سبلة عمان
سبلة عُمان أرشيف سبلة العرب وصلات البحث

العودة   سبلة عمان » السبلة الثقافية » أرشيف السبلة الثقافية » سبلة الثقافة والفكر » سبلة الثقافة الرقمية

ملاحظات \ آخر الأخبار

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع أنماط العرض
  #1  
قديم 06/06/2010, 11:01 PM
هيثم بن سليمان البوسعيدي هيثم بن سليمان البوسعيدي غير متصل حالياً
كــاتـــب
 
تاريخ الانضمام: 09/12/2009
الإقامة: صحم
الجنس: ذكر
المشاركات: 54
افتراضي قصة قصيرة : أضغاث أحلام

تنبعث من كهوف الأحلام صور مروعة تطبع على جدران غرفتي ألواناَ من القلق وفصولاَ من الأرق، لم تقترب من طفولة قلبي منذ زمن ولم تصل إلى عُذرية ذاكرتي منذ أمد.

أتعجب!! كأنها تستحضر زيارة الموت حينما قذف بجسد أمي الطاهر إلى عالم قصي، آنذاك خلف مروره جروحاَ غائرةَ، انشطرت معها أشلائي كشظايا عجلت عبر ليال ماضية وقوعي كفريسة بين أنياب " نوره ".

أجواء غرفتي الغارقة في خندق الأحلام تتناغم مع أفكار تائهة، تسبح الآن في فضاءات الأوهام التي لم تفارق جفوني منذ قرابة الشهر، فقد استباحت روحا وحيدة افتقرت إلى حضن دافئ، يا ليته يعود فيرتشف كل القلق المتجذر على حافة الروح بعدما أخفقت الريالات المنثورة على المنضدة في تكوين سعادة يتيمة وفرحة متشردة.

تحاصرني صورة نوره " زوجة أخي " بعينيها اللتين تشيان بذنباَ قديم لم اقترفه، دائماً ما تلوح ناقمة من بعيد كعادتها، أيام عصيبة تنثال على خاطري لكي اختلس مشاهد المعاناة المرسومة على أعمدة البيت التي لم تتطهر بعد من دناسة الزمن، ووقت وهبته بسخاء لأوامر " نوره " حينما كانت الأشياء تتقاسم وقتي: كي الملابس، روائح الطبخ، غسيل الصحون، ومذاكرة المقررات الدراسية.

يا لها من معجزة تلك التي قذفت برجلي إلى أبواب المدرسة، حينها استبدلت الماضي برائحة الطباشير وبياض الورق حتى غدت تربة المدرسة تربة مقدسة، مثلت لي طوق نجاة من النيران التي تصاعدت ألسنة لهيبها وأنا أقف ذليلة بين سطوة نورة وتخاذل أخي.

فجأة! تبخرت الأسئلة وتنافرت الأفكار أمام كلمات زميلتي " كوثر" التي انهالت على مسامعي كزخات المطر ..أيقضت ذوبان ذهني عميق، وكأنها تستنهض زوايا مدفونة بداخلي لتقول: ألهذه الدرجة تغتال الأحلام الغابرة لحظات فرحك؟ ألم يقذف القدر فتات السعادة في طريقك بعد سنوات الدراسة وعقود الإنزواء؟ سكتت دقيقة ثم أضافت: " أحلام" أنتي الآن تَلْبسين أثواب التدريس؟ لقد انطفأت محارق القيود، فلماذا استجلاب الوجع واستبقاء الألم؟

أدهشتني حروفها العابرة التي انطلقت من شفتيها الحمراوتين، مما حرك فيني رغبة ثائرة ما لبثت أن تصطدم بهمسات فارغة وتمتمتات مملة كأنها تصف ما يحدث بكلمتين: " أضغاث أحلام ".

تنغمس مرة آخرى جفوني في حمى خانقة، حتى تعود فتقرأ عيناي رماد الأحلام حيث تشتد دقائق الكوابيس ويقتحم الخيال سكون الظهيرة، قاذفاً صور متفرقة: تبختر الحواس على الجمر وسط صحراء قاحلة...تلذذ الروح بطقس آثم في سجن مظلم...انسياب زبد متدفق من جوف ذابل في لحظة قاهرة.

آنذاك يصرخ جسدي: هل قدرتي الخرافية أخذت بالنفاذ دون أن تتصدى للفوضى الأسطورية التي تستمتع الآن بإذلال الذاكرة؟ فجأة!! يتوقف سيلان الأحلام في داخلي بفعل نزغ تحملني ذروته إلى اليقظة الحاسمة، أكتشف ثمة عرق طافح ينمو بين قسمات جبهتي، يسمح بتأوه الأنفاس حتى أهرع في ثانية ساخنة إلى المرآة، أتساءل:أهي صدفة؟ فكلما تأملت شعري المتفرق وحمرة خداي وذبول وجهي الملائكي أدركت فضاعة ما يدور بداخلي من ألم، كأن الألم قرر أن يتشبث في الأوردة كي يداعب نبضات قلبي التي لم تشأ سلب البشاشة من وجوه الصغار، لينحسر الوجع قليلاً أمام أصوات الأطفال التي تعالت فرحاً وأنا أقتطع لهم من راتبي الأول أشهى الهدايا وألذ الألعاب، مما دفعني لاحتساء الصمت طويلاً أزاء ما يحدث دون أن أخدش طيبة " أخي " المصطنعة أو أنتزع الزيف الذي يلف وجه " نوره ".

عند ذلك وبخبث فائق تتلصص " نوره " النظر قبالة الباب، ثم تفتحه، كي تتفوه ببرودها القاتل: أخاك يود الحديث معك، جسدي يستجيب ثم يتخطى الأشياء الصامتة حتى يستقر على الطاولة المستديرة في الشرفة المفتوحة.

على الطاولة الخشبية يفتتح " أخي " سرده بإبتسامة عاجلة قلما رُسمت على ملامح وجهه، تتشظى دهشتي أمام غموض كلماته وهو يتحدث عن قائمة رغبات يُمني نفسه بها، سحبت نفساً عميقاً من رئتاي وأنا أتأمل وجه " نوره "، عند ذلك يلسع أخي مفاصلي الغضة بعبارة صادمة ونظرة مستفزة قائلاً: أسألك اقتراض مبلغ مقداره عشرون ألف ريال من بنك....؟
أحتاج اقتناء سيارة......و.......و......و........

شرارة عبارته كذبت القدر الذي أوهمني يوما بالخلاص من قيود المعاناة، ينتابني بعدما انفكت شفرة أحلامي مزيج من الخوف والذهول والغثيان، تنطلق مقاومة ذاتية داخل أنسجة الروح كون الصدمة أذابت عظامي على الكرسي الخشبي، حاولت أن انتهز عتمة اللحظة حتى أتأمل لوحة عتيقة معلقة فوق رأسيهما حيث طفلة جميلة تتشبث ببراءة والدتها.

تنسلخ يرقات السكون لكي تهذي أعماقي بصرخة مدوية: أيكون هذا العذاب مُبرراً لأحلامك وأمنيات " نوره " ؟ وهل يُجيز العرف الخنوع لأوامرك القاسية؟

يغتال غضبي أبواب هدوءه لكي تطفو خشونة صوته وغلضة قلبه على جسر العبارات، ثم تلوح يداه بإشارة مستنفرة قاصداً بها إنهاء الحوار فارضاً بذلك استبداده، في غمرة التضاد ينتفض جسدي من عبأ الكرسي وكأنني انتشلت كياني من القاع، أخطو نحو الغرفة بعدما إنبعثت روائح الوجع من كل الزوايا وكلمتي " كوثر" " أضغاث أحلام " تفرضان وجودهما بقوة فهٌما تنهشان أوعية ذاكرتي.

قتامة اللحظة تدفعني للجلوس على حافة السرير كأنني أسترخي على أطراف القدر لكي انحت على ذاكرة الجدران قرار صعب ..باذخ الألم، فإما إشعال النار في دفاتر " الثقافة الإسلامية " وتمزيق ما تضمنته من دروس وعظية، أو استقبال حرائق هائلة وانتعال قيود ثقيلة ربما ستنال الكثير من ذاتي في قادم الأيام.

قـصــة قــصــيــرة
عنوانها : أضغاث أحلام
سلسلة: *عزف على أوتار الوجع*
بقلم هيثم البوسعيدي
  مادة إعلانية
  #2  
قديم 07/06/2010, 06:26 PM
عبدالعزيز علي البلوشي عبدالعزيز علي البلوشي غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 16/09/2008
الإقامة: سلطنة عمان
الجنس: ذكر
المشاركات: 607
افتراضي

أتعجب!! كأنها تستحضر زيارة الموت حينما قذف بجسد أمي الطاهر إلى عالم قصي، آنذاك خلف مروره جروحاَ غائرةَ، انشطرت معها أشلائي كشظايا عجلت عبر ليال ماضية وقوعي كفريسة بين أنياب " نوره ".

يا لجمال... هذا السرد المخفي في داخلك ، إن دل فانه بلا شك يدل على جمال روحك النقي في مزج الالم والفراق
والنقاء وتعجينها لتكون قصه فعلا من أضغاث احلام............
تشكر على هذا المجهود الطيب
  #3  
قديم 07/06/2010, 08:11 PM
هيثم بن سليمان البوسعيدي هيثم بن سليمان البوسعيدي غير متصل حالياً
كــاتـــب
 
تاريخ الانضمام: 09/12/2009
الإقامة: صحم
الجنس: ذكر
المشاركات: 54
افتراضي

أخ عبد العزيز

أشكر لك هذا المرور

وأشكرك على الكلمات المميزة

تحياتي لك
  #4  
قديم 10/06/2010, 05:06 PM
صورة عضوية روح الفكر
روح الفكر روح الفكر غير متصل حالياً
عضو مميز
 
تاريخ الانضمام: 30/08/2009
الإقامة: روح قلبي سكنت غــزة
الجنس: أنثى
المشاركات: 2,075
افتراضي

لديك قلم
سرمدي
الجمال
مجنون بطرحه
راق بكلمته
رصين بمعانيه
جزيل بأسلوبه
كم قلمك
مبدع اخي

رائع انت
ورائع ابداعك

كــــــن بخير
__________________
لا تأسفن على غدر الزمــــــان لطالما
رقصـــــــت على جثث الأســــــود كــــــــــــلاب
لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادهــــــــــــــــا
فالأســـــــــــــد أسد والكلاب كــــــــــــلاب
تبقى الأســــــــــود مخيفتا في أسرهـــــــــــــا
حتى وإن نبحت عليها كــــــــــــــــــــــلا ب
روح الفكــــــــــــــــــــر
فــداكـ يا أقصــى
  #5  
قديم 12/06/2010, 09:59 PM
هيثم بن سليمان البوسعيدي هيثم بن سليمان البوسعيدي غير متصل حالياً
كــاتـــب
 
تاريخ الانضمام: 09/12/2009
الإقامة: صحم
الجنس: ذكر
المشاركات: 54
افتراضي رد

اقتباس:
أرسل أصلا بواسطة روح الفكر مشاهدة المشاركات
لديك قلم
سرمدي
الجمال
مجنون بطرحه
راق بكلمته
رصين بمعانيه
جزيل بأسلوبه
كم قلمك
مبدع اخي

رائع انت
ورائع ابداعك

كــــــن بخير
شكرا جزيلا
على الكلمات الطيبة

اتمنى ان النص اعجبك واعجب القراء هنا

تحياتي الكبيرة لك
 


قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى

مواضيع مشابهه
الموضوع كاتب الموضوع القسم الردود آخر مشاركة
أضغاث ُ أحلام !!! A B C D سبلة الشعر والأدب 5 10/03/2010 01:34 PM
يوجد لدينا اراضي في المعبيلة بها خدمات ليلام ليلام ba2004ba عقارات محافظة مسقط 1 11/09/2008 02:03 PM
كوكتيل اراضي ليلام ليلام ليلام ba2004ba عقارات محافظة مسقط 0 09/09/2008 02:42 PM
أضغاث احلام هدوء العاصفة سبلة الشعر والأدب 9 02/06/2008 07:04 PM



جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 01:51 PM.

سبلة عمان :: السنة ، اليوم
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها