المساعد الشخصي الرقمي

عرض الإصدار الكامل : فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ


moslem for ever
23/01/2009, 04:27 PM
الربا من كبائر الذنوب، دل على تحريمه الكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقال سبحانه: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا .

فالربا حرام باتفاق أهل العلم من حيث الجملة، وقد دلت النصوص كما سيأتي على تحريمه، بل هو محرم في جميع الديانات لما فيه من الفساد والشر.

ولهذا جاءت النصوص ببيان أصول هذا الباب، وكذلك بيان ما يبين ما أشكل من كثير من مسائله، لكن هناك بعض المسائل يقع فيها الخلاف ويقع فيها الإشكال، وأهل العلم يبحثون مثل هذه المسائل ويبينونها، وخاصة في مثل هذا الوقت الذي كثرت فيه معاملات الناس بالربا وكثر وقوعهم فيه مع كثرة العمولات الموجودة والتعامل فيها.


حديث جابر بن عبد الله لعن رسول الله آكل الربا ، يعني الذي يأكل الربا، ( وموكله ): يقال موكله ومؤكله، بهمز وبدون همز، يعني الذي يؤكِل الربا لغيره، ( وكاتبه ): الذي يكتب عقد الربا، (وشاهديه): اللذان يشهدان في عقد الربا. دلّ على تشديد تحريم الربا حتى أنه لعن كل من يتوسل إلى الربا بالإعانة عليه أو بكتابته أو بالشهادة عليه؛ ولهذا أجرى أهل العلم هذا في كثير من المسائل الأخرى، وقالوا: إنه محرم كل من توصل إلى الربا وتوصل إليه أو أعان عليه فإنه محرم للقاعدة "لأنه لا يجوز التعاون على الإثم والعدوان" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ كما تقدم أن وسائل الحرام حرام.

وفي حديث عبد الله بن مسعود عند مسلم: لعن رسول الله آكل الربا وموكله وفي حديث عبد الله بن مسعود شاهد في حديث جابر، وجاء عند الترمذي من رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود زيادة "وكاتبه وشاهديه" أنه لعن آكله ومؤكله وكاتبه وشاهديه، لكن هي ثابتة في صحيح مسلم من حديث جابر، والذي في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود ليس فيه ذكر الكاتب والشاهد لكنه عند الترمذي.

وجاء من حديث علي بن أبي طالب عند النسائي، وجاء عند النسائي من حديث عبد الله بن مسعود "إذا علموا ذلك" بمعنى أنه إذا كان عالمًا، وهذا واضح أن من كان جاهلا بتحريم شيء وهو معذور بجهله فلا إثم عليه؛ لأنه الذي يفرط ويقصر في تعلم الأحكام التي تبين ما حرم الله.

كذلك أيضًا حديث جحيفة الساعدية، وهو في البخاري في لعن الواشي والمستوشي وآكل الربا ومؤكله، والأحاديث في هذا متكاثرة في لعنه، ولعنه يدل على أنه من الكبائر، وهكذا هو، هو من كبائر الذنوب.

وجاء فيه.. من تأمل السنة ونظر فيها وجد فيه أحاديث كثيرة تشدد في أمر الربا منها حديث عبد الله بن مسعود قال: وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الربا ثلاثة وسبعون بابًا، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإنَّ أربى الربا عرض الرجل المسلم رواه ابن ماجه مختصرًا والحاكم بتمامه وصححه .

الحديث حديث عبد الله بن مسعود يقول رواه ابن ماجه مختصرا بقوله: الربا ثلاثة وسبعون بابًا اقتصر على قوله: "الربا ثلاثة وسبعون بابًا" هذه هي رواية ابن ماجه، وهذه الرواية أيضًا لها شاهد من حديث البراء بن عازب عند الطبراني في الأوسط، ولها شاهد من حديث ابن ماجه عن أبي هريرة: الربا سبعون شعبة أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه من طريق أبي معشر السندي. وهذا يبين قبح الربا.

وجاء في تشديده في الربا: وأن درهم ربا أشد من ست وثلاثين زنية أو زنية عند أحمد وغيره، وإن كان في سنده بعض الضعف وبعض النكارة، أو بعض الغرابة، لكنه يبين شدة أمر الربا، وإلا فالزنا أعظم؛ لأن الكبائر أعظمها القتل ثم الزنا ثم الربا إلا إذا ترتب عليه ضرر يتضمن الظلم الشديد، وربما عظم التحريم لشدة ما يقع فيه.

فالمقصود أن الربا يكون على هذه المثابة من جهة أنه من الكبائر ومن جهة أيضًا أن شدة تحريم الربا يطال شرره غيره، وضرره من جهة الظلم والاعتداء والبغي في الأرض بظلم الناس بأكل أموالهم بالباطل وأخذه بغير حق.

ولهذا ذكر العلماء.. يعني ذكروا حكمًا في مسألة الربا وقالوا: إنه إذا تبايع الناس بالربا صارت أمور الناس التي يتعاملون بها بهذه الدراهم التي يتعاملون بها الذهب والفضة وكذلك أقوات الناس التي هي أصل قيام أبدانهم التي صارت تتعامل بالربا فشلت معاملات الناس، فإذا صار هذا المرابي يبيع ويشتري بالربا كثر ماله مع أنها كثرة ممحوقة البركة لقوله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ بغير عمل منه وبغير جهد، فهذا تجده يأخذ الأموال ويظلم الناس وتتكدس عنده الأموال عن طريق الربا وهو لا يعمل.

ثم أيضًا يتسبب في عدم تحرك الاقتصاد والبيع والشراء من جهة أن الأموال تجتمع ولا يعمل بها ولا يحصل منها إنتاج، فيحصل فساد، وهذا أمر واضح، وأهل الاقتصاد المتخصصون في ذلك الذين يدركون حكما ويدركون معاني كثيرة يعلمونها في التعامل بالربا خاصة في مثل هذا الوقت.

ولهذا تجد أنه بالربا ربما أسرت أمم ودول بكاملها لبعض أهل الربا وبعض البنوك التي تقرض بالربا، وربما طوقوا أعناق بعض الدول وألزموها بأمور وسياسات، وألزموها بأشياء من جهة أنها خاضعة لهم ومدينة لهم بهذا المال، ومن هذه الجهة يعظم ضرره ويشتد خطره ويكون ضرره شديدًا وعامًّا؛ فلهذا كثرت النصوص في التحذير منه وبيان أنه ظلم وبغي واعتداء.

وأعظم الربا هو ربا النسيئة كما سيأتي وربا الفضل، ولكن ربا النسيئة أعظم من ربا الفضل.


وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورِق بالورِق إلا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز متفق عليه .



هذا حديث أبي سعيد الخدري في أحد أحاديث الباب في تحريم الربا وفي هذا النهي لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل في الرواية الثانية، وسيأتي أنه ولا تبيعوا غائبًا بناجز وبلفظ: ( يدًا بيد )، وهذا يبين أنه يحرم بيع الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ويأتي بيان العلة أو ما أشار إليه أهل العلم في الحديث الثاني حديث عبادة -رضي الله عنه- لأنه هو الحديث المطول في هذا الباب والذي بيّن الأصناف، أصناف الربا، في هذا أنه لا يباع الذهب إلا بالذهب مثلًا بمثل، سواءً بسواء، فلا يزاد شيء منها، ويشترط حينما يتفق الصنف والجنس أمران:

التماثل والتقابض؛ بمعنى أنه يتماثل الجنسان من جهة القدر ويتقابضان مباشرة، وقال ( ولا تُشِفُّوا ) من الشف وهو الزيادة، وهذا يوضح ويبين أنه -عليه الصلاة والسلام- أكد وأعاد وأبدى في تحريم الربا حتى أنه لم يكتفِ بقوله: ( مثلًا بمثل ) بل قال: ( مثلًا بمثل ) و ( لا تُشِفُّوا بعضها على بعض )، ( سواءً بسواء )، كله تأكيد وتكرير لبيان أنه يجب التساوي والتماثل في الصنفين أو في الجنسين المتماثلين، أنه يجب التساوي فيهما مع القبض، وإذا وجب التساوي من باب أولى لأنه إذا حرم ربا الفضل حرم ربا النسأ من باب أولى.

وكذلك لا تبيعوا الوَرِقَ بالوَرِق الورِق بالورق: هو الفضة، فلا يباع الفضة بالفضة إلا مثلًا بمثل سواء بسواء كالذهب.

ولا يجوز الزيادة، بل يجب التساوي والتقابض ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز بمعنى أنه هذا هو الذي سبق أنه يكون يدا بيد، ولا يجوز أن يكون غائبًا بناجز ولو وقت يسير بل هذا يسلم وهذا يسلم

محب الجنان
23/01/2009, 07:58 PM
بارك الله فيك
نعوذ بالله من الربا