المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : قصة واقعية في عمان


الهديرالراعد
05/10/2010, 07:53 AM
قصة قرن الجارية

وقعة هذه القصة في قرية هيل من ولاية سمائل حيث يوجد جبل صغير منفصل عن بقيت الجبال ويسمى هذا الجبل ( قرن الجارية) وكلمة الجارية في اللغة العربية واللهجة العمانية تحمل نفس المعنى أي (فتاة) وقد أطلق على الجبل هذا الاسم بسبب هذه القصة.

جاء إلى هذه القرية وهي قرية هيل بيدار (فلاح) غريب عن الدار أي عماني ولكن ليس من القرية وليس من القرى المجاورة لها عاش الغريب وتزوج واستوطن في قرية هيل.

ذات يوم قتل هذا الغريب إذ قتله جار له من اهالي القرية فلم يقم أحد بالثأر له ( وهي عادة قديمة من عادات الجاهلية التي كانت متبقية في عمان إلى وقت قريب ) ، لسببين رئيسيين الاول عدم وجود أقارب له في تلك القرية ، والقرية ذات قبيلة واحدة لا ينتمي هو إليها، والثاني أن زوجته أنجبت فتاه له – وليس الذكر كالأنثى – والأنثى لا يثأرن عادة.

ترعرعت الجارية في القرية يتيمة الأب ، وكانت امها توحي لها بأن أباها مات موتة طبيعية ، لكن الفتاة لما كبرت ، وبلغت مبلغ الجواري، وصارت تجلب مع فتيات القرية الحطب والماء، وبدات كلما قدمت عليهن يتهامسن ، لتسمع منهن كلمة ( جاءت بنت المظلوم ) حتى تأكدت بأنهن يقصدنها.

جلست الجارية مع والدتها في خلوة بينهما ، وسألتها عن سر (بنت المظلوم)، ولماذا والدها مظلوم؟ وما نوع الظلم الذي لحق به؟ ومن الظالم؟ ولماذا يطلق الاسم عليها؟ اسئله كثيرة ... حاولت الأم التنصل من أسئلة إبنتها ، إلا أن الفتاة أصرت على أمها إصراراً، واقسمت عليها مراراً، حتى أقرت لها بخبر مقتل والدها، وكلمة مظلوم تعني أيضا الذي لم يؤخذ بثأره، ثم اخبرتها بالقاتل ، ولكن الثأر لابيها لم يتم ، وذلك لأن أبيها غريب ليس من أهل القرية ، ليس له أخ أو عم أو إبن عم ولا ولد ذكر ، وان ذلك حدث منذ زمن بعيد، وطلبت الأم من إبنتها الصبر والنسيان، فتظاهرت الفتاة بعدم الإهتمام، إلا انها بنت نيتها على الإنتقام والثأر لأبيها.

أخذت الفتاة تنصب الشباك لقاتل والدها، وتفكر في أقرب السبل وأسهلها لجذبه والإنتقام منه ... فراحت تلاحقه بنظراتها إذا التقيا في طريق ... تبتسم، تحاول إقتحام قلبه والإحاطة به، فلا تزال تلتقطه بروح الفتاة المرحة الفاتنة ، حتى نسي ذلك الرجل أن والد هذه الفتاة ضحيته بالأمس، وربما تناسى أو ظن انها انثى لا تعلم عن الماضي شيء، وليس لها ولي أمر، فراح يراودها ويتودد إليها، وهي تواعده ولا تأتيه تعتذر بعذر، ولربما لا تجد عذرا فلا تتعذر ... ثم بدأت تواعده وتفي، لكنها تجعل اللقاء سريعا إذ إنها تخجل حينا وتعتذر بالتقاليد حينا، وكذلك تدعي إنتظار أمها لها ونحو ذلك من أعذار.

اتفق الإثنان أخيرا على موعد لقاء خارج القرية ، في مكان يسمى كف الصياد ، ويقال كف إختصارا لكلمة كهف، إذ إن المكان كهف في صفحة قرن هيل الذي أطلق عليه فيما بعد اسم قرن الجارية ، ونسب الكهف إلى الصياد لأن الصيادين ورعاة الغنم أيضا كانوا يطلعون هذا الجبل إلى الكهف للراحة، حيث أن مكان الكهف مرتفع ويهبه النسيم البارد، وقد اتفقا على اللقاء تحت الجبل على ان يصعدا إلى كف الصياد معا.

خرجت الفتاة مبكرة في ذلك اليوم على غير عادتها، متلهفة إلى اللقاء الذي إشتاقت إليه كما خرج ... وتم اللقاء قبل موعده ، في مكان فسيح تحت الجبل ، حيث تتكاثر الأشجار... حاول الموعود الإمساك بالفتاة فأخذت تجري ... تتظاهر بالهرب وتطلق ضحكاتها الصاخبة ... فيركض خلفها الرجل فإذا دنا منها صرخت وركضت لتهيب به وتشجعه... وتناديه إذا ابتعدا عن بعضهما .. يا كبير السن لا تستطيع الجري مثلي... فيجيبها بأنه شاب... فإن شعرت بإبتعاده قللت سرعتها أو تظاهرت بالسقوط فإذا دنى قفزت وجرت كأنها الغزالة، ويركض هو خلفها كجمل عليه حمل، ولا يزالان يجريان حتى شعرت بانه منهك من التعب، فاتجهت به إلى الجبل حيث كف الصياد تقول له سابقني ان كنت شابا، فكانت تجري ... حملها شبابها... نشوتها ورغبتها في الثأر لوالدها، أما قاتل والدها لم يكن يشعر طبعا بذلك بل كان يركض لهدف آخر، وكان يندفع بكل ما بقي لديه من قوة، يصارع التعب الذي الم به، وكانت كلما شاهدته مرهقا يتخبط بقدميه في الصخر يزداد بها النشاط ، إلا أنها تتظاهر بانها مرهقة لا تقوى على الحراك ولا على المقاومة، وانها مغلوب على أمرها، ولن تستطيع الوصول إلى كف الصياد إلا إذا حملها بين يديه، فيزيده ذلك حماسا فيضاعف جهده، أملا في الوصول إليها قبل أن تستريح.

سبقت الفتاة عاشقها إلى الكهف، وجلست فيه، وهو كهف ضيق لا يتسع إلى أكثر من شخص أو اثنين، فنادته : إذا لم تصل قبل أن أستعيد نشاطي فإنني سأصعد إلى قمة الجبل ، ولن تراني بعد اليوم، وقالت أنا رزمانة (مرهقة جدا) فاندفع بكل قوته ووصل إلى الكهف، وهو لا يكاد يرى من شدة التعب والعناء وما كاد يكون منها على مدى تناول اليد، حتى وكزته برجلها فانفلتت يداه من الصخور ، فتردى بين جنبات الجبل (القرن) ، فكالت عليه الجارية الحجارة ، وهو يتقلب ويستغيث، في وقت لم يترك له الإرهاق فيه مجالا لمعالجة موقفه البائس، ولا زالت الجارية مستغرقة في الفتك به حتى فارق الحياة.

اتجهت الفتاة بعد ذلك إلى القرية جريا، وقد توسطت السماء الشمس، معلنة ثأرها لأبيها من القاتل، وأنها لم تعد إبنة المظلوم، وأن والدها لم يمت ( عندنا نحن العمانيين- إذا مات الرجل ولم يترك رجالا من أبنائه يقومون مقامه أو على مستواه من النبل والشجاعة والاخلاق فنقول أنه مات )، وربما أن الفتاة، قالت إن أباها لم يمت تعني أنها ثأرت له فكأنها إبنه وليست ابنته.

فايزسعيد
05/10/2010, 12:38 PM
قصة جميلة جداً
.............................
دمت بود

حدود الشمس
05/10/2010, 12:45 PM
قصة جيلة جدا ولاكن هل الثأر كن هو الحل’’’’’

بنت الراشد2009
05/10/2010, 12:45 PM
الهدير الراعد...

أكرهُ الُثأر،،،

إلا أني أحببت قلمك..

الفتاة احيانا تكون ذو قلب فتى

لكِ الحب