المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : عروة بن الزبير


ثعلب
13/08/2009, 09:49 AM
بالقرب من الركن اليمانى جلس أربعة فتيان صباح الوجوه ،كرام الأحساب ،معطرى الأردان كأنهم بعض حمامات المسجد نصاعة أثواب وألفة قلوب هم:
عبدالله بن الزبير،واخوه مصعب بن الزبير،واخوهما عروة بن الزبير وعبد الملك بن مروان
ودار الحديث بين الفتية الأبرار ثم ما لبث أن قال قائل منهم : ليتمن كل منا على الله ما يحب

فقال عبدالله بن الزبير :أمنيتى أن أملك الحجاز وأنال الخلافة
وقال أخوه مصعب:أما أنا فأتمنى أن أملك العراقين فلا ينازعنى فيهما منازع.
وقال عبد الملك بن مروان :إذا كنتما تقنعان بذلك فأنا لاأقنع إلا بأن أملك الأرض كلها وأن أنال الخلافة بعد معاوية.......

وسكت عروة بن الزبير فلم يقل شيئا فالتفتوا إليه وقالوا:وأنت ماذا تتمنى يا عروة؟
فقال بارك الله لكم فيما تمنيتم من أمر دنياكم......... أما أنا فأتمنى أن أكون عالما عاملا يأخذ الناس عنى كتاب ربهم وسنة نبيهم وأحكام دينهم وأن أفوز فى الآخرة برضى الله وأحظى بجنته.
ثم دارت الأيام فإذا بعبد الله بن الزبير يبايع له بالخلافة عقب موت يزيد بن معاوية فيحكم الحجاز ومصر واليمن وخراسان والعراق ثم يقتل عند الكعبة غير بعيدمن المكان الذى تمنى فيه ما تمنى
وإذا بمصعب بن الزبيريتولى إمرة العراق من قبل أخيه عبدالله ويقتل هو الآخر دون ولايته
وإذا بعبد الملك بن مروان تؤول إليه الخلافة بعد موت أبيه وتجتمع عليه كلمة المسلمين.

فما كان من أمر عروة بن الزبير؟

فلنبأ سيرته من بايتها وسنعرف جميعا أمره

ولد عروة لسنة واحدة بقيت من خلافة الفاروق فى بيت من أعز بيوت المسلمين شأنا وأرفعها مقاما
فأبوه الزبير بن العوام حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول من سل سيفا فى الأسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة
وأمه هى أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها وعن أباها ذات النطاقين
وجده لأمه الصديق أبو بكر رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته
وجدته لأبيه هى صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وخالته هى عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها

ولكى يحقق عروة أمنيته التى تمناها عند الكعبة المعظمة أكب على طلب العلم وانقطع له واغتنم البقية الباقية من الصحابة رضوان الله عليهم فطفق يؤمهم فى بيوتهم ويصلى خلفهم ويتتبع مجالسهم حتى روى عن:على بن أبى طالب وعبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت وأبى أيوب الأنصارى وأسامة بن زيد وعبدالله بن عباس والنعمان بن بشير _رضوان الله عليهم_أجمعين

وأخذ كثيرا عن خالته عائشة أم المؤمنين حتى غدا أحد فقهاء المدينة السبعة الذين يفرغ إليهم المسلمون فى دينهم
وقدجمع عروة بين العلم والعمل فكان صواما فى الهواجر قواما فى العتمات رطب اللسان دائما بذكر الله،وكان إلى ذلك خدينا لكتاب الله عز وجل عاكفا على تلاوته فكان يقرأ ربع القرآن كل نهار نظرا فى المصحف ثم يقوم به الليل تلاوة عن ظهر قلب
ولقد ظل عروة بن الزبيرللمسلمين منارة هدى ودليل فلاح ودعاية خير طوال حياته
ولقد اهتم كثيرا بتربية أولاده خاصة وسائر أبناء المسلمين عامة من ذلك أنه دأب على حض بنيه على طلب العلم إذ كان يقول لهم يا بنىِ تعلموا العلم فإنكم إن تكونوا صغار قوم فعسى الله أن يجعلكم بالعلم كبرائهم ؛ثم يقول:وا سؤاتاه هل فى الدنيا شىٌ أقبح من شيخ جاهل )
كما كان يدعوهم إلى عد الصدقة هدية تهدى لله عز وجل فيقول:
(يا بنى لا يهدين أحدكم إلى ربه ما يستحى أن يهديه إلى عزيز قومه فإن الله تعالى أعز الأعزاء و أكرم الكرماء وأحق من يختار له)

واحد وسبعين عاما وبعد فقد عاش عروة بن الزبير مترعة بالخير حافلة بالبر مكللة بالتقى .
فلما جاءه الأجل أدركه وهو صائم ولقد ألح عليه أهله أن يفط فأبى
لقد نال عروة شطر أمنيته المتعلقبأن يكون عالم عامل يأخذ الناس عنه دينهم وإن شاء الله فإن الله الكريم الذى حقق امنيته فى الدنيا يكمل لها شطرها فى الآخرة بالرضى عنه والفوز بجنته