عرض المشاركة وحيدة
  #3  
قديم 04/09/2010, 08:44 AM
صورة عضوية ابو الحارث الوهيبي
ابو الحارث الوهيبي ابو الحارث الوهيبي غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 05/02/2010
الإقامة: مسقط
الجنس: ذكر
المشاركات: 425
افتراضي

أدلة الإباضية في عدم رفع الأيدي في الصلاة

أما الإباضية فيرون عدم رفع الأيدي مطلقا في الصلاة وكذلك عدم وضع اليمنى على اليسرى وهو ما يسميه بعض العلماء (القبض) ولهم أدلة في ذلك من السنة ومن التاريخ نذكر منها ما يلي.

1- الحديث الصريح في النهي عن رفع الأيدي في الصلاة الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ورواه أيضا النسائي في سننه عن جابر بن سمره وهذا نصه عند النسائي: (خرج علينا رسول الله (ص) ونحن رافعو أيدينا في الصلاة فقال ما بالهم رافعي أيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس. اسكنوا في الصلاة. وفي رواية أبي داود: مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس. اسكنوا في صلاتكم.[6] ففي هذا الحديث الشريف ينهى النبي(ص) عن الرفع بصريح كلامه والنهي مقدم على الأمر لقوله (ص) : (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا).

2- الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه الحديث المشهور باسم " المسيء في صلاته" عن رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله (ص) فرد رسول الله (ص) فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى كما كان يصلي، ثم جاء إلى النبي (ص) فسلم عليه فقال: وعليك السلام، ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا، فعلمني. قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها. وهذا هو الأصل الذي بنيت عليه صحة الصلاة .ولذلك قال العلماء إن ما ذكر في هذا الحديث فهو واجب وما سواه فهو غير واجب. والرفع لم يذكر في هذا الحديث وكذلك وضع اليد اليمنى علي اليسرى. فلو كان الرفع والقبض من أعمال الصلاة لبينهما الرسول (ص) لهذا الرجل. ونظرا لاختلاف العلماء في كيفية ومواضع الرفع رأى علماء الإباضية التمسك بالأصل والعمل بواجبات الصلاة المذكورة في هذا الحديث.

3- الإباضية من أول المذاهب الإسلامية تَكَوّنا، فالإمام الأول للإباضية هو جابر بن زيد الذي ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد أخذ العلم على كثير من الصحابة منهم أم المؤمنين عائشة وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو هريرة وعبد الله ابن عباس وغيرهم كثير فقد روى عنه أنه قال أدركت سبعين بدريا فحويت ما عندهم إلا البحر (يقصد ابن عباس رضي الله عنهما). ولم يثبت عند الإباضية أن جابر بن زيد أو تلميذه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة رفعا أيديهما في الصلاة أو أمرا بالرفع. وقد كان جابر بن زيد صديقا للحسن البصري، ولم يثبت أنهما اختلفا في قضية الرفع أو القبض أو تناقشا فيها. فلو كان رفع اليدين أو وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة من السنن المؤكدة التي أجمع عليها الصحابة رضوان الله عليهم لكان أول من عمل بها جابر بن زيد، ولو عمل بهما لنقلها عنه أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة الذي تتلمذ عليه حملة العلم إلى المشرق وحملة العلم إلى المغرب والذين انتشروا في الأمصار منذ بداية القرن الثاني الهجري. فعدم الرفع عند الإباضية انتقل بالتواتر العملي منذ القرن الأول الهجري جيلا عن جيل حتى وصل إلينا.

4- بدأت الإباضية في البصرة التي عاش فيها أئمة الإباضية الأوائل أبوبلال مرداس بن حدير وجابر بن زيد وأبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة وكلهم أدرك مجموعة من الصحابة ومنهم الذين رووا أحاديث الرفع. ومن البصرة انتشر العلم وتوزع في الأمصار ومنها انطلق حملة العلم إلى المشرق وإلى المغرب وعلى أيديهم انتشر الدين وكل هذا كان في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني من الهجرة، فرأيهم في قضية الرفع رأي واحد لم يتغير وهو ما وجدوا عليه الصحابة والتابعين، وإذا رجعنا إلى كتب الفقه عند قدماء الإباضية لا نجد أي ذكر لا للرفع ولا للقبض. وقد يقول قائل إن الإباضية أرادوا أن يميزوا أنفسهم عن بقية المسلمين لكونهم غير راضين عن الدولة الأموية بعدم رفع أيديهم في الصلاة ولو كان الأمر كذلك لسهل على ولاة الأمويين معرفتهم والقضاء عليهم ، بل أنهم لم يعزلوا أنفسهم عن بقية المسلمين فكانوا يصلون في المساجد حتى وراء الجبابرة أمثال عبيد اله بن زياد والحجاج، فقد ثبت أن أبا بلال مرداس بن أدية صلى في المسجد مع الطاغية عبيد الله بن زياد، كما صلى جابر بن زيد مع الحجاج. فهل كان أبو بلال والإمام جابر ابن زيد يرفعون أيديهم في الصلاة أو لا يرفعون عند صلاتهم وراء أئمة الجور. فلو رفعوا أيديهم لكان قد وصل إلى تلاميذهم ثم إلى من بعدهم ولم يحصل أي خلاف. أما إذا كانوا لا يرفعون أيديهم فهل كان غيرهم يرفع في ذلك الوقت أم لا. إن الذي يرجحه الإباضية أن عدم الرفع هو السائد في ذلك الحين لأنه لم ينقل لنا غيره وأن السبب في شهرة الرفع والقبض بعد ذلك هو انتشار أحاديث الرفع بعد بداية كتابة السنة في القرن الثاني الهجري.

5- عاش الإمام جابر بن زيد في القرن الأول الهجري وصلى مع كثير من الصحابة كما ذكرنا. وقد ثبت أنه صلى مع أبي هريرة في مسجد واحد. ففي صحيح مسلم عن أبي الشعثاء (جابر بن زيد) قال: (كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة (رض) فأذن المؤذن فقام رجل يمشي مِن المسجد، فاتبعه أبو هريرة ببصره، حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبالقاسم (ص)). فهذا الحديث يبين أن جابر بن زيد كان في المسجد مع أبي هريرة (رض) في وقت صلاة وقد صلى جابر مع أبي هريرة في المسجد إما خلفه أو خلف إمام آخر، فلو رأى الإمام جابر أبا هريرة يرفع يديه لكان قد اقتدى به ونقل ذلك إلى تلاميذه وأتباعه من بعده.