عيون بلا دموع
16/01/2007, 04:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإباضيــــة:
(( من هم الأباضية ))
الاباضية امة من أهم أمم الإسلام أمامهم عبد الله بن أباض التميمي المعروف زعيم ديني وإمام رضي, شهر مقامه بين رجال الحق وزعماء الرشد, لم يزل داعيا إلى ربه مجدا هماما مرشدا, وليا لأولياء الله , رضيا في دينه , لا يهاب الجبابرة , ولا يحابي الظلمة , ولا يداهن في الدين . ولا يميل إلى أهل الأمراء والبدع , وهذه الهجة أهل الحق في الإسلام , وسيرة الأتقياء الأعلام , فلما فشي خبرة بهذا في الأمة الإسلامية , وأشاع بنأه في أقطار الإسلام وعوالمة , وأضيف إليه من كانوا كذلك من الأمة ونسبوهم إليه , وهو كما ترى لم يكن إماما له مذهب خاص , ولا مسألة واحدة في الدين.
الإمام عبد الله بن اباض التميمي
لا يحفى أن الأمام عبد الله بن أباض بن تميم اللآت بن ثعلبة من بني مرة بن عبيد رهط الأحنف بن قيس آل مقاعس التميمي, كان من أهل العراق جاء إلى الإمام جابر بن زيد لأخذ العلم عنه, كان يناظره في أموره وفي مهماته الدينية وفيما يأتي منعا وما يذر, كان من أتباع أبي الشعثاء, هو تابعي أيضا فإنه دارك كثيرا من الصحابة رضوان الله عليهم, ولا يحفى أن عبد الله بن أباض الذي انتسب إليه هذا الجيل من أمم الإسلام, وشاع بينهم شيوعا سريعا باسم الاباضية نسبة له إلى اباض والد عبد الله, كان أباض المذكور أفقه من عبد الله وأعلم منه, إلا أن عبد الله, كان أثقل على زعماء الباطل من الصخرة وكان لا يبالي برد الباطل على صاحبه ولا يحابي في الدين ولا يأتي أبواب الأمراء الذين تسلطوا على الأمة بالجبروت, وكان له من عشيرته حمى منيع وركن رفيع لم يجسر احد على الحط من قدره, فإن كان مقداما لا يراع ومنها ما لا يرتاع يقوم في وجه البغي غير خائف ولا وجل / ( ولولا رهطك لرجمناك ), والأحنف بن قيس مع رهطه كان يداري معوية ويتقيه نظرا إلى دنياه التي يطمع الأمراء فيها, بخلاف عبد الله بن اباض مع عبد الملك وأعوانه, مع إن سطوة عبد الملك على الناس أجرأ من معوية, إذ كان معوية جديد عهد بسيرة الخلفاء الأربعة, أما عبد الملك فقد تجددت به أبهة الملك وسطوة السلطان ومع ذلك يراعي عبد الله ابن أباض وهو لا يداريه ولا يحاربه, بل يرد عليه أعماله ويساعد منه, فلذلك شاع له صيت انضوى تحت جناحيه هذا الجيل فأنطلق الاسم عليه فصار علما على هذه الأمة المسماة الآن بالأباضية, بخلاف بقية المذاهب فإنها انتسبت إلى علماء أخذت بأقوالهم وتركت ما سواها, وبذلك عرفت, ابن أباض من أبطال العلم الذين شهد لهم التاريخ بما لم يشهد به غيره.
((أين هم الأباضية ))
الأباضية غي بعمان أعرق منهم في غيرهم من بلاد الشام, وفي بلاد العراق إذ كان ابن أباض عراقيا, وفي أرض اليمن والأخص في حضرموت إلى نهاية القرن السابع. وفي المغرب اشهر من نار على علسم, وأرسى من ر ضوى على الثرى. وفي زنجبار من أفريقيا, وفي مكة متعددة من بلاد الله.
(( هل لهم مذهب خاص ))
ليس للأباضية مذهب خاص يتقدمون به تبعا لعالم خاص من علماء الأمم كأبي حنيفة, أو احمد بن حنبل أو الشافعي, أو مالك, أو الثوري, أو غيرهم من علماء الإسلام. فلا توجد لأبن أباض مسألة واحدة تؤثر عنه في الدين. ومن هنا يعلم مقام الاباضية في الإسلام, فان الأباضية رجال تقييد لا تقليد, وأهل اعتماد على الحق لا على الحلق, فلا يتقيدون إلا بالله ورسوله فقط.
(( من علماء الأباضية أيام بن أباض ))
علماء الأباضية في أيام أيام بن أباض أجلة العلماء, وفي مقدمتهم الأمام الأود جابر بن زيد الازدي العماني أبو الشعثاء, الذي أجمعت الأمة على ثقته وأمانته وقد عرفة كل أحد.
واو عبيدة مسلم بن أب كريمة, وضمام بن السائب الندبي العماني وصاحب الصحيح الغمام الربيع بن حبيب الفراهيدي العماني البصري, وأمثالهم ممن هم الأعلى والمرام الأوفى, والسبق في الإسلام على علماء المذاهب المعروفه.
((من هم الخوارج إذا كان الأباضية ليسو منهم ))
الخوارج في الأصل جمع خارجة, وهي طوائف تخرج في الإسلام ضالة ومحقة, وفي عرف الفقهاء فرق من فر ق الإسلام رأسهم نافع بن الأزرق, ونجدة بن عامر وعبد الله الصفار. وإتباعهم خرجوا على أهل الحق في زمن من التابعين, وحكموا على ارتكب الكبير من الذنوب بالشرك. وفرعوا عليه حيلة مله فيغنم, ودمه فيسفك. ورأوا أن ذلك هو الحق . واشتدوا على الناس, وثقلت وطأتهم على ما تسلطوا عليه. واشتدت شوكتهم , وعظمت منحتهم على الأمة الإسلامية ابتلاء من الله لهم بمثل هؤلاء .و تعلقوا بتأويلات خالفوا فيها غيرهم من سائر الأمم الإسلامية ولم يصغوا على قول غيرهم من أهل الحق , فاستعرضوا الناس بالسيف , وقتلوا من لم يحل قتلة , ونهبوا الأموال واستعدوا النساء والرجال لأنهم في نظرهم مشركون . فكان لهم خطب جسيم في الإسلام , استحلوا ما حرم الله بالمعصية تتأولين قوله تعالى ( وإن أطعتموهم أنكم لمشركون ) وكان معنى الآية : أن أطعتم المشركين في القول فتحليل الميتة فاتنم مشركون مثلهم . ولكن هؤلاء تأولوهم على غير وجهها فكان معناها معهم وان أطعتموهم في أكل الميتة , فاخطأوا بذلك في تأويل الآية وجه الحق . ولا يحفى أن استحلال ما حرم الله رد على الله عز وجل , وهو شرك محض لا يرتاب فيه من له تمييز بين الحق والباطل .
ولما كان ما كان من تأويلهم هذا ومشوا به في الأمة مشية اشمأز منها المسلمون , وانكروا عليهم أهل الحق , فزادا في عنادهم , وتمردهم في منهجهم . ولم يقتصروا بذلك بل تجاوزوه إلى الفعل فعملوا بمقتضى تأويلهم , وعملوا تشريك مرتكبي. فحلت لهم دماء أمة محمد عليه الصلاة والسلام وراو أنها تقربهم من الله زلفى, واستحلوا الأموال غنيمة ساتغة فقتلوا من تمكنوا من قتله ممن لا يقول بقولهم هذا, وسبوا من شاءوا بذلك, والواضح أنهم على الباطل الذي لا مرية فيه, لذلك قال فيهم أئمة المسلمين كالربيع بن حبيب, صاحب الصحيح, وأبي عبيدة مسلم بن أبي طريمة, وضمام بن سائب, وأمثالهم, نرى ما داموا على قولهم هذا فخطأهم محمول عليهم, فإذا تجاوزوه افعل حكمنا بكفرهم أي يصح تركهم وتأويلهم ما لم يفعلوا بمقتضاه, فأن فعلوا فلا يسع إلا تكفيرهم والقيام في وجوههم لرد ضلالهم وبدعهم, وزجرهم وقتلهم حتى يرجعوا إلى الحق, فأن المسلمين كلهم لم يقولوا بذلك أبدا, وبذلك طرهم المسلمون من مجالسهم وأقصوهم منهم معلنين منهم البراءة مباعيدن لهم. وبذلك أيضا أعلنوا كفرهم لأن من أجل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فلا شك في كفره بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ولما عظم خطب الخوارج, وتكاثف فلهم أثار الله لهم القائد الكبير المهلب بن أبي صفرة سارف بن ظالم بن صبح بن كندة بن عمرو ابن عدى بن وائل بن حارث بن العتيك بن الأسد بن عمران بن عامر ماء السماء الازدي العماني المشهور, فأضرم بينهم نيران الحرب والدهاء, حتى دقهم دق العصف وأباهم حتى عرفت البصرة به فقالوا: ( بصرة المهلب ) وقد بسط القضية العوتي في الأنساب موضحة غاية الإيضاح.
وكان هؤلاء الخوارج من جملة منكري التحكم وكان الآباضية أيضا كذلك أدمجوهم في عدد الخوارج ليشوهوا بذلك سمعة الأباضية ظلما وعدوانا. وحسا منهم الأباضية أرادوا أن يلطخوا بذلك طهارتهم من الأسواء حتى لا يرتفع لهم صوت في عالم الأمم الإسلامية, ولا يقوم لهم بناء ديني مهما كان يقوم على مناهج الخلفاء الراشدين, ويعرف بين الأمم بالعدالة المحضة فتؤيده رجال الحق رغم العراقيل. وقد أعتمد الأباضية على الصحيح الصريح من الأوامر الشرعية وإتباع سنن الخليفتين الرضيتين المرضيتين أبي بكر عمرو بن الخطاب رضي الله عنهما, وعلى كل حال فأن الفئة الباغية عي التي قتلت عمار بن ياسر رضي الله عنه, وان المبغي عليها هي الأخرى, ولا بد من هذا إلا عند من غالط نفسه وتعصب للهوى.
ومما روجوا به بضاعة الطعن ما قالوه أن واقعة النهروان بين على والأباضية, وإنهم خرجوا على الأمام العدل على بن أبي طالب وشقوا عصا الاختلاف, وطولوا به مسافة الافتراق, وان الأمام العالم العظيم وصى النبوة على الأمة – قتلهم, والواقع أن أهل النهروان رأوا أمامهم ألقي عن كاهلة عبء الإمامة حين حكم فيها الرجال, وقد خرج من عهدتها وتنازل عنها تاركا لها. فانحازوا لينظروا في الأمر السديد لهم وللمسلمين فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي على ما بويع عليه الأئمة من قبله, ورأوا أنهم الحجة في ذلك العهد وأن لهم الحق في ذلك فدخل أهل الأهواء على الإمام علي بن أبي طالب قائلين له بقصد الإغراء أن هؤلاء من جملة شغبهم ذهبوا بالإمامة عن القرشين أصلا وان الرسول عليه الصلاة السلام يقول: ( لائمة من قريش ). وان فعل النهروان هذا أدل دليل على عدم استقامتهم وأضافوا إلى ذلك ما أضافوا من قتل المراة الحامل وزوجها, وما هنالك من أفعال تقشعر منها الحلود, والقصد من ذلك إذلال الحق وتأييد الباطل, والذين يرون أن لا مقام لهم إلا معه. وأهل الحق وأهل الباطل ضدين فكان بذلك ما كان والأمر لله.
فالأباضية لم يشاركوا في سفك قطرة دم من دماء المسلمين, وقد علم أن تلك الفتن كلها لم يعرف للاباضية فيها ناقة ولا جمل. فأضافة الاباضية إلى الخوارج أضافة طعن وقدح ولا يحفى ذلك على من أدنى فهم, وللناس أهواء تحملهم على دس الدسائس وضم الكيد إلى جانب من يحاولون فيه ما تقتضية الأغراض الإنسانية.
(( ما هي أسس الحكم عند الأباضية ))
أسس بالحكم عند الأباضية الكتاب والسنة والإجماع, وعلى هذه الثلاثة المعتمد, فحلالها حلال, وحرامها لا هوادة في ذك ولا اختيار لأحد بعد ما جاء في هذه الأصول الثلاثة, ثم القياس ثن الاستدلال ومن قدح الكبير في الأباضية قولهم بالإجماع, وأنت خبير أن الإجماع أحد الأصول الثلاثة, فكيف لا يقول به الاباضية ؟! وهذا أمر قد تداوله مؤرخوهم وكاتبوهم ونشروه في صحائفهم, وقد علم القصد منه والأباضية منه في معزل فهم افتراء عليهم والله على لسان كل ناطق.
يتبع............
الإباضيــــة:
(( من هم الأباضية ))
الاباضية امة من أهم أمم الإسلام أمامهم عبد الله بن أباض التميمي المعروف زعيم ديني وإمام رضي, شهر مقامه بين رجال الحق وزعماء الرشد, لم يزل داعيا إلى ربه مجدا هماما مرشدا, وليا لأولياء الله , رضيا في دينه , لا يهاب الجبابرة , ولا يحابي الظلمة , ولا يداهن في الدين . ولا يميل إلى أهل الأمراء والبدع , وهذه الهجة أهل الحق في الإسلام , وسيرة الأتقياء الأعلام , فلما فشي خبرة بهذا في الأمة الإسلامية , وأشاع بنأه في أقطار الإسلام وعوالمة , وأضيف إليه من كانوا كذلك من الأمة ونسبوهم إليه , وهو كما ترى لم يكن إماما له مذهب خاص , ولا مسألة واحدة في الدين.
الإمام عبد الله بن اباض التميمي
لا يحفى أن الأمام عبد الله بن أباض بن تميم اللآت بن ثعلبة من بني مرة بن عبيد رهط الأحنف بن قيس آل مقاعس التميمي, كان من أهل العراق جاء إلى الإمام جابر بن زيد لأخذ العلم عنه, كان يناظره في أموره وفي مهماته الدينية وفيما يأتي منعا وما يذر, كان من أتباع أبي الشعثاء, هو تابعي أيضا فإنه دارك كثيرا من الصحابة رضوان الله عليهم, ولا يحفى أن عبد الله بن أباض الذي انتسب إليه هذا الجيل من أمم الإسلام, وشاع بينهم شيوعا سريعا باسم الاباضية نسبة له إلى اباض والد عبد الله, كان أباض المذكور أفقه من عبد الله وأعلم منه, إلا أن عبد الله, كان أثقل على زعماء الباطل من الصخرة وكان لا يبالي برد الباطل على صاحبه ولا يحابي في الدين ولا يأتي أبواب الأمراء الذين تسلطوا على الأمة بالجبروت, وكان له من عشيرته حمى منيع وركن رفيع لم يجسر احد على الحط من قدره, فإن كان مقداما لا يراع ومنها ما لا يرتاع يقوم في وجه البغي غير خائف ولا وجل / ( ولولا رهطك لرجمناك ), والأحنف بن قيس مع رهطه كان يداري معوية ويتقيه نظرا إلى دنياه التي يطمع الأمراء فيها, بخلاف عبد الله بن اباض مع عبد الملك وأعوانه, مع إن سطوة عبد الملك على الناس أجرأ من معوية, إذ كان معوية جديد عهد بسيرة الخلفاء الأربعة, أما عبد الملك فقد تجددت به أبهة الملك وسطوة السلطان ومع ذلك يراعي عبد الله ابن أباض وهو لا يداريه ولا يحاربه, بل يرد عليه أعماله ويساعد منه, فلذلك شاع له صيت انضوى تحت جناحيه هذا الجيل فأنطلق الاسم عليه فصار علما على هذه الأمة المسماة الآن بالأباضية, بخلاف بقية المذاهب فإنها انتسبت إلى علماء أخذت بأقوالهم وتركت ما سواها, وبذلك عرفت, ابن أباض من أبطال العلم الذين شهد لهم التاريخ بما لم يشهد به غيره.
((أين هم الأباضية ))
الأباضية غي بعمان أعرق منهم في غيرهم من بلاد الشام, وفي بلاد العراق إذ كان ابن أباض عراقيا, وفي أرض اليمن والأخص في حضرموت إلى نهاية القرن السابع. وفي المغرب اشهر من نار على علسم, وأرسى من ر ضوى على الثرى. وفي زنجبار من أفريقيا, وفي مكة متعددة من بلاد الله.
(( هل لهم مذهب خاص ))
ليس للأباضية مذهب خاص يتقدمون به تبعا لعالم خاص من علماء الأمم كأبي حنيفة, أو احمد بن حنبل أو الشافعي, أو مالك, أو الثوري, أو غيرهم من علماء الإسلام. فلا توجد لأبن أباض مسألة واحدة تؤثر عنه في الدين. ومن هنا يعلم مقام الاباضية في الإسلام, فان الأباضية رجال تقييد لا تقليد, وأهل اعتماد على الحق لا على الحلق, فلا يتقيدون إلا بالله ورسوله فقط.
(( من علماء الأباضية أيام بن أباض ))
علماء الأباضية في أيام أيام بن أباض أجلة العلماء, وفي مقدمتهم الأمام الأود جابر بن زيد الازدي العماني أبو الشعثاء, الذي أجمعت الأمة على ثقته وأمانته وقد عرفة كل أحد.
واو عبيدة مسلم بن أب كريمة, وضمام بن السائب الندبي العماني وصاحب الصحيح الغمام الربيع بن حبيب الفراهيدي العماني البصري, وأمثالهم ممن هم الأعلى والمرام الأوفى, والسبق في الإسلام على علماء المذاهب المعروفه.
((من هم الخوارج إذا كان الأباضية ليسو منهم ))
الخوارج في الأصل جمع خارجة, وهي طوائف تخرج في الإسلام ضالة ومحقة, وفي عرف الفقهاء فرق من فر ق الإسلام رأسهم نافع بن الأزرق, ونجدة بن عامر وعبد الله الصفار. وإتباعهم خرجوا على أهل الحق في زمن من التابعين, وحكموا على ارتكب الكبير من الذنوب بالشرك. وفرعوا عليه حيلة مله فيغنم, ودمه فيسفك. ورأوا أن ذلك هو الحق . واشتدوا على الناس, وثقلت وطأتهم على ما تسلطوا عليه. واشتدت شوكتهم , وعظمت منحتهم على الأمة الإسلامية ابتلاء من الله لهم بمثل هؤلاء .و تعلقوا بتأويلات خالفوا فيها غيرهم من سائر الأمم الإسلامية ولم يصغوا على قول غيرهم من أهل الحق , فاستعرضوا الناس بالسيف , وقتلوا من لم يحل قتلة , ونهبوا الأموال واستعدوا النساء والرجال لأنهم في نظرهم مشركون . فكان لهم خطب جسيم في الإسلام , استحلوا ما حرم الله بالمعصية تتأولين قوله تعالى ( وإن أطعتموهم أنكم لمشركون ) وكان معنى الآية : أن أطعتم المشركين في القول فتحليل الميتة فاتنم مشركون مثلهم . ولكن هؤلاء تأولوهم على غير وجهها فكان معناها معهم وان أطعتموهم في أكل الميتة , فاخطأوا بذلك في تأويل الآية وجه الحق . ولا يحفى أن استحلال ما حرم الله رد على الله عز وجل , وهو شرك محض لا يرتاب فيه من له تمييز بين الحق والباطل .
ولما كان ما كان من تأويلهم هذا ومشوا به في الأمة مشية اشمأز منها المسلمون , وانكروا عليهم أهل الحق , فزادا في عنادهم , وتمردهم في منهجهم . ولم يقتصروا بذلك بل تجاوزوه إلى الفعل فعملوا بمقتضى تأويلهم , وعملوا تشريك مرتكبي. فحلت لهم دماء أمة محمد عليه الصلاة والسلام وراو أنها تقربهم من الله زلفى, واستحلوا الأموال غنيمة ساتغة فقتلوا من تمكنوا من قتله ممن لا يقول بقولهم هذا, وسبوا من شاءوا بذلك, والواضح أنهم على الباطل الذي لا مرية فيه, لذلك قال فيهم أئمة المسلمين كالربيع بن حبيب, صاحب الصحيح, وأبي عبيدة مسلم بن أبي طريمة, وضمام بن سائب, وأمثالهم, نرى ما داموا على قولهم هذا فخطأهم محمول عليهم, فإذا تجاوزوه افعل حكمنا بكفرهم أي يصح تركهم وتأويلهم ما لم يفعلوا بمقتضاه, فأن فعلوا فلا يسع إلا تكفيرهم والقيام في وجوههم لرد ضلالهم وبدعهم, وزجرهم وقتلهم حتى يرجعوا إلى الحق, فأن المسلمين كلهم لم يقولوا بذلك أبدا, وبذلك طرهم المسلمون من مجالسهم وأقصوهم منهم معلنين منهم البراءة مباعيدن لهم. وبذلك أيضا أعلنوا كفرهم لأن من أجل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فلا شك في كفره بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
ولما عظم خطب الخوارج, وتكاثف فلهم أثار الله لهم القائد الكبير المهلب بن أبي صفرة سارف بن ظالم بن صبح بن كندة بن عمرو ابن عدى بن وائل بن حارث بن العتيك بن الأسد بن عمران بن عامر ماء السماء الازدي العماني المشهور, فأضرم بينهم نيران الحرب والدهاء, حتى دقهم دق العصف وأباهم حتى عرفت البصرة به فقالوا: ( بصرة المهلب ) وقد بسط القضية العوتي في الأنساب موضحة غاية الإيضاح.
وكان هؤلاء الخوارج من جملة منكري التحكم وكان الآباضية أيضا كذلك أدمجوهم في عدد الخوارج ليشوهوا بذلك سمعة الأباضية ظلما وعدوانا. وحسا منهم الأباضية أرادوا أن يلطخوا بذلك طهارتهم من الأسواء حتى لا يرتفع لهم صوت في عالم الأمم الإسلامية, ولا يقوم لهم بناء ديني مهما كان يقوم على مناهج الخلفاء الراشدين, ويعرف بين الأمم بالعدالة المحضة فتؤيده رجال الحق رغم العراقيل. وقد أعتمد الأباضية على الصحيح الصريح من الأوامر الشرعية وإتباع سنن الخليفتين الرضيتين المرضيتين أبي بكر عمرو بن الخطاب رضي الله عنهما, وعلى كل حال فأن الفئة الباغية عي التي قتلت عمار بن ياسر رضي الله عنه, وان المبغي عليها هي الأخرى, ولا بد من هذا إلا عند من غالط نفسه وتعصب للهوى.
ومما روجوا به بضاعة الطعن ما قالوه أن واقعة النهروان بين على والأباضية, وإنهم خرجوا على الأمام العدل على بن أبي طالب وشقوا عصا الاختلاف, وطولوا به مسافة الافتراق, وان الأمام العالم العظيم وصى النبوة على الأمة – قتلهم, والواقع أن أهل النهروان رأوا أمامهم ألقي عن كاهلة عبء الإمامة حين حكم فيها الرجال, وقد خرج من عهدتها وتنازل عنها تاركا لها. فانحازوا لينظروا في الأمر السديد لهم وللمسلمين فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي على ما بويع عليه الأئمة من قبله, ورأوا أنهم الحجة في ذلك العهد وأن لهم الحق في ذلك فدخل أهل الأهواء على الإمام علي بن أبي طالب قائلين له بقصد الإغراء أن هؤلاء من جملة شغبهم ذهبوا بالإمامة عن القرشين أصلا وان الرسول عليه الصلاة السلام يقول: ( لائمة من قريش ). وان فعل النهروان هذا أدل دليل على عدم استقامتهم وأضافوا إلى ذلك ما أضافوا من قتل المراة الحامل وزوجها, وما هنالك من أفعال تقشعر منها الحلود, والقصد من ذلك إذلال الحق وتأييد الباطل, والذين يرون أن لا مقام لهم إلا معه. وأهل الحق وأهل الباطل ضدين فكان بذلك ما كان والأمر لله.
فالأباضية لم يشاركوا في سفك قطرة دم من دماء المسلمين, وقد علم أن تلك الفتن كلها لم يعرف للاباضية فيها ناقة ولا جمل. فأضافة الاباضية إلى الخوارج أضافة طعن وقدح ولا يحفى ذلك على من أدنى فهم, وللناس أهواء تحملهم على دس الدسائس وضم الكيد إلى جانب من يحاولون فيه ما تقتضية الأغراض الإنسانية.
(( ما هي أسس الحكم عند الأباضية ))
أسس بالحكم عند الأباضية الكتاب والسنة والإجماع, وعلى هذه الثلاثة المعتمد, فحلالها حلال, وحرامها لا هوادة في ذك ولا اختيار لأحد بعد ما جاء في هذه الأصول الثلاثة, ثم القياس ثن الاستدلال ومن قدح الكبير في الأباضية قولهم بالإجماع, وأنت خبير أن الإجماع أحد الأصول الثلاثة, فكيف لا يقول به الاباضية ؟! وهذا أمر قد تداوله مؤرخوهم وكاتبوهم ونشروه في صحائفهم, وقد علم القصد منه والأباضية منه في معزل فهم افتراء عليهم والله على لسان كل ناطق.
يتبع............