فارس الكلمة
25/10/2009, 01:11 PM
يا سبحان الله.. عندما يصاب الإنسان بداء الغرور.. ويتغلف بغلاف التيه.. ويشارك ربه في الكبر والاستعلاء.. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال :<< الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحداً منهما قذفته في النار>> (مسند أحمد [9348] ج2 ص414).. وفي رواية: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: << الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته >> (المستدرك على الصحيحين [203] ج1 ص129).. فتراه يتكبر على خلق الله.. ويحتقر الضعفاء والمساكين..
نسي الطين ساعة أنه طين
حقير فصال تيهاً وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى
وحوى المال كيسه فتمرَّد
وفي حقيقة أمره أنه خواء.. خواء من كل شيء.. من القيم والأخلاق.. ومن الدين والمروءة.. ومن العلم والفضيلة.. فعجبت من إنسان أصله نطفة.. وآخره جيفة قذرة.. وحشوه فيما بين ذلك بول وعذرة.. كيف يفخر؟!!.. أم كيف يستعلي على خلق الله؟!! أم كيف يتباهى بأصله ونسبه؟!!..
عجبت من معجب بصورته
وكان بالأمس نطفة مذرة
وفي غد بعد حسن صورته
يصير في اللحد جيفة قذرة
وهو على تيهه ونخوته
ما بين ثوبيه يحمل العذرة
عالمنا الحاضر.. مليء بالعجائب والغرائب.. مليء بالمواقف والحوادث.. بعضها يضحك.. والبعض الآخر يبكي.. وشر البلية ما يضحك.. تكلمت في حديث سابق عن أصحاب الدماء الزرقاء(1).. وأظهرت بعض الحقائق.. وأبنت عن أصلهم ومكانتهم الحقيقة.. ولكن تكشفت لي حقائق أخرى.. وأموراً جديدة.. فقد وجدت فئة أخرى!!.. ودماء أخرى!!.. تختلف عن الدماء الزرقاء بل قد تكون فئة هجينة من عدة فئات.. فهي فئة مستنسخة من الدماء الزرقاء لكنها شذت قليلاً بسبب عوامل الطبيعة وتقلب الزمان.. لكن الغريب في الأمر أنها تتأفف منها جميع الفئات!!.. وتمقتها كل الأطراف.. والعجيب من أمرها أنها لا ترضى أن تنتمي إلى السوقة والعوام من الناس رغم وضعها الحقير هذا!!.. وفي المقابل لا ترضى الدماء الزرقاء أن تنتسب إليها وأن تلتحق بناديها الموقر!!.. نادي الكبر والاستعلاء والغرور والتيه والضلال.. لحقارتها ودناءتها.. فعاشت مشتته ومذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!!.. رغم أنهم يحاولون في كل موقف أو مناسبة أن يزجوا بأنفسهم في أتون الدماء الزرقاء ولكنها تلفظهم وتزيحهم.. فعاشت منبوذة من الجميع.. محتقرة من جميع الأطراف.. وأصبحوا مهرجين في سرك الحياة.. مجرد للضحك والترفيه عن النفس..
فهم فئة لا حول لها ولا قوة في مقارعة الكبار.. وليس لها مقدرة على الصمود في وجه أصحاب العز والصولجان.. سوى بسلاح الكبر الزائف والغرور المصطنع.. { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (آل عمران: 178)..
ما بال من أوله نطفة
وجيفة آخره يفخر
لا فخر إلا فخر أهل التقى
غداً إذا ضمهم المحشر
هم حمقى التجارب.. وأغبياء الحياة.. ومهرجي العصر.. تضحك عندما تلتقي بهم.. غشاوة الكبر أعمت بصائرهم.. والغرور أصم آذانهم.. والهوى قاد أنفسهم.. والتيه سيطر على عقولهم.. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين من التعالي والتفاخر بالأحساب والأنساب والتعالي على عباد الله.. فعن أبي هريرة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال :<< لينتهينَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا.. إنما هم فحم جهنم.. أو ليكوننَّ أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخِرء بأنفه!!.. إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية.. إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي.. الناس كلهم بنو آدم.. وآدم خلق من تراب>>(سن الترمذي [3955] ج5 ص734).. لقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس جميعاً.. من أصل واحد.. هو آدم وحواء.. ومن عنصر واحد.. هو الطين والماء.. فالناس في أصل الخليقة سواسية.. << أبوكم آدم.. وآدم خلق من تراب >> (مجمع الزوائد ج8 ص84)..
الناس من جهة الآباء أكفاء
أبوهم آدم والأم حواء
وإن يكن لهم في أصلهم نسب
يتفاخرون به فالطين والماء
فما أقبح الرجل الذي يتعالى ويزهو ويترفع ولا يتواضع.. رغم أنه يعيش أسوأ عيش.. ومع أنه أمام الناس خالي الذكر.. ساقط القدر.. زريَّ الحال.. وما أعجب من يحتقر الناس وهو مدعاة للاحتقار.. مدعاة إلى النبذ والنفور.. ومدعاة إلى الطرد والتقزز.. يعتقد أنه من سلالة غلبت عليها الوجاهة والأصالة والسمو والرفعة ولكن في حقيقة أمره أنه من سلالة غلبت عليها الحقارة والوضاعة وغلبت عليها الدناءة والذلة والمهانة والخسة.. يعتقد بتكبره وغروره هذا بأنه سيرفع من شأنه وسيزيد من أصله ويحسن من وضعه الاجتماعي.. ويرتقي إلى مكانة ووضع الدماء الزرقاء.. معتقداً أن بفعله ذلك سيقنع البسطاء من هذه الأمة أنه من أصحاب العز والرفعة والسمو ولكن بسبب أن الزمن قد غدر به وأذله بعد عز وأفقره بعد غنى وأضعفه بعد قوة وكانت لآبائه صولة وجولة وسطوة.. فتمادى في غروره وتهاه في أحلامه وسرح في أمانيه.. فاعتقد الأوهام وصدق الأحلام وماشى الأماني.. فتاه وضل عن السبيل.. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : << بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة>> ( الترغيب والترهيب [4299] ج3 ص303).. وفي رواية: << بينما رجل يتبختر يمشي في بردته قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة>> ( صحيح مسلم [2088] ج3 ص1654)..
وآحسرتاه على التفريط في الله
فما لأخراك قد أعددت يا لاهي؟!
تؤمل الفوز في الأخرى بلا تعب
ضيعت عمرك فاعمر بيتك الواهي
فلتنظر النفس ماذا قدمت لغد
إن الشقي الذي عن ذكره ساهي
إن يفرح الناس فافرح في عبادته
واستعن بالله لا تستعن بالجاه
الهامش :
1) أصحاب الدماء الزرقاء:
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237083
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816
رسالة إلى أصحاب الدماء الزرقاء :
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816
نسي الطين ساعة أنه طين
حقير فصال تيهاً وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى
وحوى المال كيسه فتمرَّد
وفي حقيقة أمره أنه خواء.. خواء من كل شيء.. من القيم والأخلاق.. ومن الدين والمروءة.. ومن العلم والفضيلة.. فعجبت من إنسان أصله نطفة.. وآخره جيفة قذرة.. وحشوه فيما بين ذلك بول وعذرة.. كيف يفخر؟!!.. أم كيف يستعلي على خلق الله؟!! أم كيف يتباهى بأصله ونسبه؟!!..
عجبت من معجب بصورته
وكان بالأمس نطفة مذرة
وفي غد بعد حسن صورته
يصير في اللحد جيفة قذرة
وهو على تيهه ونخوته
ما بين ثوبيه يحمل العذرة
عالمنا الحاضر.. مليء بالعجائب والغرائب.. مليء بالمواقف والحوادث.. بعضها يضحك.. والبعض الآخر يبكي.. وشر البلية ما يضحك.. تكلمت في حديث سابق عن أصحاب الدماء الزرقاء(1).. وأظهرت بعض الحقائق.. وأبنت عن أصلهم ومكانتهم الحقيقة.. ولكن تكشفت لي حقائق أخرى.. وأموراً جديدة.. فقد وجدت فئة أخرى!!.. ودماء أخرى!!.. تختلف عن الدماء الزرقاء بل قد تكون فئة هجينة من عدة فئات.. فهي فئة مستنسخة من الدماء الزرقاء لكنها شذت قليلاً بسبب عوامل الطبيعة وتقلب الزمان.. لكن الغريب في الأمر أنها تتأفف منها جميع الفئات!!.. وتمقتها كل الأطراف.. والعجيب من أمرها أنها لا ترضى أن تنتمي إلى السوقة والعوام من الناس رغم وضعها الحقير هذا!!.. وفي المقابل لا ترضى الدماء الزرقاء أن تنتسب إليها وأن تلتحق بناديها الموقر!!.. نادي الكبر والاستعلاء والغرور والتيه والضلال.. لحقارتها ودناءتها.. فعاشت مشتته ومذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!!.. رغم أنهم يحاولون في كل موقف أو مناسبة أن يزجوا بأنفسهم في أتون الدماء الزرقاء ولكنها تلفظهم وتزيحهم.. فعاشت منبوذة من الجميع.. محتقرة من جميع الأطراف.. وأصبحوا مهرجين في سرك الحياة.. مجرد للضحك والترفيه عن النفس..
فهم فئة لا حول لها ولا قوة في مقارعة الكبار.. وليس لها مقدرة على الصمود في وجه أصحاب العز والصولجان.. سوى بسلاح الكبر الزائف والغرور المصطنع.. { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (آل عمران: 178)..
ما بال من أوله نطفة
وجيفة آخره يفخر
لا فخر إلا فخر أهل التقى
غداً إذا ضمهم المحشر
هم حمقى التجارب.. وأغبياء الحياة.. ومهرجي العصر.. تضحك عندما تلتقي بهم.. غشاوة الكبر أعمت بصائرهم.. والغرور أصم آذانهم.. والهوى قاد أنفسهم.. والتيه سيطر على عقولهم.. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين من التعالي والتفاخر بالأحساب والأنساب والتعالي على عباد الله.. فعن أبي هريرة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال :<< لينتهينَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا.. إنما هم فحم جهنم.. أو ليكوننَّ أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخِرء بأنفه!!.. إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية.. إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي.. الناس كلهم بنو آدم.. وآدم خلق من تراب>>(سن الترمذي [3955] ج5 ص734).. لقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس جميعاً.. من أصل واحد.. هو آدم وحواء.. ومن عنصر واحد.. هو الطين والماء.. فالناس في أصل الخليقة سواسية.. << أبوكم آدم.. وآدم خلق من تراب >> (مجمع الزوائد ج8 ص84)..
الناس من جهة الآباء أكفاء
أبوهم آدم والأم حواء
وإن يكن لهم في أصلهم نسب
يتفاخرون به فالطين والماء
فما أقبح الرجل الذي يتعالى ويزهو ويترفع ولا يتواضع.. رغم أنه يعيش أسوأ عيش.. ومع أنه أمام الناس خالي الذكر.. ساقط القدر.. زريَّ الحال.. وما أعجب من يحتقر الناس وهو مدعاة للاحتقار.. مدعاة إلى النبذ والنفور.. ومدعاة إلى الطرد والتقزز.. يعتقد أنه من سلالة غلبت عليها الوجاهة والأصالة والسمو والرفعة ولكن في حقيقة أمره أنه من سلالة غلبت عليها الحقارة والوضاعة وغلبت عليها الدناءة والذلة والمهانة والخسة.. يعتقد بتكبره وغروره هذا بأنه سيرفع من شأنه وسيزيد من أصله ويحسن من وضعه الاجتماعي.. ويرتقي إلى مكانة ووضع الدماء الزرقاء.. معتقداً أن بفعله ذلك سيقنع البسطاء من هذه الأمة أنه من أصحاب العز والرفعة والسمو ولكن بسبب أن الزمن قد غدر به وأذله بعد عز وأفقره بعد غنى وأضعفه بعد قوة وكانت لآبائه صولة وجولة وسطوة.. فتمادى في غروره وتهاه في أحلامه وسرح في أمانيه.. فاعتقد الأوهام وصدق الأحلام وماشى الأماني.. فتاه وضل عن السبيل.. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : << بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة>> ( الترغيب والترهيب [4299] ج3 ص303).. وفي رواية: << بينما رجل يتبختر يمشي في بردته قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة>> ( صحيح مسلم [2088] ج3 ص1654)..
وآحسرتاه على التفريط في الله
فما لأخراك قد أعددت يا لاهي؟!
تؤمل الفوز في الأخرى بلا تعب
ضيعت عمرك فاعمر بيتك الواهي
فلتنظر النفس ماذا قدمت لغد
إن الشقي الذي عن ذكره ساهي
إن يفرح الناس فافرح في عبادته
واستعن بالله لا تستعن بالجاه
الهامش :
1) أصحاب الدماء الزرقاء:
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237083
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816
رسالة إلى أصحاب الدماء الزرقاء :
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816