عرض المشاركة وحيدة
  #5  
قديم 11/10/2008, 11:59 AM
صورة عضوية كايزن
كايزن كايزن غير متصل حالياً
عضو مميز
 
تاريخ الانضمام: 09/09/2007
الإقامة: حيث الحرية مصانة
الجنس: ذكر
المشاركات: 2,260
افتراضي لا يطاع لقصير أمر

لا يطاع لقصير أمر

كان جذيمة ملكا على شاطئ الفرات. وكانت الزباء ملكة الجزيرة، وكانت من أهل بأجرمى، وتتكلم بالعربية، وكان جذيمة قد وترها بقتل أبيها، فلما استجمعت أمرها، وانتظم شمل ملكها، أحبت أن تغزو جذيمة، ثم رأت أن تكتب إليه أنها لم تجد ملك النساء إلا قبحاً في السماع، وضعفاً في السلطان، وإنها لم تجد لملكها موضعاً، ولا لنفسها كفؤاً غيرك، فأقبل إلي لأجمع ملكي إلى ملكك، وأصل بلادي ببلادك، وتقلد أمري مع أمرك. تريد بذلك الغدر.

فلما أتى كتابها جذيمة، وقدم عليه رسلها، استخفه ما دعته إليه، ورغب فيما أطمعته فيه، فجمع أهل الحجا والرأي من ثقاته، وهو يومئذ ببقية من شاطئ الفرات، فعرض عليهم ما دعته إليه وعرضت عليه، فاجتمع رأيهم على أن يسير إليها فيستولي على ملكها، وكان فيهم قصير، وكان أريباً حازماً أثيراً عند جذيمة، فخالفهم فيما أشاروا به وقال: رأي فاتر وغدر حاضر. فذهبت كلمته مثلاً. ثم قال لجذيمة: الرأي أن تكتب إليها، فإن كانت صادقة في قولها فلتقبل إليك، وإلا لم تمكنها من نفسك، ولم تقع في حبالتها، وقد وترتها وقتلت أباها. فلم يوافق جذيمة ما أشار به. فقال قصير:
إني امرؤ لا يميل العجز ترويتي إذا أتت دون شيء مرة الـوذم


فقال جذيمة: لا، ولكنك امرؤ رأيك في الكن لا في الضح. فذهبت كلمته مثلاً. ودعا جذيمة عمر بن عدي ابن أخته فاستشاره فشجعه على المسير وقال: إن قومي مع الزباء، ولو قد رأوك صاروا معك. فأحب جذيمة مقاله، وعصى قصراً فقال قصير: لا يطاع لقصير أمر. فذهبت مثلاً.
__________________
"ليست هناك حدود للعقل سوى تلك اللتي اقتنعنا بوجودها"