سبلة عمان

سبلة عمان (https://www.s-oman.net/avb/index.php)
-   سبلة الثقافة والفكر (https://www.s-oman.net/avb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   علي حاردان الذي رحل.. رثاء للرجل.. رثاء للانتماء.. بقلم سعيد بن سالم النعماني (https://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=228925)

صدى الوطن 24/06/2008 07:10 PM

علي حاردان الذي رحل.. رثاء للرجل.. رثاء للانتماء.. بقلم سعيد بن سالم النعماني
 
نشر هذا المقال في ملحق آفاق الثقافي – جريدة الشبيبة 28/5/2008م

علي حاردان الذي رحل
رثاء للرجل.. رثاء للانتماء

بقلم سعيد بن سالم النعماني

رحل عن الدنيا الأخ والزميل والصديق الكاتب الأديب علي بن سهيل حاردان، الذي زاملني في جريدة عمان لما يزيد عن (15) عاما. اجتمع قلمانا خلالها في الملحق الثقافي وفي صفحات التحليل السياسي، واجتمعت أفكارنا واتحدت آراؤنا حين عملنا سويا في قسم واحد هو قسم الدراسات والتقارير، في فترة كانت قضية عراق العروبة العرباء حبل يتجاذبه العرب من طرفيه، وكان الجانب الأقوى في العرب يدفع نحو ما آلت إليه الأوضاع، أما نحن فكنا متفقين على أن العراق الذي يكتب للأمة عنوانها الحضاري بين أمم الدنيا أسمى وأغلى من أن يدمر بسبب مغامرة، وكنا نقول أن قيادة العراق في ذلك الأوان قد ارتكبت خطأ استراتيجيا فادحا في أغسطس 1990م، ولكن العرب بعد ذلك ارتكبوا أخطاء أكثر فداحة حين تحالفوا مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق، واستمرت تلك الأخطاء تتوالى من عام 1991م حتى 2003م، وكنا نرى أن الملك الحسين بن طلال قد جسد موقفا قياديا عروبيا قد اتسق تماما مع ما عرف عن ذلك العاهل العظيم من حنكة بالغة. ونتيجة لمعالجة خطأ القيادة العراقية الفادح في الكويت بأخطاء أعظم، ها هي الأمة اليوم تعبث في مصيرها إسرائيل وأمريكا، وها هي إيران تساوم الطرفين على مصالحها من خلال تضييع مصالح امتنا. وإذا كانت أمريكا قد قسمت الدول العربية إلى معسكرين، ها هي إيران تدخل في المقسم فتقسمه، وتساوم به، ومثل ما تجد إسرائيل من ينسق لها علاقاتها كلما تأزمت مع هذا الطرف العربي أو ذاك، ها هي إيران تجد من يوطد لها قدمها في الشؤون العربية.

لقد كان سقوط العراق بالنسبة لنا سقوطا للحلم بنهضة عربية، ولم يكن ذلك الإسقاط يستهدف نظام العراق السياسي وحده ولكنه استهدف نهضة علمية عربية عراقية، من خلال تدمير دور العلم وجامعاته ومعامله وتقنياته، ومن خلال اغتيال وقتل علماء العراق الذين بلغ عدد من قتل منهم واغتيل أكثر من عشرة آلاف عالم، ومن خلال تفتيت الكيان العراقي، وتقسيمه إلى كيانات بغيضة، ولاؤها للمذهب مقدم على الولاء للوطن، وصارت تستعلي على هوية العراق القومية الحضارية، وأصبح برلمانه اليوم يتكلم بلغتين، وتبعا لذلك أصبحت هوية العراق العربية ضائعة بين قم وكردستان.

لقد رأينا في سقوط العراق سقوطا للدولة العربية المتأهلة للألفية الثالثة حيث عصر القطبية الواحدة، سقوطا للحق العربي في دولة تنافح عن حق الأمة في مشروعها العلمي الحضاري، وفي حقها المغتصب في فلسطين، وفي حقوقها المنتهكة في نواحي متعددة من إقليمها القومي. ولطالما دبجنا المقالات في هذا الشأن ولكن الكثير منها لم ير النور. لقد شكل لنا ذلك السقوط هزة نفسية، لم يكن في مقدور ضمائرنا أن تتحملها، فالعراق العربي في تاريخه الموغل كان مدرج الأنبياء، وهو من ابتكر أبجدية الكتابة، وهو من أهدى للدنيا شريعة يحتكم إليها الناس، والعراق العربي في العصر الإسلامي، هو من أنشأ مدارس علم التاريخ وعلم الحديث، وعلم الفقه، وعلوم اللغة نحوا وصرفا وبلاغة وعروضا، وعلوم الحساب والجبر والكيمياء والطب والفلسفة وغيرها. والعراق في عهده العباسي هو من أوجد أشكال الإدارة الحكومية، وأسس سياسة صحية غير مسبوقة تقوم على إنشاء المستشفيات المزودة بأجنحة ترقيد، والمعتمدة على علاج المرضى بنظام الحمية من خلال وجبات يتم إعدادها طبقا للحالات المرضية. العراق العظيم في عهده العباسي كان له الفضل الأكبر في بروز مظاهر الحضارة العربية الإسلامية التي ما زال المنصفون من علماء الغرب يعرفون فضلها في مسيرة التطور الإنساني.

لقد كان العراق وسيظل في أذهاننا وضمائرنا كل تلك المعاني والقيم والأمجاد، وكان علي بن سهيل رحمه الله أشبه ما يكون بغير المصدق أن ما حدث قد حدث فعلا للعراق، وكان يرى أنه من المستحيل أن يتأثر العراق من تلك الجريمة التي اقترفت بحقه، أو أن يستطيع المعتدون أن يقهروه، فهو في نظره أعظم من أن يغلبه الأعداء، وفي هذا السياق جاء في إحدى الأيام إلى المكتب وفي يده مشروع قصيدة كتبها بهذا الخصوص، وناولني نسخة منها، وهي ما تزال ضمن أوراقي التي أحتفظ بها من فترة عملي بجريدة عمان، التي بلغت (23) ثلاثة وعشرين عاما.. يقول علي:

قولوا لهذا النهر قف!
قولوا لهذا النبض..
في قلب العراق بأن يخف
قولوا له
ودعوا شرايين العراق لأن تجف
قولوا
قولوا لهذا النخل
إن النخل في كل العراق الكبرياء
ألا يطول ولا يميل ولا يرف
قولوا لهذا الفجر
إن الفجر من وجه العراق ضياؤه
أن ينتفي .. أن يختفي.. أن يعتكف
قولوا لهذا النهر قف!
إن تفعلوا
لن تمنعوا هذا التدفق في العروق
لن تمنعوا فجر العراق من الشروق
لن تفعلوا
إن تفعلوا
قولوا لهذا النهر قف!

**************

إن العراق نساؤه دوما يلدن عمالقة
هل تمنع أمريكا النساء ألا يلدن عمالقة؟
ألا يلدن محاربين كما الرماح
ألا يلدن مشاغبين كما الرياح
القادمين كما الصباح
الفاتحين
الواهبين
الحاملين النفس
في طلب المكارم في الأكف

**************
قولوا لأمريكا
العراق هو العراق
هو التصدي
والتحدي
والعناق
هو التمرد
والتفرد والسباق
قولوا لأمريكا
العراق هو العراق.

في ديسمبر 2004م تم نقل خدماتي من جريدة عمان إلى موقع آخر، ومنذ ذلك التاريخ لم ألتق بالأخ علي ولم يجر أي اتصال بيني وبينه حتى يوم الثلاثاء الماضي 20/5/2008م، حيث اتصل بي يطلب مني أن أسعى لمدرس عربي يعمل في إحدى المدارس التابعة لوزارة التربية بمحافظة ظفار، وقد أبلغته الوزارة بإنهاء عقده، فجاءت زوجة المدرس إلى علي مستغيثة تطلب منه أن يطلب من المسؤولين أن يجددوا العقد لزوجها بسبب الأوضاع الخطرة التي تتهدد حياتهم في بلدهم، فلقد كان زوجها في الأصل غير مسلم وبزواجه بها اعتنق الإسلام ثم تبعه بعض أفراد أسرته، فأدى الأمر بعشيرتهم أن قتلت اثنين ممن أسلموا من عائلته، وأصبح رحيل هذا المدرس إلى بلده تهديد خطير لحياته، فأجبته إلى ما طلب مني، وفي يوم الخميس اتصلت به لأبلغه بأن الشخص الذي تحدثت إليه يريد بعض الإثباتات على هذا الكلام، لكن علي لم يرفع السماعة، فأرسلت له رسالة هاتفية بالمطلوب، ولكن الأوراق لم تصل على رقم فاكس الرجل حتى يوم السبت 24/5/2008م، وفي صباح الأحد فوجئت بخبر نعي علي في جريدة عمان. لقد كان علي رحمه الله تفيض نفسه بالمثل والخير، ويكفيه أن وفاته جاءت وهو يسعى من أجل أسرة لا يرتبط بها بصلة قرابة مباشرة. فرحمه الله وأحسن العزاء لأهله ووطنه وأمته التي فقدت برحيله ابنا من أبنائها البررة، وقلما لطالما سفح مداده عبر صفحات الصحف، وعلى منابر الشعر مدافعا عن كيان أمته، وأبنائها، وفكرها، وقيمها، وحقوقها في الوجود. فرحم الله أخانا علي حاردان وجزاه بكل جرة من قلمه خطها في سبيل الحق والعدل خير الجزاء .

صدى الوطن 24/06/2008 07:56 PM

علي حاردان...يكتبها عبدالله العليان
 
نوافذ
علي حاردان
يكتبها : عبدالله العليان


يعد الزميل المرحوم علي بن سهيل حاردان أحد الشعراء والكتّاب العمانيين الذين أثروا الساحة الأدبية والثقافية والفكرية منذ ما يزيد على العقدين من الشعر والكتابة وتناول الهم السياسي العربي . عرفت المرحوم علي حاردان في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عندما كان كاتباً في الزميلة الوطن، وله عموده الثابت في قضايا الأدب والثقافة ، وتلقى مقالاته الاهتمام والسجال في الساحة الأدبية والثقافية العمانية بما يطرحه من رؤى تحرك الساكن الثقافي وتلقي بالحجر في المياه الراكدة .
بعد ذلك انتقل إلى جريدة عمان كاتباً ومحرراً بالملحق الثقافي في أواخر الثمانينيات في الوقت الذي كان الملحق الثقافي بجريدة عمان حديث مجالس الفكر والثقافة والأدب في بلادنا، كان رحمه الله يرى أن الشعر الصادق هو الذي يستطيع البقاء ، كما كان شعر المتنبي الذي عبّر عن الأحاسيس والمشاعر الوجدانية . ويعكس المعاني المترسبة في النفس الإنسانية والعقل والوجدان ، ويندفع تلقائياً كخرير المياه في مجاري الأنهار .
ومع ازدياد هموم الأمة العربية وقضاياها في الساحة السياسية اتجه المرحوم علي حاردان إلى الكتابة السياسية والفكرية، وهو ما يعكس اهتمامه رحمه الله بقضايا الأمة ومحطاتها وتحولاتها المختلفة. وكذلك اهتمامه بقضايا الوطن العماني ونهوضه وتقدمه .
لكن هاجسه دائما وطنه الصغير، مدينة ظلكوت وشوقه الدائم لرؤيته والجلوس على سفوحه وبين حقوله . ومن كلماته النثرية التي حملت عنوان (الوطن) يقول رحمه الله:[يسافر الشوق بعيدا بعيدا .يخفق بأجنحة من هوى إلى مكان ما له رائحة ما ..يسمى الوطن .ما أجمل أن يكون لك وطن تسافر إليه كلما عبث الحنين بأعناقك ..هذه الطيور العابرة للقارات بحثاً عن وطن تسلم أجنحتها للريح في كل موسم .. ما أشقى الطيور التي تموت بلا وطن .. بل ما أشقى الطيور جميعها .هل يمكن أن نرسم صورة للوطن .. إنها لوحة جميلة ساحرة .ما سر سحرها الذي يمتلكنا .. كتب أحدهم إلى صديقه قائلاً .. عزيزي ..هل يمكنني أن أرسل شيئاً يمثل الوطن .. فرد عليه ..الحكايات الصغيرة والأناشيد التي كنا نرددها مراراً في مباهجنا الصغيرة .. قص لي عن كل شيء ..عن لعبنا .. عن حماقات الصغار .. إنه الوطن الذي يبدو جميلاً . كان رحمه الله بسيطا وتلقائيا في تعامله مع زملائه، وفيا لاصدقائه، بارا بوالديه في حياتهما، كريما، آخر مرة رأيته فيها كان يودي صلاة الظهر في مكتبه.
رحم الله علي حاردان رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته والهم اّله وذويه ومحبيه الصبر والاحتساب.

راشد الشماخي 25/06/2008 12:27 AM

جميل ما خطته يدك أخي عن أبرز وألمع نجوم الشعر والكتابة في هذا الوطن العزيز

رجائي إذا كنت تمتلك عنه أكثر فلا تبخل علينا به أخي العزيز


رحم الله علي حاردان وأدخله فسيح جناته

الزمن المنسي 25/06/2008 12:47 AM

رحم الله الأستاذ على رحمة واسعة
وونشكر الطرح الراقي من قلب بشتاق لحبيبه
أقصد الأستاذ عبدالله طبعا
وهؤلاء الناس يعيشون الروحانية في الجانب القافي
أقصد يكتبون بالروح والنقاء الروحي والتلذذ بالعطاء والصدق الداخلي
هؤلاء أقلام يجب دفعها دوما للعطاء في الحياة قبل الممات
لا أن ننتظر موتها !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1
حتى نشيع عطاءها وانتاجها معها أثناء الرحيل
لاشك لابد من محطات حياتية
ولاريب أن الكتابة عن الانتاج بعد الرحيل له تقديره ومضمونه وفحواه وشاعريته
ولكنني أرى أن لابد من العودة لتناول الرجل وسيرهم وتراجمهم والوقوف عند عطائهم أثناء تواجدهم بيننا بحواسهم ومفاهيمهم عطاءاتهم في مجالس تخص كل مجال وتثري كل جانب
تحية خاصة للجميع ممن يستشعر العطاء المتدفق والوطنية الحقة

الزمن المنسي 25/06/2008 12:49 AM

ورحم الله فقيدنا الأستاذ علي
وليكتب كتابنا بكل الوفاء والعطاء لنذكرهم أحياء وأمواتا


جميع الأوقات بتوقيت مسقط. الساعة الآن 05:52 PM.

Powered by: vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
لا تمثل المواضيع المطروحة في سبلة عُمان رأيها، إنما تحمل وجهة نظر كاتبها