سبلة عمان
سبلة عُمان أرشيف سبلة العرب وصلات البحث

العودة   سبلة عمان » السبلة العامة

ملاحظات \ آخر الأخبار

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع أنماط العرض
  #1  
قديم 03/11/2009, 09:16 PM
صورة عضوية الدولة الحكيمة
الدولة الحكيمة الدولة الحكيمة غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 27/05/2007
الإقامة: المجهول
الجنس: ذكر
المشاركات: 130
افتراضي الفساد الاداري ؟؟؟؟مفهومه ومظاهره واسبابه

تعتبر ظاهرة الفساد والفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ إبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر. إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون وعلم السياسة والاجتماع، كذلك تم تعريفه وفقاً لبعض المنظمات العالمية حتى أضحت ظاهرة لا يكاد يخلو مجتمع أو نظام سياسي منها.

وهنا نسلط الضوء على مفهوم الفساد، مظاهره، أسبابه والآثار والانعكاسات المؤثرة ثم نعرج على تجربة العراق في الفساد الإداري محاولين تسليط الضوء على خصائص وإبعاد هذه التجربة والآثار السلبية الناتجة عنها ثم نأتي إلى وضع ابرز الحلول والمعالجات الموضوعية للحد من تأثير هذه الظاهرة على المجتمعات البشرية.

أولاً:- تحديد مفهوم الفساد.

يقتضي الاتفاق في معظم البحوث الأكاديمية على تحديد معنى المصطلحات المستخدمة ومضمونها حتى ينحصر الجدل في إطاره الموضوعي، واستناداً إلى ذلك، فإنه يمكن تعريف الفساد لغةً واصطلاحاً.

الفساد لغةً:- الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. فهو (الجدب أو القحط) كما في قوله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) (سورة الروم الآية41) أو (الطغيان والتجبر) كما في قوله تعالى (للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً) (سورة القصص الآية83) أو (عصيان لطاعة الله) كما في قوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً إن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم عذاب عظيم) (سورة المائدة الآية33) ونرى في الآية الكريمة السابقة تشديد القرآن الكريم على تحريم الفساد على نحو كلي، وإن لمرتكبيه الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة.

الفساد اصطلاحاً:- ليس هناك تعريف محدد للفساد بالمعنى الذي يستخدم فيه هذا المصطلح اليوم، لكن هناك اتجاهات مختلفة تتفق في كون الفساد هو إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص.

ويحدث الفساد عادة عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة. كما يمكن للفساد إن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية) أو سرقة أموال الدولة مباشرةً.

إن ظاهرة الفساد الإداري ظاهرة طبيعية في المجتمعات الرأسمالية حيث تختلف درجات هذا الفساد إلى اختلاف تطور مؤسسة الدولة. إما في بلدان العالم الثالث فإن لفساد مؤسسات الدولة وتدني مستويات الرفاه الاجتماعي تصل إلى أقصى مدياتها، وهذا ناتج عن درجة التخلف وازدياد معدلات البطالة. فالفساد قد ينتشر في البنى التحتية في الدولة والمجتمع، وفي هذه الحالة يتسع وينتشر في الجهاز الوظيفي ونمط العلاقات المجتمعية فيبطيء من حركة تطور المجتمع ويقيد حوافز التقدم الاقتصادي.

إن الآثار المدمرة والنتائج السلبية لتفشي هذه الظاهرة المقيتة تطال كل مقومات الحياة لعموم أبناء الشعب، فتهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات وتعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة الناس.

إن الفساد له آلياته وآثاره ومضاعفاته التي تؤثر في نسيج المجتمعات وسلوكيات الأفراد وطريقة أداء الاقتصاد وتعيد صياغة (نظام القيم) وهناك آليتين رئيسيتين من آليات الفساد:

1. آلية دفع (الرشوة) و(العمولة) (المباشرة) إلى الموظفين والمسؤولين في الحكومة، وفي القطاعين العام والخاص لتسهيل عقد الصفقات وتسهيل الأمور لرجال الأعمال والشركات الأجنبية.

2. وضع اليد على (المال العام) والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصهار والأقارب في الجهاز الوظيفي.

وهذا النوع من الفساد يمكن تسميته بـ(الفساد الصغير) وهو مختلف تماماً عن ما يمكن تسميته بـ(الفساد الكبير) المرتبط بالصفقات الكبرى في عالم المقاولات وتجارة السلاح، ويحدث مثل هذا الفساد الكبير عادةً على المستويين السياسي والبيروقراطي مع ملاحظة إن الأول يمكن أن يكون مستقلاً بدرجة أو بأخرى، عن الثاني أو يمكن أن تكون بينهما درجة عالية من التداخل والتشابك. إذ عادةً ما يرتبط (الفساد السياسي) بالفساد المالي حين تتحول الوظائف البيروقراطية العليا إلى أدوات للإثراء الشخصي المتصاعد.

ومع تعدد التعاريف المتناولة لمفهوم الفساد، إلى أنه يمكن القول إن الإطار العام للفساد ينحصر في سوء استعمال السلطة أو الوظيفة العامة وتسخيرها لقاء مصالح ومنافع تتعلق بفرد أو بجماعة معينة.

ثانياً:- مظاهر الفساد:

والفساد من حيث مظهره يشمل أنواع عدة منها:-

1. الفساد السياسي:- ويتعلق بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام التي تنظم عمل النسق السياسي (المؤسسات السياسية) في الدولة. ومع أن هناك فارق جوهري بين المجتمعات التي تنتهج أنظمتها السياسية أساليب الديمقراطية وتوسيع المشاركة، وبين الدول التي يكون فيها الحكم شمولياً ودكتاتورياً، لكن العوامل المشتركة لانتشار الفساد في كلا النوعين من الأنظمة تتمثل في نسق الحكم الفاسد (غير الممثل لعموم الأفراد في المجتمع وغير الخاضع للمساءلة الفعالة من قبلهم) وتتمثل مظاهر الفساد السياسي في: الحكم الشمولي الفاسد، وفقدان الديمقراطية، وفقدان المشاركة، وفساد الحكام وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية.

2. الفساد المالي:- ويتمثل بمجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص ومراقبة حسابات وأموال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات، ويمكن ملاحظة مظاهر الفساد المالي في: الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في التعيينات الوظيفية.

3. الفساد الإداري:- ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام إثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية التي لا ترقى للإصلاح وسد الفراغ لتطوير التشريعات والقوانين التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صناع القرار والمشرعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار. وهنا تتمثل مظاهر الفساد الإداري في: عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار الوظيفة والخروج عن العمل الجماعي.

والواقع إن مظاهر الفساد الإداري متعددة ومتداخلة وغالباً ما يكون انتشار احدها سبباً مساعداً على انتشار بعض المظاهر الأخرى.

4. الفساد الأخلاقي:- والمتمثل بمجمل الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك الموظف الشخصي وتصرفاته. كالقيام بإعمال مخلة بالحياء في أماكن العمل أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون أذن أدارته، أو أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الاجتماعي الذي يسمى (المحاباة الشخصية) دون النظر إلى اعتبارات الكفاءة والجدارة.

ثالثاً:- أسباب الفساد وانعكاساته:-

للفساد أسباب وانعكاسات عديدة يمكن ملاحظتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، على أن هذا لا يعني أن الفساد مقتصر على وجود هذه العوامل الثلاث ولكن لأغراض البحث العلمي ولأهمية هذه العوامل في بنية وتكوين المجتمع يمكن رصد هذه الأسباب.

ففيما يتعلق بالجوانب والأسباب السياسية الملازمة لظاهرة الفساد، يمكن القول أن عوامل مختلفة تقف وراء شيوع هذه الظاهرة تتناغم في شدتها ودرجتها طردياً مع تنامي ظاهرة الفساد منها عدم وجود نظام سياسي فعّال يستند إلى مبدأ فصل السلطات وتوزيعها بشكل انسب أي غياب دولة المؤسسات السياسية والقانونية والدستورية وعند هذا المستوى تظهر حالة غياب الحافز الذاتي لمحاربة الفساد في ظل غياب دولة المؤسسات وسلطة القانون والتشريعات تحت وطأة التهديد بالقتل والاختطاف والتهميش والإقصاء الوظيفي. وهناك عامل آخر يتعلق بمدى ضعف الممارسة الديمقراطية وحرية المشاركة الذي يمكن أن يسهم في تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي ذلك أن شيوع حالة الاستبداد السياسي والدكتاتورية في العديد من البلدان يسهم بشكل مباشر في تنامي هذه الظاهرة وعندها يفتقد النظام السياسي أو المؤسسة السياسية شرعيتها في السلطة وتصبح قراراتها متسلطة بعيدة عن الشفافية، فضلاً عن حرية نشاط مؤسسات المجتمع المدني.

كما يمكن لظاهرة الفساد أن تأخذ مداها وتبلغ مستوياتها في ظل عدم استقلالية القضاء وهو أمر مرتبط أيضاً بمبدأ الفصل بين السلطات إذ يلاحظ في معظم البلدان المتقدمة والديمقراطية استقلالية القضاء عن عمل وأداء النظام السياسي وهو ما يعطي أبعاداً أوسع فعالية للحكومة أو النظام السياسي تتمثل بالحكم الصالح والرشيد، فاستقلالية القضاء مبدأ ضروري وهام يستمد أهميته من وجود سلطة قضائية مستقلة نزيهة تمارس عملها بشكل عادل وتمتلك سلطة رادعة تمارسها على عموم المجتمع دون تمييز. وهنا فأن السلطة الرادعة هذه تعتبر من أهم مقومات عمل السلطة القضائية لتأخذ دورها في إشاعة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع.

هناك عامل آخر يمكن أن يسهم في تفشي ظاهرة الفساد متمثل بقلة الوعي (الوعي السياسي) وعدم معرفة الآليات والنظم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة. وهو أمر يتعلق بعامل الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون الدولة.

يضاف إلى تلك العوامل والأسباب السياسية المتعلقة بظاهرة الفساد عوامل أخرى اقتصادية منها: غياب الفعالية الاقتصادية في الدولة ذلك أن اغلب العمليات الاقتصادية هي عبارة عن صفقات تجارية مشبوهة أو ناتجة عن عمليات سمسرة يحتل الفساد المالي فيها حيزاً واسعاً، وهو ما سينعكس بصورة أو بأخرى على مستوى وبنية الاقتصاد الوطني، إذ ستؤثر هذه العمليات على مدى سير عملية تنفيذ المشاريع وبالتالي على عملية الإنتاج. من جهة أخرى، أن مستوى الجهل والتخلف والبطالة يشكل عامل حاسم في تفشي ظاهرة الفساد ذلك أن قلة الوعي الحضاري ظلت ملازمة أو ملتزمة بالرشوة. كما أن ضعف الأجور والرواتب تتناسب طردياً مع ازدياد ظاهرة الفساد.
  مادة إعلانية
 


قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى

مواضيع مشابهه
الموضوع كاتب الموضوع القسم الردود آخر مشاركة
الفساد الاداري ؟؟؟؟مفهومه ومظاهره و الدولة الحكيمة السبلة العامة 0 03/11/2009 09:15 PM
الفساد الإداري.. مفهومه ومظاهره وأسبابه الدولة الحكيمة سبلة السياسة والاقتصاد 9 01/05/2009 12:24 AM
تعريف الفساد الاداري لغريب سبلة السياسة والاقتصاد 2 05/08/2008 04:36 PM
الفساد الاداري ام كشة السبلة العامة 7 08/10/2007 02:25 PM



جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 11:18 AM.

سبلة عمان :: السنة ، اليوم
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها