المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : خيال المآتى!!!


فارس الكلمة
25/10/2009, 01:11 PM
يا سبحان الله.. عندما يصاب الإنسان بداء الغرور.. ويتغلف بغلاف التيه.. ويشارك ربه في الكبر والاستعلاء.. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال :<< الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني واحداً منهما قذفته في النار>> (مسند أحمد [9348] ج2 ص414).. وفي رواية: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: << الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته >> (المستدرك على الصحيحين [203] ج1 ص129).. فتراه يتكبر على خلق الله.. ويحتقر الضعفاء والمساكين..
نسي الطين ساعة أنه طين
حقير فصال تيهاً وعربد
وكسا الخز جسمه فتباهى
وحوى المال كيسه فتمرَّد
وفي حقيقة أمره أنه خواء.. خواء من كل شيء.. من القيم والأخلاق.. ومن الدين والمروءة.. ومن العلم والفضيلة.. فعجبت من إنسان أصله نطفة.. وآخره جيفة قذرة.. وحشوه فيما بين ذلك بول وعذرة.. كيف يفخر؟!!.. أم كيف يستعلي على خلق الله؟!! أم كيف يتباهى بأصله ونسبه؟!!..
عجبت من معجب بصورته
وكان بالأمس نطفة مذرة
وفي غد بعد حسن صورته
يصير في اللحد جيفة قذرة
وهو على تيهه ونخوته
ما بين ثوبيه يحمل العذرة
عالمنا الحاضر.. مليء بالعجائب والغرائب.. مليء بالمواقف والحوادث.. بعضها يضحك.. والبعض الآخر يبكي.. وشر البلية ما يضحك.. تكلمت في حديث سابق عن أصحاب الدماء الزرقاء(1).. وأظهرت بعض الحقائق.. وأبنت عن أصلهم ومكانتهم الحقيقة.. ولكن تكشفت لي حقائق أخرى.. وأموراً جديدة.. فقد وجدت فئة أخرى!!.. ودماء أخرى!!.. تختلف عن الدماء الزرقاء بل قد تكون فئة هجينة من عدة فئات.. فهي فئة مستنسخة من الدماء الزرقاء لكنها شذت قليلاً بسبب عوامل الطبيعة وتقلب الزمان.. لكن الغريب في الأمر أنها تتأفف منها جميع الفئات!!.. وتمقتها كل الأطراف.. والعجيب من أمرها أنها لا ترضى أن تنتمي إلى السوقة والعوام من الناس رغم وضعها الحقير هذا!!.. وفي المقابل لا ترضى الدماء الزرقاء أن تنتسب إليها وأن تلتحق بناديها الموقر!!.. نادي الكبر والاستعلاء والغرور والتيه والضلال.. لحقارتها ودناءتها.. فعاشت مشتته ومذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!!.. رغم أنهم يحاولون في كل موقف أو مناسبة أن يزجوا بأنفسهم في أتون الدماء الزرقاء ولكنها تلفظهم وتزيحهم.. فعاشت منبوذة من الجميع.. محتقرة من جميع الأطراف.. وأصبحوا مهرجين في سرك الحياة.. مجرد للضحك والترفيه عن النفس..
فهم فئة لا حول لها ولا قوة في مقارعة الكبار.. وليس لها مقدرة على الصمود في وجه أصحاب العز والصولجان.. سوى بسلاح الكبر الزائف والغرور المصطنع.. { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (آل عمران: 178)..
ما بال من أوله نطفة
وجيفة آخره يفخر
لا فخر إلا فخر أهل التقى
غداً إذا ضمهم المحشر
هم حمقى التجارب.. وأغبياء الحياة.. ومهرجي العصر.. تضحك عندما تلتقي بهم.. غشاوة الكبر أعمت بصائرهم.. والغرور أصم آذانهم.. والهوى قاد أنفسهم.. والتيه سيطر على عقولهم.. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين من التعالي والتفاخر بالأحساب والأنساب والتعالي على عباد الله.. فعن أبي هريرة عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال :<< لينتهينَّ أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا.. إنما هم فحم جهنم.. أو ليكوننَّ أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخِرء بأنفه!!.. إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية.. إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي.. الناس كلهم بنو آدم.. وآدم خلق من تراب>>(سن الترمذي [3955] ج5 ص734).. لقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس جميعاً.. من أصل واحد.. هو آدم وحواء.. ومن عنصر واحد.. هو الطين والماء.. فالناس في أصل الخليقة سواسية.. << أبوكم آدم.. وآدم خلق من تراب >> (مجمع الزوائد ج8 ص84)..
الناس من جهة الآباء أكفاء
أبوهم آدم والأم حواء
وإن يكن لهم في أصلهم نسب
يتفاخرون به فالطين والماء
فما أقبح الرجل الذي يتعالى ويزهو ويترفع ولا يتواضع.. رغم أنه يعيش أسوأ عيش.. ومع أنه أمام الناس خالي الذكر.. ساقط القدر.. زريَّ الحال.. وما أعجب من يحتقر الناس وهو مدعاة للاحتقار.. مدعاة إلى النبذ والنفور.. ومدعاة إلى الطرد والتقزز.. يعتقد أنه من سلالة غلبت عليها الوجاهة والأصالة والسمو والرفعة ولكن في حقيقة أمره أنه من سلالة غلبت عليها الحقارة والوضاعة وغلبت عليها الدناءة والذلة والمهانة والخسة.. يعتقد بتكبره وغروره هذا بأنه سيرفع من شأنه وسيزيد من أصله ويحسن من وضعه الاجتماعي.. ويرتقي إلى مكانة ووضع الدماء الزرقاء.. معتقداً أن بفعله ذلك سيقنع البسطاء من هذه الأمة أنه من أصحاب العز والرفعة والسمو ولكن بسبب أن الزمن قد غدر به وأذله بعد عز وأفقره بعد غنى وأضعفه بعد قوة وكانت لآبائه صولة وجولة وسطوة.. فتمادى في غروره وتهاه في أحلامه وسرح في أمانيه.. فاعتقد الأوهام وصدق الأحلام وماشى الأماني.. فتاه وضل عن السبيل.. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : << بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل رأسه يختال في مشيته إذ خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة>> ( الترغيب والترهيب [4299] ج3 ص303).. وفي رواية: << بينما رجل يتبختر يمشي في بردته قد أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة>> ( صحيح مسلم [2088] ج3 ص1654)..
وآحسرتاه على التفريط في الله
فما لأخراك قد أعددت يا لاهي؟!
تؤمل الفوز في الأخرى بلا تعب
ضيعت عمرك فاعمر بيتك الواهي
فلتنظر النفس ماذا قدمت لغد
إن الشقي الذي عن ذكره ساهي
إن يفرح الناس فافرح في عبادته
واستعن بالله لا تستعن بالجاه

الهامش :
1) أصحاب الدماء الزرقاء:
ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237083

ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816

رسالة إلى أصحاب الدماء الزرقاء :

ـ http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=237816

فارس الكلمة
25/10/2009, 01:14 PM
إنه مثل خيال المآتى مجرد ثوب بالي وضع وسط الحقل محشي بالتبن نصب على جريد من النخل معتقدين أن ذلك العمل سيخيف الطيور فلا تسقط على الحقل فتقضي على المحصول فتفر إلى حقل آخر ليس به تلك الفزاعة!!.. وقد تلمحه من بعيد فتحسبه رجلاً يقف وسط الحقل كأنه يريد أن يحصد الزرع ولكن عندما تقترب منه تتنبه إلى حقيقة الأمر إنه مجرد فزاعة لإخافة الطيور.. وتلك الفئة تتطابق شكلاً بخيال المآتى فهم من الخارج شكل قد يغتر به كثير من الناس وينجذب إليه كل من رآه من بعيد.. ولكن إذا اقترب منه وتمعن في سلوكه وتفحصه جيداً وجده سلعة مغشوشة قد انتهت مادتها وفقدت صلاحيتها وانخفضت قيمتها فهي لا تساوي شيئاً يذكر في عالم المادة..فضلاً عن عالم القيم والأخلاق.. عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: << طوبى لمن تواضع في غير منقصة.. وذل في نفسه من غير مسكنة.. وأنفق مالاً جمعه في غير معصية.. ورحم أهل الذل والمسكنة.. وخالط أهل الفقه والحكمة.. طوبى لمن طاب كسبه.. وصلحت سريرته.. وكرمت علانيته.. وعزل عن الناس شره.. طوبى لمن عمل بعلمه.. وأنفق الفضل من ماله.. وأمسك الفضل من قواه>> ( الترغيب والترهيب [4267] ج3 ص 297)..
يا أخي لا تمل بوجهك عني
ما أنا فحمة ولا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير الذي
تلبس واللؤلؤ الذي تتقلد
أنت لا تأكل النُّضار إذا جعت
ولا تشرب الجمان المنضَّد
أنت في البردة الموشاة مثلي
في كسائي الرديم تشقى وتسعد
لك في عالم النَّهار أمان
ورؤى والظلام فوقك ممتد
ولقلبي كما لقبك أحلا
م حسان فإنه غير جلمد
أأمانيَّ كلُّها من تراب
وأمانيك كلُّها من عسجد؟!
وأمانيَّ كلُّها للتلاشي
وأمانيك للخلود المؤكد؟!
لا فهذي وتلك تأتي وتمضي
كذويها وأي شيء يؤبَّد؟!
رغم صفاته تلك لكنه يتكبر ويختال ويتعالى.. وما ذلك إلا لأنه وضيع الأصل.. سيئ المنبت.. مغمور النسب.. خسيس النفس.. ساقط المنزلة.. يعلم ذلك عن نفسه.. ويعلم الناس ذلك عنه.. فتجده يفخر في موضع ليس بفخر.. ويتغطرس بعمل لم يقم به.. إن نظر فبمؤخر عينه.. وإن تحدث فبطرف لسانه.. وإذا سئل برم بالسؤال.. وإذا أجاب فبتحقير واشمئزاز.. ظناً منه أن ذلك يستر نقصه.. وينسي الناس أصله.. عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : << إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد وإنما أنتم ولد آدم طف الصاع لم تملؤوه ليس لأحد فضل على أحد إلا بالدين أو عمل صالح>> (مسند أحمد [17351] ج4 ص145)..
يا من تلبَّس أثواباً يتيه بها
تيه الملوك على بعض المساكين
ما غيَّر الجلُّ أخلاق الحمير ولا
نقش البراذع أخلاق البراذين
لقد أخطأ السبيل.. وضل الطريق بجهله وغبائه وسوء رأيه.. وجعل نفسه غرضاً لسوء المقال.. عن أبي بن كعب قال انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك؟!.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : << انتسب رجلان على عهد موسى صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما : أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فمن أنت لا أم لك؟!.. فقال: أنا فلان بن فلان بن الإسلام.. قال : فأوحى الله تعالى إلى موسى صلى الله عليه وسلم أن هذين المنتسبين أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم.. وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة >> (مجمع الزوائد ج8 ص85)..
من أجمل ما قرأت ما يروى عن المعز لدين الله الفاطمي حكاية تدل على قيمة النسب بالنسبة إلى الحسب.. وكيف أن المجد التليد القديم قد استغنى عنه بالطارف الحديث.. وكيف أصبح الحسب المبني على المال مكان النسب المبني على الشرف القديم.. فقد ذكر ابن خلكان أن الناس اجتمعوا للقاء المعز لدين الله الفاطمي عند قدومه إلى القاهرة.. واجتمع به جماعة من الأشراف.. فسأله أحدهم : إلى من ينتسب مولانا؟ فقال المعز : سنعقد مجلساً ونسرد عليكم نسبنا.. فلما استقر جمع الناس في مجلس عام وجلس لهم.. وقال : هل بقى من رؤسائكم أحد؟ فقالوا : لم يبق معتبر.. فسلَّ سيفه وقال : هذا نسبي!! ونثر عليهم ذهباً كثيراً وقال : هذا حسبي!! فقالوا جميعاً : سمعنا وأطعنا!!!..
أيها المزدهي إذا مسك السُّقم
ألا تشتكي؟! ألا تتنهَّد؟!
وإذا راعك الحبيب بهجر
ودعتك الذكرى ألا تتوحَّد؟!
أنت مثلي يبشُّ وجهك للنُّعمى
وفي حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلٌّ ودمعك شهد؟!
وبكائي ذلُّ ونوحك سؤدد؟!
وابتسامي السراب لا ريَّ فيه
وابتساماتك اللآلئ الخرَّد؟!
فلك واحد يطل كلينا
حار طرفي به وطرفك أرمد
قمر واحد يطل علينا
وعلى الكوخ والبناء الموطّد
إن يكن مشرقاً لعينيك إني
لا أراه من كوة الكوخ أسود
النجوم التي تراها أراها
حين تخفى وعندما تتوقَّد
لست أدنى ـ على غناك ـ إليها
وأنا مع خصاصتي لست أبعد
أنت مثلي من الثرى وإليه
فلماذا يا صاحبي التِّيه والصَّد؟!
فما يستر العيب ويغطي النقص غير التواضع.. مصحوباً بحسن المعاملة ولين الحديث.. وحلاوة اللسان.. واحترام الغير.. ولو رأى الناس ذلك منه.. لنسوا ماضيه.. وقد قيل : "كل إناء ينضح بما فيه"..
من لم يكن عنصره طيِّباً
لم يخرج الطَّيِّب من فيه
كلُّ امرئ يشبهه فعله
وينضح الكوز بما فيه

فارس الكلمة
25/10/2009, 01:15 PM
لو نظر هذا الغر المفتون إلى القبور.. فإنه لا يفرق بين قبر غني وقبر فقير وقبر عظيم وقبر وضيع.. فالشكل واحد.. لكن الاختلاف فيما قدم كل منهما من عمل صالح في الحياة الدنيا يثاب عليه في الأخرى.. عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : << انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى>> (مسند أحمد [ 21445] ج5 ص158)..
أتيت القبور فناديتها
أين المعظم والمحتقر
تفانوا جميعاً فما مخبر
وماتوا جميعاً ومات الخبر
تروح وتغدوا بنات الثرى
فتمحوا محاسن تلك الصور
فليتذكر هذا المتكبر المغرور.. أهول يوم القيامة.. عندما يؤتى به إلى الحساب منفرداً عن الأهل والمال والولد والصاحب حاف عار غر كما ورد في الحديث عن بن عباس قال ثم قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : << يا أيها الناس إنكم محشورون عراة حفاة غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين>> (صحيح ابن حبان [7347] ج16 ص343).. ترك ما أعطاه الله من أموال في الدنيا فلم تنفعه في هذا اليوم العصيب.. وتقطع وصله.. وتشتت جمعه.. وضاع وتلاشى ما زعم من القوة والكبر والغرور.. يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} (الأنعام: 94).. ويقول تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ*فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (المؤمنون: 101ـ 103).. ففي يوم القيامة لا يكون هناك تفاضل بين البشر في الجنس ولا في النسب ولا في الحسب ولا في العرق ولا في اللون وإنما يكون التفاضل بينهم بالتقوى والعمل الصالح.. قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات :13) .. عن حارثة بن وهب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: << ألا أخبركم بأهل النار؟>> قالوا : بلى .. قال : << كل عتل جواظ مستكبر>> ( صحيح مسلم [2853] ج4 ص2190).. عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: << بئس العبد عبد تخيل واختال ونسي الكبير المتعال.. بئس العبد عبد تجبر واعتدى ونسي الجبار الأعلى.. بئس العبد عبد سها ولها ونسي المقابر والبلى.. بئس العبد عبد عتا وطغى ونسي المبتدا والمنتهى.. بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين بئس العبد يختل الدين بالشبهات.. بئس العبد عبد طمع يقوده.. بئس العبد عبد هوى يضله.. بئس العبد عبد رغب يذله>> (سنن الترمذي [2448] ج4 ص632)
غداً توفى النفوس ما كسبت
ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم
وإن أساءوا فبئس ما صنعوا
وعلى هذا المتكبر الفخور المعجب المزهو بنفسه.. أن يذكر لماذا يفخر ويزهو ويتكبر على غيره.. مع أنه كغيره من البشر من طينة واحدة.. كلهم لآدم.. وآدم من تراب.. لا فضل لعجمي على عربي.. ولا لعربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.. عن جابر بن عبدالله قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: << يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي.. ولا لعجمي على عربي.. ولا لأحمر على أسود.. ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. ألا هل بلغت؟>>.. قالوا : بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال: << فليبلغ الشاهد الغائب>> (الترغيب والترهيب [4368] ج3 ص322)..
وما شرف الإنسان إلا بنفسه
وإن خصه جد شريف وولد
إذا كان كل الخلق أبناء آدم
فأفضلهم من فضلته المحامد
ولعله قد يكون من يفخر عليه.. أرفع عند الله قدراً وأقرب منه جل شأنه منزلة.. وليس من شيم الكريم.. أن يتعالى على الناس بمكانته.. ويتكبر عليهم بمنزلته.. ويزهو تيهاً بنسبه وأصله.. فذلك ليس من شكر النعمة في قليل ولا كثير.. والعاقل من يعلم أن الدنيا تنتقل بالناس انتقالاً.. وتعقبهم من حالهم حالاً.. تخفض وترفع.. وتعز ثم تذل.. وأنه لابد يوماً مفارق ما هو فيه.. { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا } (القصص: 83) .. قال الفضل : " { لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا }(القصص: 83).. هو الذي يخرج من بيته في الصباح فلا يلقى مسلماً إلا ويرى أنه أحقر منه وأذل منه".. فالإنسان إذا رأى نفسه أفضل من غيره من المسلمين.. فقد بغى علواً في الأرض وفساداً.. عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : << لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر>> فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة؟ قال : << إن الله جميل يحب الجمال : الكبر بطر الحق وغمط الناس>> (صحيح مسلم [91] ج1 ص93).. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: << يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار : طينة الخبال>>( سنن الترمذي [ 2492] ج4 ص655).. وعن عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: << ما من رجل يموت حين يموت وفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر تحل له الجنة أن يريح ريحها ولا يراها>> ( مسند أحمد [17407] ج4 ص151).. وعن عياض بن حمار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :<< إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد>> ( صحيح مسلم [2865] ج4 ص2199)..
أيها الطين لست أنقى وأسمى
من تراب تداس أو تتوسَّد
سدت أو لم تسد فما أنت إلا
حيوان مسيَّر مستعبد
إن قصراً سمكته سوف يندكُّ
وثوباً حبكته سوف ينقد
لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كالجسد الواحد رغم اختلاف ألوانهم ورغم اختلاف أجناسهم ولغاتهم الكل في ميزان الحق واحد.. فكان الأبيض يقف صفاً مع الأسود وكان الأعجمي يقف في ميزان العدل جنباً بجنب مع الهاشمي كل سيد نفسه لا فرق بينهم إلا بالتقوى ولسان حال كل منهم يقول :
إن يختلف نسب يؤلف بيننا
دين أقمناه مقام الوالد
أو يختلف ماء الوصال فماؤنا
عذب تحدر من غمام الواحد

التسامح والتعاون
25/10/2009, 01:18 PM
ابدك واكفيت وشملت عقولنا يا فارس الكلمة
اشكرك جدا على هذا الموضوع الشيق والهادف
اتمنى من كل متكبر الأتعاظ من هذي الامور
قال الله تعالى: [قرآن]" وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً " (الإسراء، 37)[/قرآن]
دمتم بود

شمس التاريخ
25/10/2009, 05:04 PM
بارك الله فيك

فارس الكلمة
26/10/2009, 11:39 AM
ابدك واكفيت وشملت عقولنا يا فارس الكلمة
اشكرك جدا على هذا الموضوع الشيق والهادف
اتمنى من كل متكبر الأتعاظ من هذي الامور
قال الله تعالى: [قرآن]" وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً " (الإسراء، 37)[/قرآن]
دمتم بود

بارك الله فيك أخي " أبوفراس الحمحمي"
ومشكور على هذا المرور العطر
نسأل الله السلامة في ديننا ودنيانا وآخرتنا ونسأله حسن الخاتمة
حفظك ربي وسدد خطاك..

فارس الكلمة
26/10/2009, 11:40 AM
بارك الله فيك

جزيتم كل خير أختي الكريمة " شمس التاريخ"
ومشكورين على المرور العطر
دمتم في حب الله ورحمته ووفقك لطاعته