سبلة عمان
سبلة عُمان أرشيف سبلة العرب وصلات البحث

العودة   سبلة عمان » السبلة الثقافية » أرشيف السبلة الثقافية » سبلة الثقافة والفكر

ملاحظات \ آخر الأخبار

 
 
أدوات الموضوع البحث في الموضوع أنماط العرض
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15/07/2010, 02:44 PM
صورة عضوية ناقد الأقلام
ناقد الأقلام ناقد الأقلام غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 17/08/2009
الإقامة: فكر الأمة
الجنس: ذكر
المشاركات: 108
افتراضي الحلقة المفقودة بين الدين والدولة !

واجهت الأقلام الفذّة والعقول المفكرة على مر عصور مختلفة مختلف أنواع القهر والإخضاع والاستعباد ، ليسوا هم فقط بل كافة الشعوب ذلك أنها لم تنعم بالنتاج الفكري لكبار المفكرين والإصلاحيين على مر حقب مختلفة ، كتب كثيرة ونتاج فكري هائل أُّهلك بدوافع سياسية ، نُكِست عبرها راية الفكر العربي وغُيّر ملامحه . وما ذلك إلا خنوعا لجبابرة العالم الآخر و لأجل أرضاء فئة خاصة دون أخرى !! يطبطبون على العقول العربية بأفكار وعلوم غربية سقيمة وبملاهي دنيوية ما عهِدناها تكون في مجتمعنا العربي المحافظ ، كل ذلك والشعارات تُرفع منادية بحرية الفكر والتعبير والواقع ينبئ بعكس ذلك تماما !!!

يخطئ من يحسب أن ديدن قضية استعباد الفكر مجرد استعراض لمشهد هتك حرية الفكر وحرية التعبير فقط ، فقضية كبت واستعباد الفكر ما هي إلا صورة جزئية لمعضلة أدهى وأمرّ . لقد رزئ كيان المجتمع الإسلامي بآفات مستكينة والغالبية مشترك في الجرم ، سواء أكان ذلك على صعيد الحكام أو الشعوب والأفراد . ففئة من الحكام جرمهم واقع ذلك أنهم يحاولون استعباد الناس بسياسات ونظم بشرية دون الاحتكام لحاكميه الله في أرضه ، يتعدون على سلطان الله في أرضه من خلال فرض بعض القوانين والأنظمة في مختلف الجوانب والتي تتعارض تعارضا جوهريا مع ما أنزله الله . ولقد ساهمت الشعوب في هذا الجرم ذلك أنها رضيت بطول استحكام الغفلة على منهاج حياتها . لقد صار المجتمع العربي بهذه السياسات والنظم وباستحكام غفلة شعوبه أقرب لأن يكون مجتمع الجاهلية الأولى ، وإنه وعلى هذا النهج لم يكن ليمثل الصورة الحقيقية لأمة ( لا إله إلا الله ) . رحم الله شهيد الإسلام " سيد قطب " عندما قال (( نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم ، كل ما حولنا جاهلية .. تصورات الناس وعقائدهم ، عاداتهم وتقاليدهم ، موارد ثقافتهم ، فنونهم وآدابهم ، شرائعهم وقوانينهم . حتى الكثير مما نحسبه ثقافةً إسلامية ومراجع إسلامية ، وفلسفة إسلامية ، وتفكيرا إسلاميا ... هو كذلك من صنع هذه الجاهلية !! ))

إن حقيقية القيود والأغلال المفروضة على مستوى الفكر أو على مستوى مختلف الجوانب الأخرى ما هي إلا قيود وأغلال تحول بيننا وبين الوصول للمعنى الحقيقي للمجتمع الإسلامي القائم على عقيدة " لا إله إلا الله " . والإنسان من غير لا إله إلا الله يخرج من قائمة الأحياء إلى عِداد الأموات ذلك أن الجسد لا يستقيم إلا باستقامة الروح واستقامة الروح لا تكون إلا برسوخ عقيدة لا إله إلا الله . كلما نأى ديدن مختلف جوانب المجتمع سواء السياسية أو الاجتماعية أو الحضارية عن حاكميه الله وسلطانه كلما كان ذلك مدعاة لهلاكها لا محالة ، المُنجي الوحيد لها لا يكون إلا بالخروج عن سلطان وحاكميه البشر إلى سلطان وحاكميه الله في كل ذرة من كيانها . دون ذلك فالحرية وهم زائف ، والظلم والجبروت سيعم وسينتشر . وكيان المجتمع وإن طال الزمن به لا محالة سينتهي لحفرة الهلاك والضياع . إن الخنوع والانقياد لحاكميه البشر دون حاكميه الله مأساة كبرى ، ففي حال استفحال الخنوع والانقياد لحاكميه البشر دون حاكميه الله لا محالة ستُلغى ذات الإنسان وستسبى منه عقيدته دون أن يرقب فيه الطاغية إلا ولا ذمة . وحكم الطاغية واقع لنفس المرء أولا ثم لكل ولي أمرٍ لا يبغي لنهج الله سبيلا . حياتنا نراها وقد غطتها ملامح الغفلة ، دور العلم ممثلة في مدارسنا ومؤسسات التعليم العالي ، إعلامنا ، أسواقنا ، تعاملاتنا وغيرها من الجوانب خرج جانب من عصبها عن حاكميه الله وسلطانه إلى حاكميه البشر وقوانينهم الوضعية . نلحظ في حياتنا اليومية أبسط الأمور ينتهك فيها عرض الدين ولا أحد يتحرك ليقول لا ؟ عُلمنا الخنوع و الانقياد دون الكلام بطريقة أو بأخرى ، قد يرجع ذلك للماهية الديناميكية المحركة لكيان المجتمع ، وقد يكون ذلك لأن بصائرنا لا تبصر إلا زاوية ضيقة جدا من واقع الأمور حولنا ، و لربما غُشيت الأبصار ولم تتح لها الفرصة لتتأمل وتبحث وتقرر وتتكلم . في مدارسنا لم نكن نقوى على قول كلمة لا في وجه المعلم إن أخطأ وتعدى على حدود الله ، وكذا اليوم في الجامعات والكليات ، لم يعد يقوى البعض رغم نضوجه وبلوغه من أن يقول لا في وجه الباطل ، حز في نفسي ما نقله لي أحدهم بقوله : بينما نحن في أحد محاضرات الجامعة إذا بأحد الدكاترة تاهت به الخطى أخذ يتعدى على الدين بنكرانه لبعض أحكامه والطلاب في صمت عارم خوفا من الوقوف أمامه قولا للحق وتمكينا لشرع الله ..!!! أي مأساة هذه التي يهان فيها المرء بأغلال الخنوع والخضوع خوفا من المساءلة حتى في أمور حياته اليومية ؟ ألا توجد حدود تستلزم من المسلم الوقوف بحزم لا يخشى في الله لومه لائم تجاه من تخول له نفسه الاعتداء على سلطان الله وحاكميته ؟؟ متى سنعمل بقوله تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [ يوسف : 40 ] .

نرى الزيف والبهتان والعدول عن تمكين حاكميه الله في واقع الأمة الإسلامية ـــ كثيرون هم الذين ينطقون بذلك ـــ ، وإن من بين ما يمنعهم عن الإقدام لتمكين حاكميه الله هو التقية والخشية من أن يؤول بهم الظلم للفناء والهلاك ، وفي ذلك منطق يُنظر له ، إلا أن الرجال ممن يقفون موقف الصلد الجلد يسترخصون كل شيء بما فيها حياتهم في سبيل تمكين حاكميه الله في أرضه . فحينما توُجد العثرة يكون الرجال لها كالجبال ، فالرجال دائما ما يحولون المحنة منحة يكتبها التاريخ بمداد الإجلال والاعتزاز . عندما يتنبّه الحس البشري الإسلامي لدائرة العمل الضيقة التي حشر نفسه فيها ،حينها فقط تعود للكون روحه وللوجود كنهه وغايته ولعقيدة لا إله إلا الله سلطانها ونفوذها ، دون ذلك فالحياة لا تغدوا أن تكون أكثر من مجرة ومضة بدأت وانتهت كأن لم تبدأ ، وليس في ذلك أبلغ من قول " سيد قطب " حينما قال (عندما نعيش لذواتنا فحسب تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة ، تبدأ من حيث بدأنا نعي وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود ). إن لم تكن لنا كلمة نعمل من خلالها على توجيه القيمة العظمى لذواتنا ومحيطها وفق روح إيمانية خالصة فالحياة عبث ووهم زائف . إن الحياة لا تستقيم إلا بالدخول في الإسلام والدخول في الإسلام _ كما قال سيد قطب _ هي صفقة بين متبايعين ، الله سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها هو البائع ، فهي بيعة مع الله،لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله... لتكون كلمة الله هي العليا ،وليكون الدين كله لله" . " إن الله يريد لهذا الدين أن يكون كما أراده ... عقيدةً تملأ القلب وتفرض سلطانها على الضمير ، عقيدةً مقتضاها ألا يخضع الناس إلا لله ، وألا يتلقوا الشرائع إلا منه دون سواه " .
__________________
//


إن الأمة الإسلامية بحاجة ملحة لحركة فكرية إصلاحية يُنفض بها لثام الركود والخنوع الواقع على كاهلها ، هي بحاجة لرجال يرفعون رايتها خفاقة ، يقودون مجتمعاتهم إلى ذروة العلى ، يتركون بصمات في التاريخ لا تنمحي بمرور الأيام ، يسجلون ملامح تتقد نارا ونورا فتدفع الأجيال المتوالية تمثُّلها وتتشجع لمحاكاتها . هي بحاجة لجيل مقدام أرضعه الزمان لِبان العزّ والكرامة ، يتغلبون على دوافع اللحم والدم ، وعلى مخاوف الضعف والذل ، للإنطلاق في عالم رحب ، هو عالم إخلاص العبودية لله الواحد القهار . كفانا فالعثرات كَثُرت والعقول سُفهت ، إلى متى لا نلقي بالا لهذه الأمة. إلى متى يا قومي نغض الطرف عنها استنكارا واستكبارا ؟


محمد الهنائي
 


قواعد المشاركة
ليس بإمكانك إضافة مواضيع جديدة
ليس بإمكانك إضافة ردود
ليس بإمكانك رفع مرفقات
ليس بإمكانك تحرير مشاركاتك

رموز لغة HTML لا تعمل

الانتقال إلى

مواضيع مشابهه
الموضوع كاتب الموضوع القسم الردود آخر مشاركة
طلب. الحلقة الكاملة لاستضافة سماحة الشيخ أحمد الخليلي بقناة الجزيرة بتاريخ 19/02/2008 وعنوان الحلقة التقريب بين المذاهب صياد الحبار السبلة الدينية 10 29/04/2010 03:20 PM
ألم يحن وقت أحلال مجلسي الشورى والدولة يامولاي بعد !!! حمدالصواعي سبلة السياسة والاقتصاد 6 20/12/2009 09:17 AM
<< دبـــــــي ..... مســــــقط >> الحلقة المفقودة ...ودقيقة الصمت !! الاسكندر العربي سبلة السياسة والاقتصاد 41 23/10/2008 01:43 AM
شاهد باب الحاره الجز 3 من الحلقة الاولى إلى الحلقة الاخيره القائد الشجاع السبلة العامة 6 17/09/2008 01:11 AM
سلطنة عمان : الشمع المذاب والدولة القوية الدولة الحكيمة سبلة السياسة والاقتصاد 0 15/05/2008 12:28 AM



جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 09:49 AM.

سبلة عمان :: السنة ، اليوم
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها