المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : قصة أصحاب الفيل


nama44ka
04/09/2010, 03:38 AM
من أساليب الكلام الرفيع، والبيان البليغ أن يسوق المتكلِّم قصة ينتزعها من الواقع، لا يريد بها سرداً مُجرَّداً لهذه القصة، ولا تعريفاً بتلك الواقعة، بل إنما يبتغي من ورائها تقريراً لحقائق ثابتة، وغرساً لمبادئ سامية، أو طمأنة لقلوب وجلة، وتثبيتاً لنفوس مؤمنة أو تحذيراً من عواقب وخيمة، وإنذاراً من نتائج مُخزية، إلى غير ذلك من المعاني التي تتراءى للنفس فيها الحقائق جليَّة واضحة حتى إنها لتتخطى القرون والأجيال وتكاد تقف مع الحادثة وجهاً لوجه على الرغم من بُعد الأمد وطول العهد، وإذا بالنفس تجد في هذه القصة الموعظة البليغة المؤثِّرة بأسلوب لطيف وعرض جذَّاب رقيق. على هذا النهج وبمثل هذا الأسلوب تجد القرآن الكريم في كثير من الأحيان يسوق الموعظة والقصة، وبهذا وردت هذه قصة أصحاب الفيل في سورة كريمة هي سورة الفيل لتُحدِّثنا عن قصة هؤلاء القوم.
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}
وخلاصة هذه القصة "أصحاب الفيل" أن أحد ملوك اليمن ابتنى كعبة في حاضرتها صنعاء، ليصرف الناس إليها ويُحوِّلهم عن الكعبة بيت الله الحرام، فجاء أحد العرب وأساء له فيها فأغاظه ذلك وأثار ثائرته، وعزم ليهدمنَّ الكعبة فسيَّر جيشاً في طليعته فيل عظيم ومن ورائه أفيال، وظنَّ أن له فعلاً، وحسب أن له قوة وأن باستطاعته تنفيذ ما صمَّم عليه، ولم يدرِ أنه ليس له من الأمر شيء، وأن الأمر كله لله، فلمَّا أضحى على مقربة من مكة شاءت الرحمة الإلهية أن تُذكِّر أولئك المعتدين بخطئهم فيما اعتزموا عليه، وأن تُوقيهم الهلاك الذي سيصيرون إليه إن لم يرجعوا عمَّا هم فيه من التصميم على العدوان فحوَّل ربُّك الفيل العظيم الذي يتقدَّم في الطليعة وتحوَّلت من بعده الفيَلة مُدبرة، وما كانت لتسلس قيادها لأصحابها وما كانت لتولّي وجهها شطر الكعبة، وأخيراً ومن بعد تذكير مُلِحْ ورغماً عن تذكير أكيد، وبناءً على تصميم المعتدين على العدوان وصممهم عن التحذير الإلهي، أراد ربُّك أن يجعل من هؤلاء القوم عبرة لكل معتدٍ أثيم، فأرسل تعالى عليهم سرباً من طيور ضعيفة ترميهم بحجارة صغيرة فجعلت من هلاكهم عبرة باقية تُذكِّر كل باغٍ بمصرعهم، موعظة لا تُنسى على الدهر، وكيف تُنسى وقد جاءت تردِّدُها آي الذِّكر الحكيم الذي تعهَّد تعالى بحفظه من كلِّ تحريف وتغيير.
وفي السورة الكريمة؛ سورة الفيل لم يُخاطب الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} إلاَّ ليذكِّره بتلك الواقعة التي جرت منذ عهد قريب فكان لها أثرها البيِّن في أنفس قريش، فلمَّا أراد المعتدون كيداً بالبيت الحرام وبمن يحميه من الناس جعل الله تعالى من هلاك أولئك المعتدين آية بيِّنة وعبرة ناطقة، وعلم الناس إذ ذاك أن الأمور في هذا الكون لا تجري جزافاً، بل جميع ما يقع فيه إنما هو بمقادير ووفق حساب دقيق.
والآن وقد أرادت قُريش أن تكيد للرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه، وقد عزمت أن تُطفئ نور الله، والله مُتمُّ نوره، فلْتستعد للبلاء ولتوطِّن أنفسها للهلاك، ولتعلم أن الذي أهلك أصحاب الفيل مُهلك كُلَّ معتدٍ أثيم، وسيصيب الباغين من المشركين، لا بل كل مُعاند للحق ما أصاب أصحاب الفيل، والله ناصر رسوله ومؤيِّده، والله وحده المتصرِّف في هذا الكون والعاقبة للمتَّقين.
هذه الآية الكريمة تقول: لا تُبالِ أيها الرسول الكريم بخصومك مهما كادوا لك ومهما تآمروا ولا تكُ في ضيق مما يمكرون، فما هم بمستطيعين أن يردُّوا ما جئت به من الحق، أو يحولوا دون نشر ما أنزله الله من الكتاب عليك، فمهما يكن خصمك قوياً فالله سبحانه هو القوي ومنه تعالى يَستمدُّ القوة كل قوي، ومهما يكن لمعارضيك من كيد ومكر وتدبير، فالله هو السميع العليم وما يمكرون إلاَّ بأنفسهم وما يشعرون، وإني لمؤيِّدك وناصرك وإني من ورائهم مُحيط.
ألم تر ما حلَّ بأولئك المعتدين يوم جاؤوا معتمدين على قوَّتهم والهلاك الذي صاروا إليه؟.
ألم تعلم أني أنا الفعَّال وأني أنا المتصرِّف بهذا الكون لا إله غيري وأني على كل شيء قدير: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. فإذا كان المخاطب الأول بهذا الكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا شك أن فيها إشارة وخطاباً ضمنياً لكل مؤمن وتثبيتاً لكل داعٍ إلى الحق ومُرشد.
ففيها من التثبيت على الحق والتشجيع على المضي في الدعوة ما يجعل الداعي يسير قدماً غير مُبالٍ. وفيها من التعريف بالتسيير الإلهي ما يجعل المؤمن يتذكَّر دوماً أن المتصرِّف الحقيقي في الكون هو الله وحده، وما على الإنسان إلاَّ أن يصلح نيته والله آخذ بيده وناصره.
وهكذا ففي هذه الآية الكريمة تشجيع للمؤمنين على الصبر في نشر الحق، وطمأنة لهم وتثبيت، وفيها إنذار للمعارضين في كل عصر وحين، وتوقية لهم من الهلاك وتحذير، وفيها بيان بأن الأمور في هذا الكون لا تجري جزافاً، فالله وحده هو المتصرّف والمسيِّر وهو الله لا إله إلاَّ هو، وهو العزيز الحكيم، وما ذلك كله إلاَّ طرف ممّا تضمَّنته هذه الآية الكريمة واشتملت عليه.
هذه السورة الكريمة تُحذِّرنا من مخالفته تعالى، وتبيِّن لنا أنّ أخذه سبحانه أليم شديد، وأنّه لا يُعجزه في هذا الكون شيء، فإذا كان الإنسان لا يقدِّر إحسان ربِّه المحسن إليه، ولا يسلك الطريق الذي أمره به ودلَّه عليه؛ فلْيستعدَّ للبلاء وليذكر ما حلَّ بأصحاب الفيل:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}. وقد جاءت الصيغة لا للاستفهام، بل للتذكير والتقرير وتثبيت الحادث في الأذهان. أي: هلاَّ سمعت أيها الإنسان بما سلَّطه مربِّيك على هؤلاء الظالمين، وهلاَّ رأيتَ ما فعله ربُّك بأولئك الذين خرجوا عن الحق وحادوا عن طريق الإنسانية، فجاؤوا لهدم الكعبة ليحوِّلوا الناس إلى كعبتهم التي بنَوْها في اليمن طمعاً في الأرباح الماديَّة التي تعود عليهم من الحج.
وقد أراد تعالى أن يُبيِّن لنا ما فعله بأولئك المعتدين من أصحاب الفيل ليكون ذلك عبرةً لمن يكون ميله إلى الدنيا سبباً في حياده عن الحق، فقال تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ}.
والكيد: هو التدبير الذي قام به أصحاب الفيل، وإن شئت فقل تلك الخطة التي رسموها والمؤامرة التي دبَّروها يبتغون من ورائها هدم الكعبة، وإيقاع السوء بأهل مكة، إذ الكيد هو: إرادة السوء بالآخرين، وفعل ما يغيظ.

supa snake
04/09/2010, 03:40 AM
سبحان الله قصه الصحاب الفيل زادت منه هيبة الكعبه عند العرب انذاك

حتى انه عند قصة اعادة بناء الكعبه خاف العرب ان يمسوها

وكانوا عندما يقتربون منها يقولوا (( اللهم لم نزغ )) خوفا من العقاب


اللهم زد بيتك هذا مهابة وتعظيما

شخص مغامر
04/09/2010, 03:42 AM
اللهم زد بيتك المعظم هيبة واجلالا وتعظيما اللهم امين