الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، يسّر بفضله ومنته حفظ كتابه لمعشر الأخوات والنساء الطيّبات، فرأينا فيهنّ تحقيق موعود الله بتيسير القرآن للحفظ والذّكر، كما قال عزّ وجلّ : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [ القمر :40 ] .
أما بعد :
فيا حافظة القرآن هنيئاً لكِ فقد استعملك الله لحفظ كتابه في الأرض:
فكنتِ ممن حقق الله بهم موعوده في قوله: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [ الحجر : 9 ] .
يا حافظة القر آن لا تستقلّي ما فعلتِ فإنّ ما بين جناحيك هو العلم :
قال الله تعالى : ( بَلْ هُوَ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) [ العنكبوت : 49 ] .
ففي صدرك كتاب لا يغسله الماء، وقد جاء في الكتب المقدسة في صفة هذه الأمة : "أناجيلهم في صدورهم" .
________________________________________
يا حاملة القرآن أنت المحسودة بحقٍّ، المغبوطة بين الخلق :حسدكِ هو الحسد الجائز، قال النبي : "لا تَحَاسُدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ : لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ " [ رواه البخاري 6974 ] .
والحسد الجائز هو الغبطة وهي تمني مثل ما للغير من الخير دون تمني زوال النعمة عنه .
________________________________________