السرياليزم والقصة , منطق أم تكلف ؟

[ma vie]

عزيزي الكاتب حاتم

شكرا لك على التطرق لهذا الموضوع المهم جدا والذي تم طرحه كذلك في مجلة الفلق

وهو نفس الهاجس الذي يؤرق الناقد الرائع "شبر الموسوي" في مقالته بمجلة الفلق على حسب ماأذكر " قصيدة النثر في عمان بين غياب الرومانسية وحضور السيريالية"

اخي العزيز

مثلما ذكرت , فان هذه الحركة وتزامنها مع الحركات التكعيبية والانطباعية والوحشية (كفنون تشكيلية بصرية)وكذلك الرمزية والتعبيرية (كفنون سردية نثرية شعرية) كانت ردة فعل لليأس من الواقعية والمثالية

فالحرب العالمية الاولى وماافرزته من جرائم جعلت المباديء الاخلاقية التي افرزتها "الأنا" العليا مثل العدل والمساواة والحق والتي لم تكن بعد تعرف اللاوعي الفرويدي , جعلتها مبادئا مشكوك فيه , فهذه المباديء حقيقة هي نتاج المثالية المتحهة نحو الكلي , نحو المطلق , ولهذا ظهرت الاخلاق المثالية مبشرة بالعالم الجديد "اسبينوزا, كانت, هيجل , فيشته كفلاسفة , وجاء بعد ذلك الكتاب الواقعيون يريدون ان يسبرو النفس البشرية منطلقين من ان الأنا الواعية دائما ماتنشد الخير وذلك بعد ان تهذب وتكون في بيئة اجتماعية راقية وعادلة "شارلز ديكنز, هوجو, ديستويفسكي, ستاندال, جورج صاند, اميل زولا.

لما قامت الحرب العالمية الاولى متذرعة بالحرب العادلة مخفية النوايا التوسعية , جاءت الحركات المضادة لتضرب بالأنا عرض الحائط كونها مثالية ولكنها لاتنطلق من ارض ثابتة صلبة "اللاوعي" بعد ان اكتشفها العالم النمساوي "فرويد"

فظهرت الدادئية والسيريالية , لتبحر في عالم اللاوعي المهمل من قبل اصحاب النزعات الواقعية , فالغرائز لها دخل كذلك في السلوك والفرد يجب ان يظهر على حقيقته ووحشيته لتكوين عالم آخر , وهذا ماحدا بكافكا " المحاكمة" و"المسخ" وكذلك جيمس جويس باظهار بشاعة الانسان الحقيقية وتصويرها باقذر ماتكون

ولكن

جاء هنري برجسون الفيلسوف الفرنسي بدحض هذه الحركات مهاجما كل من التيارين الواقعي والسيريالي وذلك في كتبه "الضحك" و"الطاقة الروحية "ومنبعا الاخلاق " وذلك بان الميتافيزيقا كعلم فهي هشة ولاتقوم على براهين حقيقية , اما السيريالية او فلنقل تيار فرويد النفسي فهي كذلك تلغي الانا وتجعله عرضة للعواصف العاطفية وعبدا لتشكيلها له دون ان يكون له حضور حقيقي بينها

ويصر برجسون على ان الانسان طاقة روحية منفصلة عن العقل وهي قريبة من الغريزة الا وهي "الوجدان" الوجدان الذي يفرق بينه وبين العقل والذي يهتم بالعلاقة اكثر منه في الاختيار الحر.

ان اطلاق المفردات السريالية في النثر دون اي ترابط منطقي بينها وجعلها تتبعثر في دائرة العبثية هي محاولة للكشف عن اللاوعي وربما للبحث عن الارادة بينها , ولكن الدخول في هذه المعمة ليس بالشيء الهين , انه ربما للمبتديء يكون مثل " السمكة المرمية في الرمل " وقد توصف بأنها كرمي الحجارة , و"هي متعة الايدي الخاملة"

تحيتي

[حاتم سالم]

أرسل أصلا بواسطة ma vie

عزيزي الكاتب حاتم

شكرا لك على التطرق لهذا الموضوع المهم جدا والذي تم طرحه كذلك في مجلة الفلق

وهو نفس الهاجس الذي يؤرق الناقد الرائع "شبر الموسوي" في مقالته بمجلة الفلق على حسب ماأذكر " قصيدة النثر في عمان بين غياب الرومانسية وحضور السيريالية"

اخي العزيز

مثلما ذكرت , فان هذه الحركة وتزامنها مع الحركات التكعيبية والانطباعية والوحشية (كفنون تشكيلية بصرية)وكذلك الرمزية والتعبيرية (كفنون سردية نثرية شعرية) كانت ردة فعل لليأس من الواقعية والمثالية

فالحرب العالمية الاولى وماافرزته من جرائم جعلت المباديء الاخلاقية التي افرزتها "الأنا" العليا مثل العدل والمساواة والحق والتي لم تكن بعد تعرف اللاوعي الفرويدي , جعلتها مبادئا مشكوك فيه , فهذه المباديء حقيقة هي نتاج المثالية المتحهة نحو الكلي , نحو المطلق , ولهذا ظهرت الاخلاق المثالية مبشرة بالعالم الجديد "اسبينوزا, كانت, هيجل , فيشته كفلاسفة , وجاء بعد ذلك الكتاب الواقعيون يريدون ان يسبرو النفس البشرية منطلقين من ان الأنا الواعية دائما ماتنشد الخير وذلك بعد ان تهذب وتكون في بيئة اجتماعية راقية وعادلة "شارلز ديكنز, هوجو, ديستويفسكي, ستاندال, جورج صاند, اميل زولا.

لما قامت الحرب العالمية الاولى متذرعة بالحرب العادلة مخفية النوايا التوسعية , جاءت الحركات المضادة لتضرب بالأنا عرض الحائط كونها مثالية ولكنها لاتنطلق من ارض ثابتة صلبة "اللاوعي" بعد ان اكتشفها العالم النمساوي "فرويد"

فظهرت الدادئية والسيريالية , لتبحر في عالم اللاوعي المهمل من قبل اصحاب النزعات الواقعية , فالغرائز لها دخل كذلك في السلوك والفرد يجب ان يظهر على حقيقته ووحشيته لتكوين عالم آخر , وهذا ماحدا بكافكا " المحاكمة" و"المسخ" وكذلك جيمس جويس باظهار بشاعة الانسان الحقيقية وتصويرها باقذر ماتكون

ولكن

جاء هنري برجسون الفيلسوف الفرنسي بدحض هذه الحركات مهاجما كل من التيارين الواقعي والسيريالي وذلك في كتبه "الضحك" و"الطاقة الروحية "ومنبعا الاخلاق " وذلك بان الميتافيزيقا كعلم فهي هشة ولاتقوم على براهين حقيقية , اما السيريالية او فلنقل تيار فرويد النفسي فهي كذلك تلغي الانا وتجعله عرضة للعواصف العاطفية وعبدا لتشكيلها له دون ان يكون له حضور حقيقي بينها

ويصر برجسون على ان الانسان طاقة روحية منفصلة عن العقل وهي قريبة من الغريزة الا وهي "الوجدان" الوجدان الذي يفرق بينه وبين العقل والذي يهتم بالعلاقة اكثر منه في الاختيار الحر.

ان اطلاق المفردات السريالية في النثر دون اي ترابط منطقي بينها وجعلها تتبعثر في دائرة العبثية هي محاولة للكشف عن اللاوعي وربما للبحث عن الارادة بينها , ولكن الدخول في هذه المعمة ليس بالشيء الهين , انه ربما للمبتديء يكون مثل " السمكة المرمية في الرمل " وقد توصف بأنها كرمي الحجارة , و"هي متعة الايدي الخاملة"

تحيتي

تحية لك أيها العزيز لا ستعراضك التاريخي لافرازات وصناع هذه المدرسة , تبقى المسألة كما هي مجازفة , مجازفة خاسرة في محاولة ايجاد القصة المسريلة !