المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : أوهام المصطلحات عند العقلانيين


أبو أحمد السلماني
09/05/2008, 08:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مجموعة رسائل في تفنيد مزاعم العقلانيين
الرسالة الأولى
أوهام المصطلحات عند العقلانيين

الحمد لله الكريم المنان ذي الفضل والجود والكرم والإحسان والإمتنان ، الذي ركب العقل في الإنسان ، وجعله مناط التكليف بحقائق الإيمان ، ووعد من اتبع هداه الفوز بنعيم الجنان ، وتوعد من اتبع هواه بالخلود في النيران ، أعاذنا الله برحمته وجميع المؤمنين من الذل والهوان ، ثم إنني أبتهل إلى الله ضارعا وهو الرحيم الرحمن ، أن يصلي ويسلم أفضل صلاة وأزكى سلام على سيد الثقلين صاحب الحوض المورود وأول من تفتح له أبواب الجنان ، نبينا محمد الذي نقاه الله وطهره من جميع النقائص والأغيان في السريرة والإعلان ، فاللهم استجب الدعاء وصل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك سيدنا محمد خير ولد عدنان ، وأنزله المقام المقرب عندك في أعلى فراديس الجنان ، وأوصل برحمتك الصلاة والسلام إلى آل بيته الطيبين الطاهري القلوب والأبدان ، وإلى أزواجه أمهات أهل التقى والإيمان ، وإلى أصحابه الغر الميامين الموعودين من ربهم بالمغفرة والرضوان ، وإلى كل من اقتفى أثرهم بالبر والإحسان ، إلى أن يقوم العباد بين يدي الملك الديان ، اللهم آمين برحمتك يا أرحم الرحمين .


أما بعد
فهذه سلسلة رسائل أوجهها إلى العقلانيين أتمنى أن يوفقني الله تبارك وتعالى ، وهو وحده سبحانه وتعالى ولي التوفيق ويمدني بالعون من لدنه في إنجازها كما أتمنى ، وهذه الرسالة الأولى أسميتها ( أوهام المصطلحات عند العقلانيين ) .
من هم العقلانيون :
العقلانيون هم فئة من المفكرين المسلمين يعرضون كل ما يصل إليهم من حقائق الغيب التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم على عقولهم ، فإن قبلتها عقولهم أخذوها وآمنوا بها ، وإن لم تقبلها عقولهم لا يسلمون بها كما وردت بل يؤولونها بما تستوعبه عقولهم حتى ولو كان التأويل مصادما لمقتضيات الإيمان بالغيب ، وهم مضطربون في إيمانهم بالغيب ، فتارة يقولون أن العقل لا يستطيع الوصول إلى معرفة حقائق الغيب وما عليه إلا التسليم والإيمان بما جاء في كتاب الله العزيز من حقائق الغيب ، وتارة نجدهم يعطلون قدرة الله سبحانه وتعالى - وهي من مقتضيات الإيمان بالغيب - إذا جاءت بما يخالف السنن الكونية ، كما سيتضح ذلك في غير هذه الرسالة ، وتحديدا عند ما نتعرض لمناقشة آراءهم في بعض القصص القرآني ، فهم يعتقدون أن الله تبارك وتعالى أقام هذا الكون وفق سنن كونية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، وأن قدرته سبحانه وتعالى لا تأتي بما يخالف تلك السنن الثابتة التي يدبر الله بها الكون منذ أن خلقه ، بمعنى أنهم ينكرون على الله أن يأتي بالخوارق ، أي أن قدرة الله تبارك وتعالى حبيسة سننه الثابتة ، لا تحيد عنها قيد أنملة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
ولهم في فكرهم هذا إصدارات كثيرة ، ومما اطلعت عليه من إصداراتهم كتابا ألف هنا في عمان من فبل مفكرين عمانيين عنوانه ( الإيمان بين الغيب والخرافة ) ، وهذا العنوان في حد ذاته ملفت للنظر ، فمفهومه أن الإنسان إما أن يكون مؤمنا بحقائق الغيب ، وإما أن يكون مؤمنا بالخرافات ، فهل هذا تصور معقول ؟ هل الإيمان بالخرافة هو المضاد للإيمان بالغيب ؟ بمعنى أن من لا يؤمن بالغيب فهو مخرف ؟ نحن لا نسلم بهذا ، ولكننا لا ننكره لمجرد أنه صادر عن العقلانيين ، ولكننا ننكره لأنه منكر لغة وشرعا .
أما اللغة فسوف نغوص في أمهات معاجم العربية لنتعرف على معنى كلمة الخرافة ومدلولاتها :
الخرافة ومدلولاتها في أمهات معاجم اللغة العربية :
يقول العوتبي في الإبانة : الخرافة : قول مستملح كذب ، وخرفته ، أي حدثته بالخرافة .
ويقول الفيروز أبادي في القاموس : خرف بالفتح و خرف بكسر الراء يعني فسد عقله .
ويقول ابن منظور في اللسان : إذا كثر كلام الرجل من خرف ، فهو الفند بمعنى الضعيف الرأي ، والفند والخرف يعني تغير العقل من الكبر أو المرض ، وقد يستخدم في غير الكبر ، وأصله في الكبر .
وقال صاحب كتاب العين خرف بكسر الراء خرفا بالتسكين ، أخرفه الهرم ، والخرافة حديث مستملح كذب ، وخرفت فلانا حدثته بالخرافات ، أقول : وقد مر عند العوتبي مثله .
ويقول صاحب مقاييس اللغة : الخرف فساد العقل من الكبر وهو شاذ ، أقول : لقد أصله ابن منظور كما تقدم ، وذكرها في مادة هتر ، والهتر هو السيء من القول ، وهتر الرجل خرف من الكبر ، أي تكلم بالسقط من القول ، وهذا أصل في الهتر .
وقال الميداني في معجم الأمثال : ومن الأمثال ( العلفوف مولع بالصوف ) ويضرب للمسن الخرف ، ومن ذلك يقال ( متى عهدك بأسفل فيك ) ويضرب للرجل يخرف قبل الخرف .
وفي تهذيب اللغة للأزهري : الهتر هو الخرف ، وعنه قال الأصمعي : إذا كثر كلام الرجل من خرف فهو الهتر .
ومما تقدم يتضح لنا بجلاء أن الخرافة هي : أكاذيب للتسلية إن صدرت من عاقل ( قول مستملح كذب ) ، وهي الهذيان إن صدرت من خفيف العفل (متى عهدك بأسفل فيك ) ، ومن ذلك يتبين أن الخرافة ومدلولاتها في اللغة العربية لا صلة لها لا بعالم الغيب ولا بعالم الشهادة ، أي لا صلة لها بالإيمان لا من قريب ولا من بعيد ، بل هي في حقيقتها الأساطير من القصص والحكايات ، ولا ترقى حتى إلى مستوى الكذب الجاد ، ولسنا هنا بصدد إصدار أحكام كي نبين موقعها في المعاصي .
الخرافة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وإذا رجعنا إلى الشرع فإننا لا نجد للخرافة ما يقابلها على الإطلاق لا في كتاب الله العزيز ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي القرآن الكريم لا نجد دكرا للخرافة ولا ما يرادفها ، فأين هذه الكلمة من الكفر ، ومن الضلال ، ومن اتباع الهوى ، ومن الظلم ، ومن الطغيان ، ومن الشرك ، هذه المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم لوصف الذين لا يؤمنون بالغيب ، ويكذبون الرسل ، ويعبدون ما يعبدون من دون الله من أنداد ، ويرتكبون صنوف المعاصي ، فهل نطلق على الشيخ الهرم الذي يتلفظ بالهذيان هذه المصطلحات ؟ أم نطلق على من يعبد الأوثان بأنه هتر مخرف لا يدري ما يقول ؟ ، فالله سبحانه وتعالى يفرق بين الهدى والضلال فيقول في سورة سبأ { قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله وإنآ أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } الآية (74) ، فهل من يكذب بأن الله هو الرازق من المخرفين ؟، والله سبحانه يفرق بين الحق والهوى فيقول عز من قائل في سورة المؤمنون {ولو اتبع الحق أهوآءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم م معرضون } الآية (71) ، وهذه الآية جآءت إثر ما ذكر الله عن كفار قريش من تكذيبهم بالرسول وبالحق الذي جآء به من عند الله ، فهل أساطين الكفر في مكة الذين وقفوا في وجه الرسالة والنبوة وبذلوا كل ما استطاعوا من إجل إخماد هذه الدعوة ووأدها ، هل هؤلآء مخرفون ؟

أبو أحمد السلماني
09/05/2008, 08:26 PM
والحق سبحانه وتعالى يقول في الذين يصمون آذانهم وقلوبهم عما يتلى عليهم من الآيات كما في سورة محمد { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولآئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوآءهم}الآية (16) فأين موقع هؤلآء من التخريف وقد أصروا على تعطيل كل حواسهم من أن يستمعوا إلى ما يتلى عليهم من البيان والنور والهدى ؟ ، ثم ان الله تبارك وتعالى وفي ثاني سورة في القرآن العظيم ، ومن بداية سورة البقرة ، صنف الناس في مواقفهم من الإيمان إلى ثلاثة أصناف ، متقين مؤمنين بالغيب يسيرون على هدى من الله ونور فهم على صراط مستقيم ، وكفار معاندين للحق يسيرون على خط معاكس تماما للصراط المستقيم ، قد ختم على قلوبهم ، وطمست أبصارهم ، وصمت آذانهم ، وصنف ثالث ، قد مرضت قلوبهم ، وانحرفت فطرتهم ، فهم يسيرون في خط سير متعرج فلا هم على الصراط المستقيم ، ولا هم على الصراط المعاكس ، فهم يسيرون على غير بصيرة بين الطريقين ، كالأعمى الذي يسير بين جدارين وليس له دليل ولا حتى معه عصا يتبين بها ما قرب منه ، فتارة يصطدم بالجدار الذي جهة اليمين وتارة يصطدم بالجدار الذي جهة اليسار ، أولآئك هم المنافقون ، فالمسلم ومنذ بداية معايشته لكتاب الله العزيز يعرف أنه يتعامل مع ثلاثة أصناف من البشر لا رابع لهم ، فهو يقرأ في سورة البقرة من الآية الثانية وحتى الآية الخامسة فيرى في هذه الآيات صفات المؤمنين الموقنين ، ثم يقرأ الآيتين السادسة والسابعة فيرى صفات أهل الكفر ، ثم يقرأ الآيات من الثامنة وحتى العشرين فيرى صفات المنافقين ، فأين مكان المخرفين من هذه الأصناف الثلاثة في موقفهم من الإيمان بحقائق الغيب ؟ ومع ذلك فإن الله تبارك وتعالى لم يطلق صفة الكفر على المنافقين ، فكيف تطلق جزافا على ناقصي العقل والمستهترين من السفهاء الذين بشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ؟ ، ونحن لا نتكلم هنا عن الولاية والبراءة ، ولا عن خاتمة من يموت وهو مصر على المنكرات من الأعمال ، فإن خاتمة المنافقين الذين يموتون مصرين على نفاقهم معلومة في كتاب الله العزيز ، { إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا } النساء الآية 140 ، ولكننا في هذه الدنيا نجري أحكام الإسلام على الناس وفق أعمالهم الظاهرة ، ولم نكلف بالبحث عن السرائر .
وإذا بحثنا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم نجد لهذا المصطلح وجودا في سنته عليه الصلاة والسلام إذ لم أقف على حديث ذكرت فيه كلمة الخرافة والمخرفين ، نعم لقد وردت أحاديث عن السحرة والمنجمين والكهنة ، وهي أحاديث كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ، ولا لمعرفة صحيحها من ضعيفها ومكذوبها ، لذلك وتأدبا مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقف عن ذكرها ، ولكن السؤال يتكرر هل نصنف السحرة والمنجمين الذين يزعمون أنهم يعلمون الغيب ، والذين يتحنثون على القبور معتقدين جازمين أنها تنفع وتضر من دون الله ، هل نصف هؤلاء بانهم مخرفون ؟ في زعم العقلانيين نعم هؤلاء هم المخرفون كما سيتضح في رسائلنا اللاحقة التي سنتابع فيها تفنيد مزاعمهم بإذن الله تعالى .
ولكنن وقبل أن أنختم هذه الرسالة أريد أن أقرر أن مصطلح الخرافة كما يطلقه العقلانيون ليس له أصل لا في شرع الله ولا في لغة العرب ، بل هو مصطلح متوهم يستخدمه العقلانينون ليلبسوا على المسلمين دينهم ، وليلمزوا المسلمين بأوصاف لا تليق أن تطلق على مسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ( المسلمون الخرافيون ) ، وهذا ما سيتضح في ما بعد ، فالعقلانيون يصفون من يؤمن بالكرامات ، ومن يؤمن بأن الله تبارك وتعالى حفظ نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ومن يؤمن بأن الله أرسل على إبرهة وقومه الطير الأبابيل ، يصفون هؤلاء بأنه مخرفون ، أي مثلهم مثل عابدي الأوثان ، وسواء كان هذا المصطلح من مبتكرات عقولهم الموغلة في الضلال ، أو من وحي شياطين الإنس الذين يطلقون على المسلمين مصطلحات تخرجهم من الإسلام ، مثل إطلاق مصطلح العلمانية على المسلمين ( المسلمون العلمانيون ) ، إذ لا يصح أن يطلق هذا المصطلح على مسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ، وإن ارتكب ما ارتكب من المعاصي ، ما لم يجحد بمعلوم من الدين بالضرورة ، لأن العلمانية في حقيقتها هي مصطلح سياسي لا علاقة بمعتنقيه بالدين فالعلماني تعني اللا ديني ، ولسنا هنا بصدد محاكمة العلمانية ، لأن موضوع بحثنا لا صلة له بالسياسة ، وإنما أردنا أن نلفت النظر أن على المسلم وخاصة إن كان من المفكرين ، أن يتبين ما يقول ، وأن يربأ بفكره أن يكون إمعة يتبع كل ناعق ، ففي الساحة كثير من المصطلحات وضعها غير المسلمين وأخذها المسلمون على أنها مسلمات ، وأخذوا يتحاورون فيها ويحاورون ، ويخاصمون فيها ويتخاصمون ، وهي ليست من الإسلام في شيء ، فما معنى صراع الحضارات ، وحوار الحضارات ، هل الحضارات تتصارع وتتحاور ، إذا فحضارة الفراعنة لا تزال حاضرة بيننا فلماذا لا نتصارع معها ؟ وكذلك جميع الحضارات التي أبقى الله سبحانه وتعالى آثارها لنا شاهدة على قهره سبحانه وجبروته ، أين الصراعات التي تنشب بينها وأين الحوارات التي تدور بينها ؟ الصراعات أيها العقلاء إنما تدور بين البشر إما لسبب عقائدي وإما لسبب مادي والحوار كذالك ، والقرآن علمنا هذا ، فربنا سبحانه وتعالى الذي يربينا نحن المسلمين على معرفة حقائق الأمور ونبذ سفاسفها ، علمنا أن نتعامل مع حائق الآمور دونما تزويق أو تغليف ، لأن التزويق والتغليف يخخلخل عنصر الجد عندنا ونحن نتعامل مع الأمور دون معرفة يحقائقها ، والحق سبحانه وتعالى في ميدان الصراع يقول لنا { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } البقرة (251) ، فالصراع بين البشر وليس بين الحضارات ، وفي مجال الحوار يقول سبحانه { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم } العنكبوت الآية ( 46) ، فالجدال والمحاورة بين الناس وليس بين الحضارات ، فالنسم الأشياء بمسمياتها لكي نعرف حقائقها ولا نكون إمعات نتبع كل ناعق ، فنحن المسلمون يربينا الله على بصيرة من هدي كتابه المبين ، وسنة نبيه الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ، ثم إننا نسأل العقلانيين أين الأمانة العلمية ، التي تقتضي أن يعرف الباحث المصطلحات التي هي مدار قضيته التي يبحثها ، فما هو تعريفهم للخرافة التي يطنطنون عليها ، وهل يتفق تعريف الخرافة الذي استخلصناه من معاجم اللغة العربية مع مرادهم من الخرافة ، هل الساحر مخرف ، أم كافر خارج من الملة بنص كتاب الله { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر } (102) سورة البقرة فالساحر متى ثبت بالدليل القاطع أنه يتعاطى السحر فهو إذا كافر ، هل يستوي هو ومن يرقي مرضى المسلمين بالرقى المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهل هذا في عرفكم مخرف ، لانصراف عقولكم عن قبول الروايات - وهو موضوع سنخصص له رسالة أخرى - فالخرافة وفق مفهومكم إما تكفير لمسلم ، وإجراء حكم الكفر عليه ، وإما إدخال كافر في مظلة الإسلام ، وإجراء أحكام المسلمين عليه ، فهل هناك لبس في الدين أعظم من هذا ؟؟؟ !!! .
وإنه لمن الأسف الشديد أن يخرج هذا الفكر من شباب مفكرين درسوا الشرع على منهج أهل الإستقامة ، الذي يفرق بين كفر الجحود وكفر النعمة ، والذي مقتضاه عدم إخراج كافر النعمة من مظلة الإسلام الواسعة ويجرون على كفار النعمة جميع أحكام الإسلام باستثناء الولاية والدعاء ، وخاصة عند الموت إذا علموا أنه مات مصرا على المنكرات ، وإننا لندعوا هؤلاء المفكرين إلى مراجعة أفكارهم وضبطها بضوابط طريقة أهل الإستقامة من حيث : سلامة الفهم للنصوص الشرعية ، والورع من أن ينقلوا سفاسف الأفكار والأقوال دونما ومحيص أو تروي ، وأن يعرضوا ما قد يعن لهم من أفكار على الأئمة السراة الضالعين في العلم ، المشهود لهم بالورع والتقوى والنصح للمسلمين ، والذين صقلتهم التجارب الطويلة مع ما يدور في الساحة من دسائس يراد بها إيقاد نار الفتنة بين المسلمين ، وخاصة أهل الإستقامة ، الذين يراهن عليهم على أنهم المستقبل المشرق لأمة الإسلام ، وما ذلك على الله بعزيز .
هذا ما ظهر لي في هذا الموضوع ، فإن كان موافقا للحق فهو من منن الرحيم الرحمن ذي الكرم والجود والإحسان ، وإن جانب الحق فهو من وساوس النفس والهوى والشيطان فأستغفر الله من كل خطل وزلل إنه هو سبحانه الغفور الرحيم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .