[الشتاء الأخير]

(5)

(( مع طفله ..))

براءة تفطر القلب و تأسره تحاور الغسق
والليل بين ضفائرها

يبعث روائح البقاء والخلود ..
طفلة خلدّت الجمال على خدها
وقبلتها التي طبعتها
قبل أن ترحل من الدنيا

في ليلة شتوية باردة ..
جلس الأب ينتظر لها وهي مستلقية
على السرير من تعب الحمى ..

قالت : أبي تحبني

قال : أحبك كثيرا يا روح أبيك

قالت : مالي أرى الحزن بعينك

قال : أنا ويضع على شفتيه ابتسامة مصطنعه

سقطت الدمعة من عينه قبلها وهو ينظر لها

قالت : أبي لا أريد أن أرى دموعك تسقط

لا يا أبي

قال : يا روح أباك كوني قريبة من حضني

غدا أن شاء الله سوف نرحل سويا للبيت

قالت : لديّ أحساس أني لن أعود

واني راحلة

أحتضنها وهو يبكي

قالت : أبي .. أبي

قال وهو يتشنج من البكاء

نعم

قالت : اشعر بحرارة جسدك تدفئني

أشعر ببروده شديدة ضمني أكثر

قالت : أبي ترى كيف يكون الموت

قال : ولما تذكرين الموت الآن

قالت : أشعر إنه قريب جدا

نظر لها والصمت عنوان شفتيه والدموع طريق وعنوان خدوده

قالت : أبي .. تقولها متقطعة أ....ب ....ي

وهي بين حضنه ينظر لها

تسقط يدها

قال: أبنتي .. أبنتي

بكى بكاء مرا

ماتت .. رحلت إلى ربها ..

قبلها على جبينها وخدها ..

وجلس بجانبها يبكي

رحلت البريئة إلى بارئيها

أخذت الربيع .. ليبقى له منها

ذكريات خالدة في قلبه وعقله وصورا

لها حين كانت في معافاتها قبل الحادث الأليم

الذي عانت منه أياما بسيطة قبل أن تنتقل إلى ربها .