محيط من الجليد.
لقد أحببتها حباً إستثنائياً بكل المقاييس، بقدر ما كانت هي إستثنائية، لقد فتتني حبها ذرة ذرة ثم عجنني ثم أعاد تشكيلي لأكون جديراً أن أقترب من تلك البقعة في هذا العالم.
كم هو بارد عالمنا وكم أنت دافئة ياروزي، قاسي هذا الجليد وأطرافه أحد من الرماح ، أناسه باردون وقاسون مثله ، لم أكن أعلم هذا حتى حررني حبك لبعض الوقت، دخلت عالمك الدافئ وتساقطت عني قطع الجليد ورأيت نفسي للمرة الأولى جميلاً بدون الجليد البشع الذي كان يغطيني.
نظرت الى الخارج فرأيت أناس الثلج بشعين، عمي، صم ، فقدوا حاسة اللمس والشم بسبب البرد.
في السنة الماضية قضيت إجازتي بطولها في فارنا، تلك المدينة البلغارية الواقعة على ساحل البحر المتوسط، منذ الاول من يوليو حتى الخامس عشر من أغسطس.
منذ بداية يونيو يبدأ انحسار الثلج عن فارنا وينتشر الدفء على سهولها وغاباتها وسواحلها، تزهر أشجار الدراق والخوخ والمشمش وتتلقح أزهار التفاح.
في يوليو تتباهى السهول بحللها الذهبية والصفراء المنمنمة، تلك هي حقول القمح بجانب حقول دوار الشمس، لايحد بصرك شيء غير الجبال البعيدة التي أبت إلا أن تحتفظ بقممها بيضاء لتذكر بعودة الشتاء البارد بعد حين.
وهذه السنة أيضاً شدني حنين شديد لفارنا ، تذكرت أصدقائي الذين وعدتهم بالعودة، أصدقاء إستثنائيين لا مجال لمصادقة أمثالهم هنا، فقط في فارنا يمكن ذلك...هكذا حدثت نفسي وأنا أبتسم.

تحدد موعد السفر ليكون في الثاني من يوليو على الخطوط البلغارية، أقلعت طائرتنا من مطار دبي وهبطت في مطار فارنا بعد الواحدة ظهراً

كنت أرتدي ملابس صيفية فشعرت بالبرد قليلاً بعد أن خرجنا من المطار وركبنا الحافلة الى المنطقة الساحلية حيث الفنادق.
مررنا عبر سهول فارنا الواسعة المزروعة بالقمح ودوار الشمس وبالرغم من برودة الهواء المتدفق من نافذة الحافلة إلا أني أبقيتها مفتوحة وكأني كنت أريد أن تموجني رياح فارنا كما تموج سنابل القمح وأزهار دوار الشمس.

كان مجمع "كوكيري" هو أول محطة للحافلة لانه يقع فوق التلال وليس على الشاطئ مباشرة ما إن بدأت الحافلة في الصعود الى التلة حتى حملت حقيبتي ووقفت ، ثوان قليلة وتوقفت الحافلة أمام المطعم المقابل لمجمع الفلل، نزلت من الحافلة ومشيت بضع خطوات لأبتعد عنها، عادت الحافلة الى الشارع العام وتلاشى صوتها شيئاً فشيئاً، وعادت أصوات العصافير وحفيف الريح بالاشجار تملأ المكان ،كان الوقت عصراً وأشعة الشمس تداعب أطراف أغصان الصفصاف، وضعت حقيبتي على الارض ووقفت لأستمتع بهذا الهدوء الرائع، ملأت رئتي قدر إستطاعتي بالهواء المنعش وسحت ببصري في تفاصيل المكان أستعيد ذكريات السنة الماضية.

منصة المطعم الصغيرة المحاطة بسياج حديدي صدئ، خمس طاولات هي كل ما إتسعت له، الطاولة التي في الزاوية هي طاولة " جون"، والتي في الوسط طاولة العاشقين "آن" و حبيبها "ميشيل"، تحولت ببصري الى حدود الغابة خلف المطعم حيث يقبع هيكل سيارة قديم وخلفه باب حديدي ومن وراء الاشجار يمكن رؤية غرفة تشيخوف الخشبية.


يبدو أن الزمن يرجع سنة كاملة كل صيف في فارنا (هذه أول جملة قلتها لموظفة الاستقبال العجوز "سارة" التي تتكلم الانجليزية بطلاقة وهذا شيء نادر في بلغاريا) رفعت رأسها عن كتاب الكلمات المتقاطعة ونظرت إلي في دهشة ثم إبتسمت لي.
وضعت الكتاب والقلم وأشارت إلي بيدها أن أبقى مكاني، دارت حول طاولة الاستقبال لتخرج لي من البوابة الجانبية ثم لتعانقني عناقاً حاراً.
قلت لها وهي تعانقني : " هل تعانقين كل ضيوفك هكذا "
قالت : " لا لا....فقط إذا كانوا وسيمين "
بادلتها مجاملتها تلك بقولي : " تبدين أصغر بكثير في هذا الزي "
ابتعدت عني قليلاً ثم قالت معلقة على جملتي الافتتاحية : " لماذا قلت ما قلت "
قلت : "ألم اودعك العام الماضي وذات الكتابب بين يديك؟!"
عادت قليلاً الى جديتها المعتادة وقالت : "تعرف أن الكلمات المتقاطعة من الاشياء الشعبية في بلغاريا".
عادت "سارة" الى موقعها وراء الطاولة ونادت على عاملة التنظيف فيما كانت تبحث عن إسمي في قائمة الحجوزات.
توقفت بإصبعها عند سطر معين وقالت : "نعم هاهو إسمك، حميد، الجنسية عمان" ثم نظرت إلي وقالت " الفلة رقم 11 ".

لم يخب ظني وأنا أتجه نحو المطعم بخصوص العجوز " جون "، كان جالساً على طاولته فهو كالوطواط لا يخرج إلا عند مغيب الشمس ولابد أن جليسه الدائم تشيكوف في مكان ما حول المطعم.
هنا لابد أن أعرف بأصدقائي البلغار الذين تعرفت عليهم في العام الماضي.
" جون " بحار قديم طاف بمعظم موانئ العالم بما فيها موانئ الدول العربية ويعرف بعض العربية والانجليزية وهذا ما دعاني للتعرف به ومجالسته، أما صديقه العجوز الآخر " تشيكوف " فهو الجليس الصامت، حتى عندما يكلمه أحد فإنه يكتفي بهزة رأس ، والعجوزان مدمنا خمر، يشربان من المغرب حتى ساعات الفجر ثم ينامان طول اليوم.
صديقاي الآخران " آن " و "ميشيل" هما من نوع آخر، يبعثان في النفس مشاعر مختلطة، الرومانسية والامل، والحزن واليأس في آن واحد.
"آن" فتاة جميلة لا يتعدى عمرها السادسة عشر، متوسطة الطول ووجهها مستدير، بشرتها الشفافة تفضح شرايين وجهها، شعرها ذهبي ناعم يطير مع أقل نسمة ومع هذا فهي معوقة، إحدى قدميها معوجة وأقصر من الأخرى لكنها مع هذا أفضل حالاً من حبيبها "ميشيل".
"ميشيل" يبدو في الثامنة عشر، إعاقته نصفية وبالكاد يرى ولا يستطيع إنجاز أبسط الأشياء إلا بمساعدة "آن".
"آن" و "ميشيل" يأتيان في الصيف لسبب وجيه وهو الشحاتة، "ميشيل" يذهب للشحاته منذ الصباح حتى المغيب و "آن" تنتظره في كوكيري.
ليس بمقدوري ذكر "آن" و "ميشيل" دون وصف هذا المشهد الرومانسي المتكرر، صباحاً تودع "آن" "ميشيل"عند البوابة ولا تدخل حتى يغيب عن ناظريها وهو يزحف على دعامتة المعدنية ، في المساء تجلس على منصة المطعم وعينيها لا تفارقان مدخل تلة "كوكيري" حتى يظهر "ميشيل"، فإذا ظهر هرعت اليه وأخذته الى الحمام العمومي في "كوكيري" ليقضي حاجته، بعد ذلك تأتي به إلى المطعم وتجلسه على الطاولة المعتادة وتبدأ في تدليله بالمشروبات تارةً وبالقبل تارةً أخرى وهما دوماً محط أنظار زبائن المطعم.

صعدت منصة المطعم وسحبت كرسياً من على طاولة "جون" وجلست أنظر إليه، تفاجأ أول الامر ثم تذكرني وأقبل يعانقني ثم جاء "تشيكوف" وعانقني هو الآخر، سألت عن "آن" و "ميشيل" فأخبرني أنهما لم يأتيا بعد.
خلال ذلك توقفت حافلة سياحية أمام المطعم ونزل منها شابان وثلاث فتيات، بدو صغار السن كطلاب سنة أولى جامعة بإستثناء واحدة بدت في منتصف العشرينات ويبدو أنها كانت تقود المجموعة، مروا من أمامنا في إتجاه مكتب الاستقبال وكانوا في غاية السعادة ،استطعت بسهولة تمييز لكنتهم اللبنانية كما ميزها "جون" هو الآخر.
إستأذنت "جون" للدخول داخل المطعم من أجل تناول وجبة خفيفة، وبينما أنا أتناول الطعام دخلت تلك الفتاة الى المطعم وعبثاً حاولت أن تتفاهم مع النادل لتعرف ماذا يمكن أن تأكل.
تطوعت بإخبارها عن الوجبات المتوفرة ثم بإخبار النادل عن طلبها فأنا أحفظ أسماء الوجبات المتوفرة عن ظهر قلب من العام الماضي.
قلت لها: " يبدو أنها زيارتك الاولى لبلغاريا"
قالت : "نعم وقد توقعت خدمات متدنية المستوى نظراً لتدني سعر البرنامج السياحي لكني لم أتصور أن أجد صعوبة في التفاهم وتصورت أني سأستفيد من لغتي الانجليزية"
قلت : "هذا ما تصورته أنا أيضاً في العام الماضي، على كل حال ستكتشفين أن البلغار ودودون الى أبعد حد وإن إحتجتي شيئاً فأنا على إستعداد للمساعدة"
ثم قدمت لها نفسي بإسمي الاول وقدمت لي هي نفسها كذلك بإسمها الاول "روزينا"
شكرتني ثم جلست تتناول وجبتها.
لم تتميز "روزينا" بالجمال، وبالكاد كان جسمها يوحي بالانوثة ولايبدو أبداً أنها تبذل أي جهد لتبدو جميلة، شعرها مربوط من الخلف وتتساقط بضع خصل منه على أذنيها، ملامح وجهها توحي بأنها آذرية أو تركمانية أكثر من كونها لبنانية.

آخر تحرير بواسطة بيت حميد : 02/01/2011 الساعة 03:29 PM
  #3  
قديم 31/12/2010, 06:25 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

صباح اليوم التالي صحوت على أنغام موسيقى مألوفة ، قمت من الفراش وفتحت النافذة وإذا بصوت فيروز يملأ المكان ، إستطعت رؤية روزينا تجلس على درجات الفلة المقابلة تدخن وتتمتع بأشعة الشمس المتسللة من بين الاشجار وصوت فيروز ينبعث من داخل الفلة.
قررت الخروج للمطعم لتناول الافطار، رأتني روزينا بمجرد خروجي ولوحت بيدها ، لوحت لها بدوري وأشرت لها أني ذاهب للمطعم إن كانت شيئاً فأشارت لي أنها ستأتي معي.
جائت روزينا ومعها كل أصدقائها وإتجهنا للمطعم وكان علي بالطبع ترجمة طلباتهم للنادل.
جاملتني "روزينا" بالجلوس معي على الطاولة ، سألتها من أي مكان من لبنان هي فقالت : "لابد أنك تعتقد أني مارونية بسبب إسمي"
قلت : "نعم، أليس هذا صحيحاً"
قالت : "في الحقيقة أنا إيرانية ولست لبنانية، إنما تربيت ودرست في لبنان، وأنت من أين؟"
قلت : "أنا من عمان، عمان وإيران تشتركان في الحدود البحرية كما تعرفين"
بدت مندهشة وفضولية بعض الشيء وقالت : "حقاً، كيف ذلك"
أردت أن أشبع فضولها فطلبت ورقة وقلماً من النادل ورسمت لها خارطة عمان وإيران، أخذتها ثم نظرت إلي وكأنما لمعت في رأسها فكرة وقالت : "لا بد أني أبدو لك مختلفة الآن كإيرانية بعد أن كنت تعتقد أني لبنانية"
قلت : "لماذا تعتقدين ذلك"
قالت : "إننا نرى الآخرين من خلال تحيزاتنا السابقة أو من خلال ما نريده منهم"
لقد صدمني قولها وحاولت عدم التفكير في أنها تلمح إلى ما قد أفكر فيه تجاهها.
أنهينا إفطارنا وتبادلنا الحديث حول مواضيع عدة، الموضوع الأهم بالنسبة لروزينا كان أوضاع إيران الداخلية، اكتسبت روزينا إحترامي بكل جدارة بعد تلك المحادثة.
قادت روزينا أصدقائها الى الشاطئ بعد أن وصفت لهم الطريق وأنا بقيت في المطعم مستمتعاً بقراءة ديوان مظفر النواب.
توقفت أما المطعم سيارة أجرة تقل شاباً وفتاة، إنهما "آن" و "ميشيل" قد وصلا أخيراً، لاشك أنهما سيأتيان في المساء الى المطعم.
مساء ذلك اليوم إتصلت بـمندوب الشركة السياحية للتخطيط لرحلاتي السياحية خلال الاسبوع المقبل وأما هذا الاسبوع فقررت تخصيصه للقراءة والسمر مع "جون" والبقية.
إتجهت للمطعم وكالعادة "جون" و "كيتشوف" يعاقران المدام وقد إحتلت "آن" و"ميشيل" مكانهما المعتاد، إنضممت الى "آن" و "ميشيل" وأصرت "آن" على أن تشتري لي كوكاكولا، أثناء ذلك أقبلت "روزينا" فدعوتها للإنضمام إلينا وكانت سعيدة بذلك.
تلك الليلة وبعد أن تعشينا سوياً نحن الاربعة رأيت من "روزينا" ما جعلني أفهم ما قالته لي صباحاً على الافطار.
إستأذنت "آن" للذهاب الى الغرفة لتعود بعد قليل لكنها تأخرت ، بدأ "ميشيل" بالتململ ثم بدأ بمناداة "آن" ، سألت روزينا عن سببب تململه فأخبرتها أن السبب الوحيد الذي أعرفه هو حاجته الشديدة لدورة المياه وأكد لنا ذلك "جون"
وضعت "روزينا" علبة السجائر من يدها وقامت وحملت ميشيل كالطفل في حضنها وأنا مندهش، أدخلته دورة المياه وعادت به بعد قليل ووجه محمر من الخجل.
ما فعلته "روزينا" بين لي أن حبي لمجالسة "آن" و "ميشيل" إنما هو رغبتي لمشاركتهما تلك الرومانسية الساحرة التي لمستها بينهما وأما حين يتعلق الامر بحاجة ذاتية فإني لم أرغب في مشاركتها حتى لو كانت بسيطة.
ما أجملك وما أنبلك يا "روزينا" هكذا رددت في نفسي وأنا أنظر اليها وهي تشعل سيجارتها فتلمع عيناها اللوزيتان.
بالرغم من بساطة فعلها مع "ميشيل" ، لقد نجحت في كسر كل تحيزاتي السابقة التي أشارت إليها في أول لقاء وفضحت نظرتي من خلال رغباتي التي أشارت إليها في نفس الجملة.
الآن أرى داخل تلك العينين عالماً جميلا فريداً يليق بالبشر لا بأشباه البشر.
"جون" العجوز كان أشجع مني في التعبير عن إعجابه بفعل "روزينا" ، قام من على كرسية وتقدم إليها وطلب تقبيل يدها إعجاباً بما فعلته مع "ميشيل"
هكذا نثرت علينا دفئاً ومحبةً وألفة
سألتها "كم ستبقون في فارنا"
قالت : "لست متأكدة من البقية ولكني لا أستطيع البقاء لأكثر من ثلاثة أسابيع وأظنها كافية جداً لفارنا"
قلت : "حسبتكم جئتم كمجموعة واحدة"
قالت : "يمكنك قول ذلك بالرغم من أنني لم أخطط للقدوم معهم وإنما تصادف أني حجزت نفس البرنامج السياحي وقد وفر علي مشاركتهم السكن بعض المال، أنا معيدة في جامعة بيروت وهؤلاء طلاب في السنة الثانية وتربطني بهم معرفة مسبقة".
أخبرتها عن خطتي للاسبوع القادم لزيارة معالم فارنا وأني أرغب أن ترافني فوافقت بشرط أن أرافقها الى عرض الفرقة الوطنية للموسيقى الفلكلورية ليلة غد فوافقت بدون تردد.
توقعتها أن ترتدي شيئاً أنثوياً لليلة الموسيقة وأن تصفف شعرها وتتأبط حقيبة نسائية، لكنها لن تكون "روزينا" لو فعلت ذلك، كنت مازلت أرتدي ملابسي حين سمعتها تناديني عبر النافذة، خرجت فوجدتها ترتدي ملابسها العادية.
  #4  
قديم 31/12/2010, 06:27 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

إستدعت لنا موظفة الاستقبال سيارة أجرة وأخبرته بوجهتنا، إبتعد بنا الطريق عن الأضواء ، وسرنا في طريق مظلم يتلوى بين أشجار الغابة، خيل إلي أننا ننحدر بإستمرار كأننا نتجه الى قعر حفرة عميقة، إنكشفت الغابة الكثيفة فجأة عن المسرح المضاء وخلفيته الحجرية.
بالرغم من إمتلاء المقاعد إلا أن الهدوء كان مهيباً وكأنه طقس ديني ، ظلام الغابة المحيط أضاف هيبته الخاصة ، بدأت فقرات الحفل براقصة ترتدي الزي التقليدي الشبيه بالزي التركي الفضفاض ترقص على دقات طبل منفرد .
الفقرة الاخيرة كانت مميزة، لم أعلم حتى تلك اللحظة أن للموسيقى ذاك السحر النافذ، لقد أصابني الخدر حتى العظم وتهادت بي الانغام ، أحسست أني عدت جنيناً يلفه سائل ناعم شفاف.
توقفت الموسيقى وأضيئت الانوار، فوجئت أني كنت ممسكاً بيد "روزينا" ، نظرت إليها فوجدتها كمن فاق لتوه من نشوة جرعة مخدر، نظرت "روزينا" إلى يدانا المتشابكتين فقالت : "آسفة، لم أشعر أني ممسكة بيدك"
قلت : " كنت أحسب أني أنا من أمسك بيدك"
عدنا أدراجنا الى "كوكيري" ولم تتكلم "روزينا" طول الطريق، إعتقدت أنها خجلة من إمساك يدي، توقفت السيارة أمام المطعم و دعوتها للجلوس قليلاً ، أشعلت سيجارة فلاحظت إحمرار عينيها وبقايا دموع.
قلت : "هناك ما يقلقك بشدة يا روزينا"
قالت : "إنه أبي، إنه في إيران ولم أسمع عنه منذ أسبوعين، إتصلت صباحاً بأمي في بيروت وهي الاخرى قلقة عليه"
قطع حديثنا العجوز "جون" بقوله : "يبدو أنه ينقصك شيء من الذوق أيها العربي ، هلا قدمت لهذه الفتاة شيئاً تشربه"
إبتسمت "روزينا" وقالت له : "ما رأيك لو جلسنا معك يا جون"
قام "جون" وأدى لها تحية عسكرية مما أضحكنا جميعاً حتى "تشيكوف" الصامت.
تسامرنا حتى وقت متأخر ولم أكن أشيح ببصري عن "روزينا" و لم ألاحظ ظهور القمر حتى نظرت إليه "روزينا".
كان القمر بدراً وبدا كبيراً، كدت أشعر بخيوطه الفضية يلقيها على وجهي ، قالت "روزينا" : "ما أجمل القمر"
ثم قالت : "ماذا يسمى عندما يكون بهذا الشكل"
قلت : "أظنه يسمى زمهرير بسبب نوره الفضي"
قالت : "هل تعلم أن الجهة الأخرى من القمر مظلمة وباردة"
قلت : "نعم"
قالت : "ماذا كنت ستفعل لو كنت تعيش على ذلك الجانب"
قلت : "لابد أن هناك فتحة ولو صغيرة تربط الجانب المضيئ الدافئ بالجانب البارد المظلم ، سأحاول أن أجدها وأعيش بقربها"
قالت : "مالذي يجعلك متأكداً من وجودها"
قلت : "ألاترين البقع الداكنة في الجانب المضيئ"
قالت : "نعم"
قلت : " تلك البقع يتسرب منها الظلام والبرد الى الجانب المضيئ ولابد أن يقابلها بقع يتسرب منها الضوء والدفئ في الجانب المظلم البارد، تلك هي نقاط الاتصال"
قالت : "هل تعتقد أنه يمكن العبور من خلالها؟"
قلت : "أعتقد أن ذلك ممكن ولكن الاجسام الشفافة فقط قادرة على ذلك"
قالت : "تقصد كالأرواح بعد الموت"
ثم سرحت ببصرها بعيداً وكأنها تحاول العبور من خلال تلك البقع.
أحسست أنها بحاجة للراحة بعد هذه الليلة الحافلة ، دخلنا متجهين الى الفلل ، كنت على وشك توديعها قبل أن ألحظ أن باب فلتي مفتوح، أسرعنا لاستطلاع الأمر ،وجدنا الباب مكسور ، كل شيء تم قلبه رأساً على عقب وتم تفتيشه بدقة حتى اللوحات الجدارية ألقيت على الأرض، لم تبقى قطعة ملابس في مكانها، الفرن والثلاجة في المطبخ كانا مفتوحين، ومع ذلك لم يسرق شيء.
خافت "روزينا" أن يكون حصل مكروه لأصدقائها فذهبت تتفقدهم ثم عادت بسرعة بعد أن وجدتهم نائمين.
كانت "روزينا" في ما يشبه الصدمة وبدت لي كمن فقد الاحساس بالامان فحاولت إعادة الاطمئنان لها وبينت لها أن من جاء لم يجد ما يستحق السرقة وأني وضعت كل شيء ثمين في صندوق الامانات.
ذهبت أبحث عن الحارس فلم أجده، أبلغت موظفة الاستقبال التي إستدعت الشرطة ، كان علينا البقاء مع الشرطة والاجابة على أسئلة روتينية حتى الصباح وبالرغم من أني رجوت "روزينا" أن تذهب لتنام إلا أنها أبت إلا البقاء حتى النهاية.
ساعدتني "روزينا" في إعادة ترتيب المكان وبعد أن إنتهينا جلسنا على الاريكة ، أسندت رأسها الى الخلف وقالت وهي مغمضة العينين "هل يزعجك لو نمت هنا"
قلت : "لا أبداً، ولكن أفضل أن تنامي أنت في الداخل وسأنام أنا هنا"
قالت : "لا ، لقد تعودت النوم على الاريكة منذ الصغر"
أكملت هذه الجملة وهي نصف نائمة، أحضرت لها وسادة ونبهتها لتستلقي على الاريكة.
ذهبت للنوم وأنا أتعجب من شيء في داخلي، إعجابي بهذه الفتاة لا تشوبه رغبة جسدية ، أدركت أنها تعني شيئاً لذاتي وليس لرغباتي.
أيقظتني "روزينا" قبل الظهر تريد فرشاة أسناني لأن أصدقائها خرجوا دون أن يتركوا المفتاح في مكتب الاستقبال، أخبرتها أن تستخدم دورة المياه الملحقة بالغرفة بدل الخارجية ففيها فرشاة الأسنان والمناشف.
خرجت لأستنشق بعض الهواء وأستعيد ما مر بنا البارحة، لحقتني بعد قليل "روزينا" ، نظرت إلي وكأنها تعتذر وقالت : "ما حصل البارحة كان بسببي"
قلت : "هذا غير صحيح، فحتى لو لم نذهب الى الليلة الموسيقية فلربما ذهبنا الى أي مكان آخر"
قالت : "هيا بنا إلى المطعم فأنا جائعة"
استمهلتها حتى أدخل دورة المياه ثم ذهبنا إلى المطعم وتناولنا الإفطار ، بعد ذلك قررنا المشي على الشاطئ، في الطريق الى مررنا برجل مسن وزوجته يقلمان أغصان العنب في حديقتهما الجميلة، وقفت "روزينا" تنظر اليهما مطولاً وقد كان المنظر يستحق، كانا يتحسسان شتلات العنب بكل لطف ويقلمان الاغصان اليابسة ثم ينظفان الأرض من تحتها ، منظر فيه من الحب والعطف والرعاية الكثير.
قالت بعد أن استدارت لمواصلة المشي : "أخبرني أبي أن جدي كان لديه مزرعة للفستق والعنب لكنها صودرت بعد وفاة جدي ووجود أبي بلبنان"
في الأسبوع الذي خططت فيه لزيارة معالم "فارنا" رافقتني "روزينا" لزيارة معظمها ، زرنا المتحف وكنيسة القديسة مريم والأسواق الشعبية والساحات العامة كما اشتركنا في يوم مفتوح للتعارف بين السياح في مدينة "ألبينا" القريبة من "فارنا".
يوم الخميس اقترحت عليها أن نخصص الليلة للسمر مع جون والبقية فوافقت، جلسنا على طاولة "جون" ، رفعت "روزينا" بصرها الى السماء وقالت : "هل تذكر من أين طلع القمر تلك الليلة؟"
قلت : "نعم، لقد طلع من بين أطول شجرتين في تلك الأشجار"
قالت : "هل تعتقد أنه سيطلع من نفس المكان هذه الليلة أيضاً"
قلت : "القمر يغير مطالعه باستمرار ولكن يمكنك تغيير زاوية النظر إن رغبتي أن ترينه بين تلك الشجرتين"
قالت : "إذن هناك أمور لايمكننا أن نتحكم فيها وعلينا قبولها والتأقلم معها لنستمر في الحياة"
ثم أضافت : "قل لي ، لو أنك خيرت بين العيش في الجانب المضيئ الدافئ وحدك وبين العيش في الجانب المظلم البارد مع من تحب فماذا ستختار؟؟"
قلت : "قد تجدين إجابة مختلفة من شخص غيري ولكن بالنسبة لي فإني أحتاج الانتماء كحاجتي للهواء والماء ولا أتخيل أني أعيش حتى في الجنة وحيداً"
  #5  
قديم 31/12/2010, 06:29 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

بدا عليها بعض الحزن بعد هذه المحادثة فأشرت عليها بتناول وجبة العشاء، لم أكن متأكداً من ديانة روزينا حتى تلك الليلة فقد رفضت أن تأكل الدجاج واللحم وفضلت أكل البيض لعدم تأكدها من كيفية الذبح فعرفت أنها مسلمة.
قلت لها : "لقد خشيت أن أسألك عن ديانتك لألا تتهميني بالتحيز المسبق"
تبسمت أبتسامة جميلة خجلت من جمالها ثم مدت يدها وأمسكت أذني كالطفل الصغير وقالت : "ها أنت أفصحت الآن أن لديك تحيزات مسبقة تجاه الآخرين"
وضع النادل الطعام على الطاولة وبدأنا بالأكل على مهل، أحست "روزينا" ببعض الألم في معدتها ثم ما لبث أن زاد ألألم بشدة وبدأت تتلوى.
عرض علينا صاحب المطعم أن يوصلنا بالسيارة الى المركز الطبي، ركبت معها في الكرسي الخلفي وكانت تصرخ من شدة الالم.
دخلنا بسرعة الى غرفة الطوارئ، وبعد الفحص السريع قرر الطبيب أنها حالة تسمم حادة ولابد من نقلها بسرعة الى المستشفى المركزي في فارنا.
في سيارة الاسعاف أمسكت روزينا يدي بكل قوة وهي تتألم حتى وصلنا المستشفى، أدخلت "روزينا" الى قسم العناية المركزة وبقيت أنا في الخارج، جائني الطبيب بعد دقائق ليخبرني أنه لابد من عمل غسيل معدة لها وفي غضون ذلك لابد لي أن أحضر جواز سفرها وجواز سفري وأوقع على نموذج الدخول للمستشفى.
رجوت الطبيب أن يعتني بها ووعدته بإحضار جوازات السفر بأسرع وقت، أخذتني سيارة أجرة الى كوكيري وطلبت من السائق أن ينتظرني لحين جلب الجوازات من مكتب الاستقبال.
كان دور "سارة" للمناوبة في تلك الليلة في الاستقبال فأخبرتها ما حصل وطلبت منها جوازات السفر، طلبت مني التوقيع على استلام الجوازات وذهبت لتأتي بها من صندوق الامانات، تأخرت سارة ثم جائت لتخبرني أن جواز سفري ليس في الصندوق ولا جواز سفر "روزينا" كذلك.
قلت : "كيف يمكن ذلك"
قالت : "هل أنت متأكد أنك سلمتني جواز سفرك"
قلت : "نعم بكل تأكيد"
عادت للبحث مرة أخرى ولكنها لم تجد شيئاً، ذهبت أبحث عن أصدقاء "روزينا" في الفلة لكني لم أجدهم، رجعت لسؤال "سارة" عنهم فأخبرتني أنهم دفعوا حسابهم وغادروا كوكيري نهائياً قبل حوالي ساعة.
خطرت لي فكرة الاتصال بالسفارة الايرانية وساعدتني "سارة" في إجراء الاتصال، من أجابني على الهاتف أخبرني أنه لايوجد موظفين في هذا الوقت ، أخبرته أن الامر طارئ فقال إنه سيحاول الاتصال بمعاون السفير في منزله وهذا أفضل ما يمكنه فعله.
كدت أجن واختلطت علي الامور ولم يكن بيدي إلا العودة الى المستشفى، سألت عن "روزينا" فأخبروني أن حالتها تدهورت وأنها يبدو تعاني من حساسية مفرطة تجاه شيئ كان في الطعام وتستدعي نقلها الى العاصمة صوفيا وأن مندوب السفارة الايرانية تكفل بالترتيبات ولاحاجة لي للتوقيع على نموذج إدخالها للمستشفى.
لم أعلم كيف تواجد مندوب السفارة الايرانية بهذه السرعة ولكنه كان بالنسبة لي في تلك اللحظة كالملاك، بقيت في المستشفى حتى أخبروني أن روزينا غادرت بالاسعاف الى المطار برفقة مندوب السفارة.
عدت أدراجي الى "كوكيري" وأنا شديد القلق عليها ومازلت أحس بقبضتها علي يدي في سيارة الاسعاف وكأنا ترجوني أن لا أتركها.
مررت من أمام مكتب الاستقبال فنادتني "سارة" وأخبرتني أنها وجدت جواز سفري لكنها لم تجد جواز سفر "روزينا" وعللت ذلك بأن العهدة كلها سلمت لأصدقائها.
طلبت من "سارة" أن تحجز لي تذكرة الى صوفيا في أقرب فرصة وأن تتصل بالمستشفى المركزي في فارنا لتستفسر عن إسم المستشفى الذي نقلت إليه "روزينا" في صوفيا.
بعد ساعة اتصلت بي "سارة" في الفلة لتخبرني أن هناك رحلة إلى صوفيا غداً صباحاً، وأما بالنسبة لإسم المستشفى الذي نقلت إليه "روزينا" فهم لا يعرفونه لأن السفارة الإيرانية تتعامل مع مستشفى خاص وليس حكومي.
غادرت فارنا دون أن أودع أحداً ووصلت الى صوفيا قبيل الظهر، حجزت غرفة في فندق قريب من المطار وتوجهت مباشرة الى السفارة الايرانية للاستفسار عن "روزينا".
دخلت السفارة الايرانية ولقيني موظف الاستقبال ثم حولني الى موظف آخر ، أخبرته بما حدث في فارنا لكنه أنكر معرفته بالامر، طلب مني الاسم الكامل "لروزينا" وصفة قرابتي لها، فأخبرته أني لا أعرف إلا إسمها الاول، وأني مجرد صديق.
بدوت أمامه كالاحمق، وطلب مني المغادرة إن لم يكن هناك أمر آخر، هنا أصررت عليه أني لا أختلق القصص ويمكنني إحضار نموذج إدخال "روزينا" للمركز الصحي في فارنا ونموذج تحويلها الى المستشفى المركزي، عندها أخذني بجدية وطلب مني الانتظار لبعض الوقت.
تركني في المكتب لما يقارب النصف ساعة ثم عاد إلي ليبلغني الخبر المؤسف.
قال : "مواطنتنا التي نقلت أمس من فارنا للأسف فارقت الحياة في الطائرة، ولست أخبرك بهذا لأنه من حقك بل بشكل شخصي فأنت رسمياً لايحق لك الحصول على أي معلومات عنها"
كان وجهه متجمداً وهو ينطق بكلمات الجملة الاخيرة وكأنه تمثال نحت من جليد، كنت واقفاً فجلست، أحسست ببرودة قاتلة، خرجت من السفارة وأنا لا أدري أين أذهب، كل الطرق متشابهة وكل الوجوه متشابهه بدون ملامح .
همت على وجهي الوقت حتى أحسست بالاعياء، مشيت على شوارع كثيرة وجلست على مقاهٍ كثيرة وكلها كانت باردة.
كنت أسير وكلماتها تتردد في أذني وهي تقول : "كالارواح بعد الموت"
هل كانت هذه رغبتها في العبور الى الجانب الآخر من هذا العالم؟ أم أنها كانت تحس بدنو النهاية؟
عدت الى الفندق في منصف الليل وفي الصباح حجزت تذكرة العودة الى الوطن، بقيت روزينا ذكرى جميلة لكل المعاني السامية والمشاعر البشرية الدافئة.

بعد خمسة أشهر من عودتي الى الوطن تلقيت تلك الرسالة من "روزينا" وبقيت على أحر من الجمر منتظراً رسالتها التي وعدت بها والتي جائت بعد أسبوعين
  #6  
قديم 31/12/2010, 06:30 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

رسالة "روزينا"

عزيزي حميد
أعلم أن في رأسك الكثير من الاسئلة وسأحاول في رسالتي هذه أن أجيب عنها ، وسأبدأ من أبي.
أبي يحمل جنسية مزدوجة فرنسية وإيرانية وقد عمل لفترة في المؤسسة النووية الفرنسية ، في العام الماضي وأثناء وجوده بيننا في إجازة أقنعه أحد أصدقاءه بأن يذهب الى إيران للمطالبة بأملاك جدي التي صودرت بعد الثورة، وبالرغم من أن أبي لايثق في النظام القائم في إيران إلا أن ذلك الصديق أكد له أنه سيستثمر علاقاته ببعض ذوي النفوذ لاسترجاع الأملاك المصادرة.
بمجرد إنقطاع أخباره عنا في إيران أيقنت أنه وقع في فخ والشيء الوحيد الذي استطعت أن أفكر فيه أنهم بحاجة لخبرته في المجال النووي.
بعد رفضه التعاون معهم بالرغم من إستنفاذهم كل أساليبهم القاسية وجدوا أن أنسب وسيلة للضغط عليه هي من خلال أسرته وكنا جميعاً بما فيهم أنا بالطبع تحت مراقبة المخابرات الايرانية.
بلغاريا تعتبر بلد مفتوح للمخابرات الايرانية وهناك كنت أنا هدفاً سهلاً لهم، لقد تأكدت من وجودهم حولي يوم كسر باب فلتك في "كوكيري" فقد كانو يريدون التأكد أنك لست عميلاً لجهة أخرى.
من المؤكد أيضاً أن ذهابي بتلك الكيفية للمستشفى كان مدبراً وهذا يعني أن طعام العشاء الذي تناولته كان قد دس به شيء، وجود مندوب السفارة الايرانية في فارنا بالطبع لم يكن صدفة وقد تدبر نقلي الى مستشفى في صوفيا وفي الصباح تم نقلي مباشرة الى السفارة الايرانية.
في السفارة أبلغوني أن أبي في طهران ويرغب برؤيتي وأن من مصلحته ومصلحتي ومصلحة إيران أن أقنعه بالتعاون معهم، عندها اتضحت أمامي الصورة ووعدتهم بالضغط على أبي حرصاً على سلامته.
بعد وصولي إلى طهران تم التحفظ علي لمدة يومين في مكان أجهله أبلغت بعدها أن أبي قد توفي في المستشفى نتيجة أزمة قلبية والارجح أن هذا غير صحيح، لم يسمحوا لي برؤيته وسلموا الجثمان لصديقه الذي أقنعه بالمجيء إلى إيران لتنفيذ مراسم الدفن.
حتى هنا لم أبدي أي ضعف وتحليت بعزيمة قوية تجاههم ولعل هذا ما جعلهم يخشون من ردة فعلي إن هم أطلقوني، وفي محاولة لكسر عزيمتي أودعت الحبس الانفرادي ثم مستشفى الأمراض العصبية ثم سلمت لعمي المقيم هنا .
كانت إيران الداخل بالنسبة لي دوماً هي الجانب المظلم البارد من القمر، واليوم أنا في هذا الجانب وألمح الكثير من بقع الضوء والدفء التي أخبرتني عنها ، وقد عبرت اليها بتلك الطريقة العجيبة المؤلمة.
ماذا تتوقع مني الآن؟
لقد قررت البقاء هنا، هنا أنتمي ، سأكيف نفسي وأبحث عن بقع النور والدفئ في هذا الوطن.
أنا متأكدة أنك قلت ماقلت ذلك اليوم عن تجربة وخبرة، فهل كانت عمان يوماً في الجانب المظلم من القمر ثم أصبحت في الجانب المضيء؟
عزيزي حميد، أنا في طهران أرتدي الحجاب والعباءة السوداء فإن جئت الى طهران فتفطن في الوجوه فلعل عينانا تلتقيان في بقعة من بقع النور والدفء.
أهلاً بك دوماً في طهران.
روزينا
  #7  
قديم 01/01/2011, 02:58 PM
صورة عضوية Oman141
Oman141 Oman141 غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 21/07/2009
الإقامة: على شاطئ الهذيان
الجنس: ذكر
المشاركات: 182
افتراضي

مساء الخير

راق لي ما خطته اناملك الذهبية في صفحات طهران

هو جميل بالفعل ماخطته اناملك الراقيه من حروف

ومميز ما نثرته في صفحه الابداع

الله يعطيك العافيه على روعه ابداعك ورقي طرحك




طابت أوقاتك بما تتمناه من خير
__________________
.............

غزاني الشيب والدهر لم يزل*** قديم العهد بالسلب والمحن

۞قديم العهد۞

@@@
  #8  
قديم 02/01/2011, 01:16 PM
صورة عضوية ديالا علي
ديالا علي ديالا علي غير متصل حالياً
عضو مميز
 
تاريخ الانضمام: 11/04/2010
الإقامة: الــــــــــــــــــعامرات
الجنس: أنثى
المشاركات: 2,018
افتراضي

ابداااااااااااااااع بأسلوب مشوق
__________________
((شفت الخيول الجامحه))؟؟؟ هذي انا ناظر جموح الخيل تعرف عزتي شفت النجم في الليل يرمي بالسنا انا نظير سهيل حاذر رميتي

(((
لا إله إلا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين
)))

لمـــاذا أنـــــــــا ؟؟؟ وأنت من تكـــــــــــــــــــــــ ـــــــــون؟؟
  #9  
قديم 02/01/2011, 03:47 PM
صورة عضوية برنسوو
برنسوو برنسوو غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 03/10/2010
الإقامة: في قلوب الاحبه
الجنس: ذكر
المشاركات: 710
افتراضي

__________________
فكرت توقيعي هنا وش يبي يكون.....ضحكة قلم؟؟؟صوره؟؟ اخليه فاضي؟؟
\ \
البيت "" عياااااااا لا يجي معي موزون
والصوره اكبر من جدار افترااضي!!!!
\ \
احترت وش اكتب هنا الف مضمون ..
لكن ترا قررت اخليه فاضي
  #10  
قديم 02/01/2011, 05:50 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة برنسوو مشاهدة المشاركات
ولك مثله أخي.....

خربطت سبلة السرد فوق تحت يا خوي
  #11  
قديم 04/01/2011, 09:08 AM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

أختي ديالا
أخي oman

شكرا لكما
__________________
مــــدونـــتــي

http://baithumaid.blogspot.com/
  #12  
قديم 04/01/2011, 04:46 PM
من دولة عمان من دولة عمان غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/10/2010
الإقامة: أهم حاجة أني في عمان
الجنس: ذكر
المشاركات: 278
افتراضي

اقتباس:
أيها القارئ الكريم، أعرف أن ما أكتبه ليس بذي قيمة أدبية على الاطلاق ولكني سأكون سعيداً جداً لو استطعت أن أوحي لأي أحد بفكرة مفيدة، أو ساعدته على استنباط معنى معين أو أي شيء مفيد، ولو لفرد واحد فقط.

بوركت أناملك بيت حميد
والفكره واصله
  #13  
قديم 04/01/2011, 04:56 PM
صورة عضوية No_One
No_One No_One غير متصل حالياً
عضو مميز
 
تاريخ الانضمام: 12/06/2007
الإقامة: بالسفارة
الجنس: ذكر
المشاركات: 3,780
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى No_One إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى No_One
افتراضي

بصراحه عجبني السرد والقصه الحقيقية
طلعوا ما سهلين
حمدلله على سلااتك
والله يعين الاارانيهيم
  #14  
قديم 04/01/2011, 05:42 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة من دولة عمان مشاهدة المشاركات
بوركت أناملك بيت حميد
والفكره واصله
شكرا لك اخي من دولة عمان

تخجلني دائماً بكرمك
__________________
مــــدونـــتــي

http://baithumaid.blogspot.com/
  #15  
قديم 04/01/2011, 05:44 PM
بيت حميد بيت حميد غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 28/08/2010
الإقامة: البريمي
الجنس: ذكر
المشاركات: 505
افتراضي

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة No_One مشاهدة المشاركات
بصراحه عجبني السرد والقصه الحقيقية
طلعوا ما سهلين
حمدلله على سلااتك
والله يعين الاارانيهيم
جزيتم الجنة وسلمكم الله من كل مكروه
__________________
مــــدونـــتــي

http://baithumaid.blogspot.com/
 


قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى

مواضيع مشابهه
الموضوع كاتب الموضوع القسم الردود آخر مشاركة
أهلاً رمضان bliss السبلة الدينية 3 11/08/2008 10:29 AM
مهلاً .. !! ولد النور سبلة الشعر والأدب 1 27/04/2008 05:03 PM
أهلاً بالفلاطحة .. أبو جوري سبلة ترويح القلوب 23 31/03/2008 07:03 PM
((((( مهلاً ياحكوتنا الرشيدة مهلاً ))))) محمدالبلوشي السبلة العامة 13 27/05/2007 10:00 PM
أهلاً بالجميع عُمـOMANـان السبلة الاجتماعية والتربوية 12 18/12/2006 04:20 PM



جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 10:56 AM.

سبلة عمان :: السنة ، اليوم
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها