عرض المشاركة وحيدة
  #12  
قديم 02/11/2010, 12:29 PM
synop synop غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 20/08/2010
الإقامة: مستودع المجد
الجنس: ذكر
المشاركات: 260
افتراضي

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة محسن الغريبي مشاهدة المشاركات
*
*
*
بسم الله أحمده واشكره على نعمائه ...

الناس اليوم بين عيدين ورمضان و مدرسة ... فرحين بعد صيام متأهبين بعد صيف طويل ، مقبلين على حج عظيم ... تفتك المصاريف بهم فتكا والدين لاحقا بهم لا محالة ، غارقين سابحين بين هموم و غُموم ...

منا من لا يعرف من البنك سوى آلة السحب فلا إيداع غير الراتب ولا أموال مجمدة ولا حسابات جارية ، بل حساب توفير (والأولى تسميته حساب صرف وتشحيب) يطنطن عليه الذباب ، حتى رقم البطاقة عاد في طي النسيان ، لا يزور تلك الآلة غير مرة في الشهر ... يصطف ينتظر دوره أمامها تلك الآلة الكريمة المعطاء وطابور المحترمين خلفه يسترجعون أرقام البطاقات ...

يكتم أنفاسه من الدين ، فيهرج ويمرج مع أصحابه وزملاء العمل وكأنه يسبح في المال ، وقابضا عابسا في البيت كأن حمى البحر الأحمر المتوسط غاشية عليه ، ينقر الصلاة يفكر في ملابس العيد والأضحية ، وينام عن وقت العمل ، سهران يستحضر مقرض جديد ، يغرغر طوال الليل وكأن ملك الموت يزوره في منامه ... يظن أن زوجته غارقة في النوم ، يصبح عليها نعسان ويمسي عليها كربان ... وهي منقبضة الصدر كاتمت النفس ، تطبخ العدس وتبيع المندوس ، فلم يبقى فيه فضة ولا ذهب ولا حتى خردة من شيء نسميه شبه ذهب ...

الحال لم يتغير منذ خمسة وعشرين عاما في وظيفة مريحة تسمى حكومية فيها أمان وصمام ضمان يسمى تقاعد خدمية مدنية .. ينقضي الدين بعد الدين والكثير منه منسي في اللوح المحفوظ ، ويتأسف على بعض أصدقائه ، هجروه لكثرة ديونه ...

وبعد هذه الآفات وأيام العسر المفرطة وإنقباض النفس كأنه يصعد الى السماء ، يفكر في الإنتحار أو حتى الإبتعاد والغربة والصيام لأيام عن فطائر الإفطار الصباحية (يقول لزملائه أنه دائما شبعان وبطنه يقرقر كأن عش غربان عليه) ...

يأتيه بصيص الأمل وعيد مبارك جديد ، تنزل عليه نزلة من السماء ، يشكر فيها نعمائه ويحمد أن رزقه من حيث لا يحتسب ... راتب وراتبين ، مع راتبي الشهري .. ما أجمله من شهر وما أسعدني من أب وكم أنا أفضل من أفضل شخص في الخليج العربي ...

يبدأ يحسب بيديه فلا تكفي ، فيأخذ الآلة الحاسبة ودفتر وقلم ويكتب:

1.الراتب الأساسي 300 ريال
2.راتبين أساسيين 600 ريال ، زايد راتبي 650 يساوي 1250
هنا يسجد لله شكرا على نعمائه وفضله ، ويدعوا بالحفظ والبقاء .. وينشد:

يا عيدي يا عيدي لو أقبلت قبل عيدي
عيدي عيدي لو تعود في كل السنين

يرجع للحساب والدفتر ...

1.مصاريف عيد الأضحى 150 ريال زايد كماليات وأضحيه ب 150 ريال (ماعزين سوريين)
2.مصاريف تجديد سيارة مع المخالفات 150 ريال
3.إغلاق فواتير المكتبة والخياط 150 ريال
4.تسديد دين متبقي للزملاء 200 ريال
5.المصاريف المنزلية حتى نهاية الشهر 200 ريال
يسجد سجدة أخرى لله ، يرى أنه في هذه السنة ومنذ عشرة سنوات لم يهنأ بأن بقي في حسابه 200 ريال للشهر القادم ، هذا إن لم يكن ناسيا فلم يحسب قسط السيارة أو الجمعية أو البنك ...

وهكذا ينتظر تأتي الأشهر القادمة تقضي على المدخر الجديد كي يعود الحال صفر الخفين واليدين والبطنيين لعشر سنوات أخريات ....

والشكر واجب على كل حال ...

دمتم بخير وعافية وسالمين أمنين ....
المكرمة أخي محسن كأنها صدقة وهي كالدواء المخدر لألم يكون مؤقتا وبعد زوال المخدر يعود الألم ، بينما الحل الجذري والعلاج الشافي لمعالجة اتزان المعادلة لا يكمن في هبة أو صدقة مؤقته .

الحمد لله على كل حال وشئ أحسن من لاشئ