عرض المشاركة وحيدة
  #3  
قديم 23/01/2011, 05:40 PM
صالح عبدالله البلوشي صالح عبدالله البلوشي غير متصل حالياً
كــاتب
 
تاريخ الانضمام: 08/09/2010
الإقامة: مسقط
الجنس: ذكر
المشاركات: 201
افتراضي

هل كان الحسين يعلم أنه سوف يقتل ؟

في سنة 1970 نشر العالم الإيراني الإصلاحي نعمة الله الصالحي كتابه المثير للجدل ” الشهيد الخالد ” وقد أعقب صدور الكتاب عاصفة من الانتقادات شملت المؤلف والكتاب معا وقد طرح المؤلف في مقدمة الكتاب سؤالا أساسيا جعله ليكون محورا لكتابه حيث قال في مقدمة الكتاب : ” مضت سنوات أسمعهم يقولون لقد خرج الحسين كي يسيل دمه وتسبى نساؤه وكنت دوما أرتعش من هذا الكلام وأنزعج منه وأقول في نفسي : لماذا يقوم إمام يجب أن تغلي الدماء المقدسة الحارة في عروقه ويمنح المجتمع الإنساني حرارة ودفئا ويتحرك وينير ويكون دعما للإسلام والمسلمين لماذا يسفك بيده دمه الطاهر الحار على التراب ويحرم العالم الإسلامي من مثل هذا القائد العظيم ؟ ” (6)

وقبل أن ننتقل إلى محاولة الشيخ الصالحي الإجابة على هذا السؤال المهم والمحاط بسياج هائل من الايدولوجيا الدينية الممتدة إلى مئات السنين نحاول البحث في القراءات الرئيسية للثورة الحسينية :

القراءة الأولى : القراءة الأسطورية :

وقد تطورت بشكل كبير في العصر الصفوي وبواسطة الاستعانة ببعض العروض الفولكلورية المرتبطة بطقوس التراجيديا والحزن المسيحية المستوردة من القوقاز كما قال بذلك بعض مفكري الشيعة المتأخرين أمثال الدكتور مرتضى المطهري والدكتور علي شريعتي والأستاذ احمد الكاتب وغيرهم وقد جعلت من كتاب ” روضة الشهداء ” للشيخ حسين الكاشفي ( المتوفي سنة 910 ) مرجعها الرئيسي في الاعتماد على الرؤية الشيعية لحادثة الطف ومن الغريب أن مؤلف هذا الكتاب هو من أهل السنة وليس شيعيا واعتقد انه من الصوفية لأن الروايات الواردة فيه توافق العقيدة الشعبية لحادثة كربلاء التي اعتمدتها الدولة الصفوية ومؤسساتها الدينية للتشيع ورغم الانتقادات الكبيرة التي وجهت للكتاب من قبل العديد من المحققين الشيعة المتأخرين إلا إن الكتاب لا زال المرجع الأول والرئيسي لأغلب الحسينيات والأماكن التي تقرا فيها السيرة الحسينية وبالإضافة إلى هذا الكتاب هناك مراجع اخرى مثل كتاب ” مثير الأحزان ” لابن نما الحلي وكتاب منتخب الطريحي أو الفخري وهو لفخر الدين الطريحي النجفي ( 979 – 1085 ) وكتاب ” أسرار الشهادة ” للدربندي ( المتوفي سنة 1286 ) الذي يعتبره بعض الباحثين الشيعة بأنه يمثل قمة التزييف والتحريف للثورة الحسينية وأهدافها الرئيسية إلا إن الكتاب لا يزال يحظى بالإقبال الشعبي من قبل المتدينين بغض النظر عن الروايات الساقطة التي تحويه بين دفتيه إضافة إلى كتب أخرى متعددة لا يسع المجال ذكرها جميعا هنا .

القراءة الثانية : القراءة الإصلاحية والمعتدلة :

تتمثل في محاولة بعض علماء الشيعة من المحققين تطهير السيرة الحسينية من الروايات المنحرفة والمؤيدة للغلو والأفكار الغالية ولا شك بان محاولة المرجع الشيعي السيد محسن الأمين تعتبر ضمن المحاولات الرائدة في هذا المجال وخاصة في رسالته ” التنزيه لاعمال الشبيه ” والتي أفتى فيها بحرمة الضرب بالزنجيل والتطبير والتمثيل في مراسم عاشوراء وطرح الكتب القديمة المليئة بالروايات المدسوسة والضعيفة والاستعانة بدلا منها بالكتب الحديثة والمحققة إلا إن محاولته اصطدمت بالتيارات المتطرفة والمتشددة في المذهب والتي أفتت بعضها بمروق السيد محسن الأمين وخروجه عن المذهب إضافة إلى محاولات السيد ابو الحسن الأصفهاني والشيخ نعمة الله الصالحي والمرجع الديني البرودجري والتي للأسف الشديد لم تستمر وفي العصر الحديث نذكر وبكل تقدير محاولة السيد محمد حسين فضل الله والتي تعتبر من انجح الدعوات الإصلاحية في تاريخ التشيع ونالت نجاحا كبيرا في بعض البلدان وأستطيع أن أضم إلى هذه الفئة كثيرا من علماء ومفكري أهل السنة الذين رأوا في الثورة الحسينية إنها كانت ثورة من اجل إحياء قيم العدالة والمساواة والإصلاح الاجتماعي في المجتمع التي داس عليها الخليفة الأموي الشاب يزيد بن معاوية الذي كان غارقا في الملذات والشهوات الدنيوية وأحب ان اذكر هنا كتاب ” الحسين شهيدا وثائرا ” للكاتب اليساري المصري عبدالرحمن الشرقاوي

القراءة الثالثة : القراءة الأموية :

تعتقد هذه القراءة بان الحسين أخطا في الخروج على سلطة الخليفة يزيد بن معاوية وبالتالي فقد كان يستحق القتل وفق هذه الرؤية ويعتبر الفقيه المالكي أبن أبي العربي إمام هؤلاء جميعا ورئيسهم حيث قال في كتابه ” العواصم من القواصم : ” وما خرج إليه أحد إلا بتأويل ولا قاتلوه إلا بما سمعوا من جده المهيمن على الرسل المخبر بفساد الحال المحذر من الدخول في الفتن وأقواله في ذلك كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم ” انه ستكون هنات وهنات فما أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ” فما خرج الناس إلا بهذا وأمثاله ” . (7 (

إذن فوفق هذا المنطق الأموي الأعوج والتوظيف السياسي المتطرف للنصوص الدينية التي تدور في اغلبها الكثير من علامات الاستفهام الكثيرة فإن من قتلوا الحسين وسبوا أهل بيته إلى يزيد كانوا ينفذون أوامر الرسول فقط وذهب معه في هذا الرأي والاعتقاد الشيخ عبدالمغيث الحربي في رسالة صنفها في فضائل يزيد بن معاوية وقد رد عليه العلامة الكبير أبن الجوزي الحنبلي في كتاب ” الرد على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد ” وأبان فيه خطئه في هذا المذهب وانحرافه عن العترة ومن المعاصرين الشيخ هزاع الشمري في كتابه ” أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .. الخليفة المفترى عليه ” وقد كان من المقررات الدراسية في المملكة العربية السعودية إلى وقت قريب والشيخ إبراهيم الجبهان الذي تطرف في رأيه في يزيد بحيث تمنى في كتابه ” تبديد الظلام وتنبيه النيام ” أن يكون في عصرنا ألف يزيد للتخلص من الشيعة حسب إدعاءه .


يتبع
__________________
وقد صار قلبي قابلا كل صورة * * * فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وبيت لنيران وكعبة طائف * * * وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت *** ركائبه فالحب ديني وإيماني


العارف الأكبر محي الدين بن عربي