عرض المشاركة وحيدة
  #2  
قديم 11/02/2008, 06:46 PM
راعي بر راعي بر غير متصل حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ الانضمام: 16/05/2007
الإقامة: مسقط
الجنس: ذكر
المشاركات: 211
افتراضي

بعد ثلاث سنوات من الحملة العثمانية لفرض الحماية الإسلامية على مملكة المجر جاءت رسالة إلى سليمان من يانوش ملك المجر يقول فيها بأن أرشيدوق النمسا فرديناند يستعد لأخذ المجر منه بعد أن قام الكثير من أمراء المجر بتأييده ملكا على المجر بدلا من يانوش، واستولى فرديناند بالفعل على مدينة بودين من الملك المجري التابع للعثمانيين.
وفى مايو من عام 1529 م تحركت الجيوش العثمانية من استانبول إلى المجر واستعاد سليمان القانوني مدينة بودين مرة أخرى وفي احتفال مهيب توّج القانوني جون زابوليا ملكا على المجر.
ورغم حماس كل من فرديناند وشرلكان ورغم توقع أن يتحركا للحصول على بودين من العثمانيين وإنزال ضربة بالقوات العثمانية، إلاّ أن شيئا من هذا لم يحدث فقد استولى عليهما الرعب والخوف من سليمان.
أصر السلطان سليمان القانوني على محاربة فرديناند، فحاصرت القوات العثمانية في سبتمبر 1529 م مدينة فيينا عاصمة النمسا، واشترك في الحصار مائة وعشرون ألفا جندي وثلاثمائة مدفع، وقبل الحصار خرج ملك النمسا من عاصمته وانسحب بعيدا عنها، وقامت معارك كبيرة في أمام أسوار فيينا لكن الجيش العثماني لم يتمكن من فتحها، إذ جاء الشتاء وبدأت المواد الغذائية تنقص، وأثناء حصار فيينا أرسل العثمانيون قوات (المغيرين) وهي وحدات خاصة في الجيش العثماني، إلى داخل ألمانيا حيث شنوا الغارات وأخذوا الغنائم وأسروا الكثير وعادت القوات العثمانية جميعا دون التمكن من فتح فيينا.
وبعد ثلاث سنوات من بداية الحملة على المجر وحصار فيينا، بدأ السلطان سليمان القانوني القيام بحرب ألمانيا (1532 م).
سبب حملة سليمان على ألمانيا هو أن أرشيدوق النمسا فرديناند أرسل إلى السلطان العثماني سفيرا يطلب منه الإعتراف به ملكا على المجر، ولم يكتف فرديناند بذلك بل جرّد حملة وحاصر بها مدينة بودين، وقامت الحامية العثمانية في هذه المدينة مع القوات المجرية المحلية بالدفاع عن المدينة. على هذا كان قرار سليمان بحملته على ألمانيا، أما لماذا سمّيت بالحملة العثمانية على ألمانيا فذلك لأن سليمان كان يقصد بها دحر قوات شرلكان الألماني أكثر منها حملة على فرديناند.
وصل السلطان العثمانـي إلى النمسا مارا بيوغوسلافيا والمجر، كانت القوات العثمانية المشتركة في هذه الحملة تقدر بمائتي ألف، لم يحاصر العثمانيون فيينا هذه المرّة بل توجه لتأديب أسرة هابسيرج العريقة لكن آل هابسيرج وقوادهم خافوا عندما علموا بوصول سليمان العثماني وخشوا مواجهته، ولما لم يتحركوا للحرب، أرسل سليمان إلى فرديناند رسالة كلها احتقار دفعاً لحماسه إلى الحرب، لكن آل هابسبرج لم يتحركوا وصدرت للمغيرين أوامر بالقيام بعمليات عسكرية سريعة في داخل ألمانيا غنموا فيها وأسروا وانتصروا، وعندما حل الشتاء عادت الحملة العثمانية بأكملها إلى استانبول.
أسفرت الحملة العثمانية على ألمانيا عن خوف فردياند وإيمانه بأن لا قوة في أوربا تستطيع التصدي لسليمان العثمانـي، فاضطر فرديناند إلى طلب الصلح وهو صاغر، ووافق السلطان القانوني على الصلح بشرط أن يعترف فرديناند بأنه ليس نداً للسلطان العثماني وأنه مجبر في معاهدة الصلح هذه على الإعتراف بيانوش ملكا على المجر تحت الحماية العثمانية، ووافق فرديناند صاغرا على دفع 000ر30 دوقا ذهبية جزية للدولة العثمانية.
وفى الجبهة الأوربية: مات يانوش عام 1540م ولم يكن له إلا ولداً طفلاً فقامت الملكة إيزابيلا بالكتابة إلى السلطان العثمانـي تقول له أنها تريد أن يكون ابنها هو الملك بديلا عن أبيه، وكانت تدرك أن فرديناند ارشيدوق النمسا يطمع في ملك المجر بل وتحرك وحاصر بودين فعلا، وسريعا ما تحرك جيش العثمانيين بقيادة السلطان سليمان القانوني نحو بودين، وما أن سمع النمساويون بقرب القوات العثمانية حتـى تركوا حصار المدينة وهربوا، وعند أنسحابهم كانت بعض وحدات العثمانيين بقيادة الوزير محمد باشا تلحق بهم الخسائر الفادحة أثناء انسحابهم.
وفى عام 1541 دخل السلطان بودين وأمر بتحويل أضخم كنائسها إلى جامع للمسلمين كما أمر بإلحاق هذه المنطقة الهامة من المجر بالدولة العثمانية تحت اسم ولاية بودين، وأمر بتعيين سيجسموند الابن الطفل لملك المجر يانوش، أميرا على إمارة أردل التي كان يحكمها أبوه قبل أن يصبح ملكا على المجر، ثم عاد السلطان إلى العاصمة.
لكن فرديناند لم يسكت فقد أقنع البابا بول الثالث بضرورة تكوين حملة صليبية قوية لكي تستريح أوربا من العثمانيين بالتخلص منهم والقضاء عليهم. وتحركت هذه الحملة إلى بودين عام 1542، وحاصرتها حصارا محكما، لكنها فشلت في الاستيلاء عليها، ولما وصلت أخبار هذه الحملة إلى السلطان سليمان، تحرك مرة أخرى عام 1543 إلى أوربا واستولى على أهم القلاع المجرية التي كانت في يد النمسويين وهما استركون، واستولني بلغراد.
توسل الملكان المرموقان في أوربا في ذلك الوقت إلى السلطان سليمان عن طريق السفراء أن يعفوا عنهما، وسامحهما سليمان بشرط أن تدفع النمسا سنويا مبلغ ... ,.3 ذهبا عن أراضي المجر التي في يدها، ولم تستمر هذه المعاهدة طويلاً إذ اعتدى النمساويون على أردل، لذلك قام الوزير قره أحمد باشا مع أمير أمراء الروملي صقوللو محمد باشا عام 1552 م بحصار قلعة طمشوار وكانت في أيدي النمسويين وأخذها فتحا، وتحرك علي باشا الخادم من بودين ودخل الأراضي المجرية التي تسيطر عليها النمسا وفتح كثيرا من قلاعها وغنم وأسر، وحاول أحمد باشا بقواته أن يستولي على قلعة أيرى فلم يوفق.
اجتمع مجلس شعب إمارة أردل ورفض الحكم النمسوي ووقع المجلس مع العثمانيين معاهدة وطلبوا من سليمان أن يصبح سيجسموند بن يانوش والموجود في بولنده ملكا عليهم فقبل العثمانيون هذا وأصبحت أردل مملكة يحكمها سيجسموند تحت الحماية العثمانية عام 1559 م، ولم يكن مناص من أن ترسل النمسا سفارة إلى سليمان العثمانـي ترجوه فضّ حالة النزاع وعقد معاهدة سلام، ولما وافق سليمان العثماني على ذلك وقعت المعاهدة عام 1562 م إعترفت فيها النمسا بعدم أحقيتها في أردل وأنها تقبل دفع مبلغ 000,30 ذهبا وسار الحال هادئا حتى مات فرديناند وخلفه مكسميليان الذي اعتدى على الأراضي العثمانية فخرج سليمان العثمانـي ليؤد به، إلاّ أن السلطان توفي وهو يحاصر إحدى القلاع في هذه الحرب.
أما في جبهة الدولة العثمانية مع عدوها الدولة الصفوية فنذكر عنها ما يلي:
في عام 1524 تولى الحكم في الدولة الصفوية الشاه طهماسب بن الشاه إسماعيل وكان طهماسب عدو للعثمانيين السنيين. بدأ طهماسب نشاطه ضد الدولة العثمانية بأن رغب في التحالف مع القوى الأوربية لحصر العثمانيين بين القوتين والقضاء على دولتهم، فأرسل طهماسب إلى شرلكان سفيرا يطلب منه التحالف بين الاثنين.
إن البداية الحقيقية للنزاع هذه المرة بين العثمانيين والصفويين فقد كان من بغداد.
طلب ذو الفقار خان حاكم بغداد الدخول تحت الحماية العثمانية فأرسل له الشاه من يقتله عام 1529 م ودخلت القوات الصفوية بغداد، وعلى الجانب الآخر قام شرف خان حاكـم بتليس بخيانة العثمانيين وتحالف مع الصفويين، عند هذا أعلنت الدولة العثمانية الحرب على الصفويين وتحرك الصدر الأعظم إبراهيم باشا فدخل تبريز دون مقاومة تذكر، ومن خلفه كان السلطان سليمان القانوني يقود الجيوش العثمانية إلى نفس الهدف ودخل تبريز عام 1534 م ثم اتجه إلى بغداد فستسلّمت القوات الصفوية عام 1534 م. وكان سليمان قد استولى على آذربيجان وعبر جبال زاغروس الإيرانية ومنها إلى بغداد؛ وسميت هذه الحملة حملة العراقين أي العراق العجمي وهو آذربيجان والعراق العربي. وبهذه الحملة دخلت العراق في كنف الدولة العثمانية، وعندما انسحب العثمانيون من تبريز وجوارها ثم فتحوا بغداد استرجع الصفويون المنطقة مما سبب عزم السلطان على تأديب الصفويين مرة في أخرى وهذا ما سمي باسم الحملة الثانية على إيران وكانت عام 1548 م واسترجع فيها تبريز وأضاف أليها قلعتي وان وأريوان لكن انسحاب العثمانيين وعودتهم جعل الفرس بعد أن انتهزوا انشغال الدولة في أوربا وعادوا مرة أخرى فقام سليمان بحملته الثالثة ولم يحصل على نتيجة مباشرة إذ أن طهماسب خاف من مجابهة الجيوش العثمانية، فلما عاد سليمان إلى بلاده، وعند وصوله إلى آماسيا، وصلت إليه رسل طهماسب للصلح فقبل السلطان توقيع معاهدة آماسيا عام 1555 م وبموجبها تقررت أحقية الدولة العثمانية في كل من أريوان وتبريز وشرق الأناضول.


يتبع ...

آخر تحرير بواسطة راعي بر : 11/02/2008 الساعة 07:13 PM