عرض المشاركة وحيدة
  #1  
قديم 11/02/2008, 06:45 PM
راعي بر راعي بر غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 16/05/2007
الإقامة: مسقط
الجنس: ذكر
المشاركات: 211
افتراضي سليمان القانوني - أشهر السلاطين العثمانيين

تولى السلطان سليمان القانوني عرش الدولة العثمانية بعد موت والده السلطان سليم الأول، وكانت سنة تولية سليمان عام 926 هـ (1520 م) وحكم الدولة العثمانية مدة ست وأربعين سنة وهي أطول مدة حكم فيها سلطان عثماني.
كان عهد القانوني قمة العهود العثمانية سواء في الحركة الجهادية أو في الناحية المعمارية والعلمية والأدبية والعسكرية، كان هذا السلطان يؤثر في السياسة الأوربية تأثيرا عظيما وبمعنى أَوضح كان هو القوة العظمى دوليا في زمنه، نعمت الدولة الإسلامية العثمانية في عهده بالرخاء والطمأنينة.
ابتلي سليمان في السنوات الأولى من عهده بأربع تمردات شغلته عن حركة الجهاد، إذ أتاح موت سليم الأول وكان متصلبا، ثم جلوس ابنه على العرش وهو صغير السن، أتاح هذا الفرصة لكي يظن الولاة الطموحون للاستقلال أنهم قادرين على ذلك، فلما وصل خبر تولية سليمان العرش، إلى الشام وكان جان بردى الغزالي واليا عليها من قبل الدولة العثمانية، تمرد وأشهر العصيان على الدولة.
جان بردى الغزالي هذا، قائد مملوكي كان تعاون مع سليم الأول في حربه ضد المماليك، كان هذا أَميراً طموحا وأودى به طموحه إلى أن ينقلب على المماليك ويتعاون مع سليم، حتى أن بعض المؤرخين العثمانيين يرون أن معركة غزة التي قادها ضد طلائع الجيش العثمانـي الزاحف على مصر إنما كان بالدرجة الأولى لعبة سياسية قصد منها إخفاء دوره في التعاون مع الجيش العثماني.
من الثابت في المصادر العثمانية المسماه سليم نامه لر تعاون جان بردي الغزالي – وهو تعاون مبكر- مع سليم. ومن الثابت أيضا في هذه المصادر أن سليم الأول أقطع الغزالي، وكان هذا يخاف كثيرا من سطوة سليم، وكان واليا لسليم على الشام، فلما تولى سليمان أرسل الغزالي من الشام رسالة إلى خاير بك النائب العثماني على مصر أوضح فيها الأول للثانـي أن حان الوقت لإعادة الدولة المملوكية وبعثها من جديد، إلا أن والي مصر العثماني أرسل الرسالة هذه إلى العاصمة العثمانية ليطلع عليها السلطان سليمان، وهذه الرسالة موجودة الآن في متحف طوبقبو سرايي - قسم الأرشيف.
جان بردى الغزالي، كان - وهو والي للدولة على الشام- يراسل أكبر عدو للدولة العثمانية، ألا وهي الدولة الشيعية في إيران وكان يتزعمها الشاه إسماعيل الصفوي والوثيقة رقم 5469 بقسم الأرشيف بمتحف طوبقبو عبارة عن رسالة من جان بردى الغزالي إلى الشاه إسماعيل الصفوي تقول بأن جان بردى كان على تعاون سري بعيد المدى مع الفرس وأن الغزالي طلب من الصفوي حضوره شخصيا إلى بلاد الشام أو تقديم مساعدة عسكرية ضخمة له – أي إلى الغزالي- ولم يكن سليم على علم بهذا إذ أن رسول الغزالي كان وصل بهذه الرسالة سراً إلى كاشيان لمقابلة الشاه إسماعيل، وفى هذه الرسالة عرض من الغزالي بتقديم تبعيته وخالص عبوديته للشاه إسماعيل الصفوي.
فإذا ما مات سليم وتولى سليمان العرش إذا بالغزالي يفور ويثور وقام للاستيلاء على حلب وفشل في ذلك، وأمر السلطان سليمان بقمع الفتنة فقمعت وأرسل رأس الثائر إلى استانبول دلالة على انتهاء التمرد.
أما التمرد الثاني فقام به أحمد باشا الخائن في مصر وكان هذا عام 930 هـ= 1524 م. وكان هذا الباشا يطمح أن يكون صدرا أعظما ولم يفلح في هذا، لذلك طلب إلى السلطان أن يعينه واليا على مصر فقبل السلطان، وما أن وصل مصر حتى حاول استمالة الناس وأعلن نفسه سلطانا مستقلاً، لكن أهل الشرع في مصر وكذلك جنود الإنكشارية لا يعرفون إلا سلطانا واحدا خليفة لكل المسلمين هو السلطان سليمان القانوني، لذلك ثار أهل الشرع والجنود ضد هذا الوالي المتمرد وقتلوه، وظل اسمه في كتب التاريخ مقرونا باسم الخائن.
والتمرد الثالث ضد خليفة المسلمين هو تمرد شيعـي علوي قام به بابا ذو النون عام 1526 م في منطقة يوزغاد حيث جمع هذا البابا ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ثائر وفرض الخراج على المنطقة، وقويت حركته حتى أنه استطاع هزيمة بعض القواد العثمانيين الذين توجهوا لقمع حركته، وانتهت فتنة الشيعة هذه بهزيمة بابا ذو النون وأرسلت رأسه إلى استانبول.
والتمرد الرابع ضد الدولة العثمانية في عهد سليمان القانوني كان تمرداً شيعيا علويا أيضا، وكان على رأسه قلندر جلبي في منطقتي قوينه ومرعش وكان عدد أتباعه 000ر30 شيعي قاموا بقتل المسلمين السنيين في هاتين المنطقتين، ويقول بعض المؤرخين أن قلندر جلبي جعل شعاره أن من يقتل مسلماً سنيّاً ويعتدي على امرأة سنية يكون بهذا قد حاز على أكبر ثواب.
توجه بهرام باشا لقمع هذا العصيان فقتله العصاة، ثم نجحت الحيلة معهم إذ أن الصدر الأعظم إبراهيم باشا قد استمال بعض رجال قلندر جلبى، فقلت قواته وهزم وقتل.
بعد هذا هدأت الأحوال في الدولة العثمانية وبدأ السلطان سليمان في التخطيط لسياسة الجهاد في أوربا.
بدأ العثمانيون في عصر سليمان فتوحاتهم في أوربا بفتح أهم مدن البلقان وهي بلغراد، التي كان المجريون يتولون حمايتها، وكانت علاقة العثمانيين بالمجريين في هذا الوقت متوترة إذ كان سليمان قد أرسل إلى ملك المجر رسولا يعلنه بتولي سليمان عرش العثمانيين، فقتل الملك المجري رسول سليمان ويدعي بهرام جاووش، فأعلن السلطان العثماني الحرب على المجر، وحاصرت القوات العثمانية بلغراد من البر ومن النهر وسلّمت بلغراد بعد شهر واحد من الحصار (عام 1521 م) واتخذها العثمانيون قاعدة حربية تنطلق منها قواتهم في فتوحاتهم الأوربية، وأثناء حرب بلغراد هذه استولى العثمانيون أيضا على قلاع هامة في منطقة بلغراد مثل صاباج وسلانكامن وزملين.
وبعد خمس سنوات فقط من هذه الحرب التي أخذ فيها العثمانيون بلغراد أخذ ملك المجر لايوش يجمع القوى الأوربية لقهر العثمانيين، كتب ملك المجر إلى كل من شرلكان الإمبراطور الألماني وإلى فرديناند الأرشيدون النمسوي يطلب منهما التحالف معه لقهر العثمانيين، وفي ذلك الوقت كان سليمان يعد العدة للحرب ضد المجر.
في تلك الفترة أيضاً قامت حرب محدودة بين شرلكان وبين ملك فرنسا فرانسوا الأول، انتصر شرلكان وأخذ فرانسوا أسيراً، فقامت أم الملك الفرنسي ثم ابنها بعد ذلك بإرسال خطابات نجدة إلى سليمان العثماني يطلبان منه تأييده ضد أعداء فرنسا، فوعد سليمان خيرا، وفي ربيع 1526 تحرك الجيش العثماني في أكثر من ستين ألف جندي من استانبول حتى وصل إلى سهول المجر، وفي صحراء موهاج بالمجر دارت معركة ضخمة من المعارك الإسلامية المسيحية دارت في يوم 29 أغسطس من نفس العام واستمرت ساعتين، وبخطة موفقه من العثمانيين هزم الجيش المجري وكان من أرقى الجيوش الأوربية ومشهور بفرسانه المدرعين، ولعبت المدفعية العثمانية المتقدمة تكنولوجيا دورها في هذا النصر السريع الخاطف الذي أحرزه الجيش العثماني بعد قطعه لمسافات طويلة، مات من الجنود المجريين الكثير، وفر أيضا عدد كبير من ميدان المعركة، وكان من ضمن هؤلاء الذين فروا إلى المستنقعات ملك المجر القائد الأعلى للقوات المسيحية لايوش وهو نفسه الملقب بالملك لويس الثاني ملك بلاد المجر، وإن كان الملك المجري لم يلق حتفه عل على يد سيف عثماني، فقد لاقاه عند هربه إلى المستنقعات إذ قد مات غرقا فيها، ورفعت الرايات العثمانية فوق العاصمة المجرية بشت ولم تكن قد صارت بعد باسمها المعروف الآن بودابست.
من بودابست أعلن السلطان سليمان القانوني خضوع مملكة المجر للحماية العثمانية، ثم أصدر أمراً بتعيين أحد المجريين ملكا عليها وكان هذا الملك هو جون زابوليا أمير منطقة أردل وهو الذي تعرفه المصادر الشرقية باسم الملك يانوش، وعاد سليمان إلى استانبول بجيوشه.

يتبع ..