عرض المشاركة وحيدة
  #11  
قديم 15/10/2010, 02:15 PM
قناة الوصال قناة الوصال غير متصل حالياً
96.5
 
تاريخ الانضمام: 30/08/2009
الإقامة: سلطنة عُمان
المشاركات: 238
افتراضي

الدرس العماني
نيكولاس كريستوفر- نيويورك تايمز

في الوقت الذي تعتمد فيه الولايات المتحدة على الآلة الحربية لسحق قوى التطرف في أفغانستان وباكستان واليمن، ربما ينبغي عليها النظر بدلا من ذلك الدرس المستفادة من دولة عربية متميزة كعمان.

قبل 40 عاما فقط كانت عمان واحدة من أكثر المجتمعات جمودا في العالم، لم تكن هناك أجهزة تلفزيون، وكانت أجهزة الراديو محظورة لأنها كانت تعتبر عملا شيطانيا. لم يكن لعمان دبلوماسيون في الخارج، وأبقى السلطان دولته في عزلة تامة.

لم يكن في عمان، التي توازي في مساحتها ولاية كنساس الأميركية، سوى 6 كيلومترات من الطرق المعبدة،و غالبية السكان من الأميين المتعلقين بالقبيلة إلى حد بعيد. ولم تكن السلطنة تضم سوى ثلاث مدارس فقط تخدم 909 تلاميذ، جميعهم من الأولاد في الصفوف الأولية،لا توجد بينهم فتاة واحدة.

كانت العاصمة مسقط تقع بين التلال الصخرية في صحراء شبه الجزيرة العربية محاطة بسور، وعند الغسق كانت السلطات تطلق مدفعا ثم تغلق بوابات المدينة أثناء الليل، وكان كل من يسير أثناء الليل من دون مشعل عرضة لإطلاق النار عليه.

كانت عمان من الناحية التاريخية أشبه بجارتها اليمنية التي تحولت الآن إلى حاضنة للإرهابيين المرتبطين بـ (القاعدة).

لكن عمان تركت هذا المسار المتشدد في عام 1970، عندما عزل السلطان والده وبدأ عملية تحديث مذهلة شملت التعليم للبنين والبنات على السواء.

زيارة عمان اليوم، وهي دولة معاصرة تحفل بالطرق السريعة وتملك مطارا جديدا فخما، وتنتشر أطبقا استقبال القنوات الفضائية على أسطح المنازل، إلى جانب سلسلة من الجامعات العامة والخاصة. في عمان المعاصرة يبدأ الأطفال في تعلم اللغة الإنجليزية والحاسوب في الصف الأول الابتدائي. ويتوقع أن ينهي الأولاد على السواء المرحلة الثانوية على الأقل.

عمان دولة مسالمة محبة للغرب، لا تنتشر فيها الأصولية التي ابتلي بها اليمن. ربما يكون اليمن، من دون شك، أجمل بلد في العالم العربي، لكني أعتقد أن الكثير من الشباب الغربيين الذين يدرسون اللغة العربية سينتهي بهم المآل إلى الإقامة في عمان بسبب الهدوء الموجود هناك.

ما أثار الدهشة، تحول دور المرأة العمانية، فأخبرتني رحاب أحمد الزدجالي (18 عاما) الطالبة الجامعية (بإنجليزية مطلقة) عن اهتمامها بعالم الأعمال، وعن جدتها الأمية التي تزوجت في سن التاسعة وأنجبت في سن العاشرة، وقالت رحاب أنها لا تفكر في الزواج في القريب... فماذا لو لم يسمح زوجها لها بإكمال دراستها في الخارج؟ وأكدت على أنها عندما تتزوج ستكتفي بطفل واحد فقط.

كانت رحاب إحدى عضوات الفريق العماني (كلهن من الفتيات) الذي فاز بالميدالية الذهبية في مسابقة روح المبادرة في العالم العربي العام الماضي. نظمت المسابقة مؤسسة (إنجاز) التي تجوب المدارس في العالم العربي لتدريب الشباب على بدء وإدارة الأعمال الصغيرة.

تشكل الفتيات غالبية أصحاب المشاريع من الشباب، فتسعة من بين أحد عشر فريقا وصلت إلى النهائيات هذا العام كانت من الفتيات. وقد أذهلني فريق هذا العام. فقد بدأت عضوات هذا الفريق وهن طالبات في المرحلة الثانوية، بتكوين شركة لنشر كتب الأطفال المصورة والمطبوعة باللغة العربية، وقد جمعن الأموال وقمن بدراسة الجدوى وصممن وكتبن الكتب وأشرفن على تسويقها وتوزيعها.

وشرحت لي أميرة طارق، الطالبة بالمرحلة الثانوية وعضو مجلس إدارة شركة الكتاب "نحن الآن نفكر في نشر الكتب إالكترونيا". ربما كانت إحدى المتسوقات لشراء هذا الكتاب الإلكتروني جدتها التي تزوجت في عمر الثانية عشر ولم تتعلم القراءة.

خلاصة القول، إن أحد أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من تجربة عمان هو أن السبيل الأنجع والأكثر فعالية في احتواء التطرف يكمن في توفير التعليم للجميع.

وقد وجدت الكثير من الأبحاث روابط بين ارتفاع التعليم وانخفاض النزاعات. فتشير إحدى الدراسات التي نشرت عام 2006، على سبيل المثال، إلى أن تضاعف عدد المدرجين في المدارس الابتدائية في دولة فقيرة أسهم في حظر الحرب الأهلية بمقدار النصف. فما وجدت أن ارتفاع معدل التحصيل التعليمي في دولة نصف واحد يمكن أن يخفض بشكل واضح من مخاطر النزاع.

أعتذر إن كان هذا التأكيد على التعليم يبدو أشبه بالكلام المكرر، لكنها نظريات معترف بها، وقد تعهد الرئيس أوباما في حملته الرئاسية ببدء صندوق تعليم عالمي بقيمة مياري دولار، لكنه لم يتحقق إلى الآن. وبدلا من ذلك أنفق على القوات الأمريكية في أفغانستان هذا العام فقط ضعف هذا العدد خمسين مرة، على الرغم من أن الحلول العسكرية لا تملك سجلا جيدا في المناطق الساخنة كالتعليم.

هذا النموذج يبدو منتشرا: الجميع يتحدث عن التعليم لكن لا أحد ينفق عليه.

بالنسبة لي، أرى أن درس عمان يجب أن يكون ذا صلة بمحطاتي القادمة في هذه الرحلة التي ستشمل أفغانستان وباكستان. إذا أردنا لهذه الدولة أن تعود مجتمعات آمنة ينبغي علينا أن تحاول التقليل من الاستثمار في القنابل لتزيد الاستثمار في المدارس.