Oman141
27/12/2010, 07:26 PM
يوسف في ذكراه السابعة
يقول أبي الطيب المتنبي في أحدى قصائده:
ما كل ما يتمناه المرء يدركه ** تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن.
فالأمنيات في عالم البشر لا تحصى ولا تعد إن حاولنا لها إحصى وكلا يغرف من بحار الأمنيات ما يشبع به فكره وذاته ليصنع لنفسه بحره الخاص يغوص فيه ويلبي مبتغاه.
ولكن لا تبقى تلك الأمنيات مهما كان شعارها ولا تخلد فهيه زأله كازوال الأنسان إنما خلق ليفنى.
إنما هيه مجرد كلمات صفت لتشكل جمل من بعثرات للذكرى من مواقف وأخبار جرت في ألبوم يوسف أحببت طرحها في السبله لتخليد الذكرى ان يبقى للذكرى خلود.
مدخل للذكريات المسطره بأسمائهم:
يوسف : الشقيق الأكبر في عائلته.
خليل : يأتي في ترتيبه الثاني من بعد يوسف.
أحمد : الصديق الحميم ليوسف.
صوت البدايه,
ترعرع يوسف في كنف عائله مكونه من بنين وبنات يبلغ عددهم تسع أشخاص بالأضافة إلى الأم والأب .
يوسف مثلما أسلفنا من قبل في مدخل الحكايه هو الشقيق الأكبر من البنين ويليه خليل المشاغب وهم من مواليد مسقط.
عاشت العائله بكل ما يثقل كاهلها المادي في مسقط لسنوات طوال قد تبلغ خمسة عشر من السنين في دفتر الحساب وأكثر بقليل لكون الأب مرتبط بعمله في السلك العسكري.
كانت العائله ترتحل في عطل الصيف والأعياد إلى بلدهم وأهلهم في المنطقه الداخليه لمشاركتهم الأفراح وما يعاديها من أتراح.
درس يوسف في المدرسة السعيديه في مسقط { تقع المدرسه بالقرب من القصر السلطاني بمسقط } , وكان يتصف بسرعته البديهيه في الفهم والحفظ وحاز على العديد من الشهايد التقديريه.
ليوسف أصدقاء وأصحاب كانوا لا يملون من مجالسته وإن أرتحل لعدت أيام عنهم بقي مكانه فارغ ينتظر عودته وشعر أصحابه بنقص قد يصل إلى نصفهم الثاني.
كان يوسف كبقيت الشباب بصحبت أخيه الأصغر منه سناً وعقلا يجول ويصول في المشاغبات و بعض الأمور التي توصف بالتهور ولكنه كان يتميز عن أصحابه بأهتمامه بالدراسه والجد في ساعة الجد.
فقد كان عنوانهم ومنهجهم للدراسه أربع أيام فقط في الأسبوع من السبت إلى الثلاثاء, أما اليوم الخامس وهو يوم الأربعاء فهو يوم الترفيه عندهم يتسولون في مقاطعات العاصمة وللروى والقرم عندهم مكانه خاصه فقد كانت المجمعات التجارية في قمة ذروتها من النشاط في ذالك الوقت
[ هوكي سنتر ومجمع العريمي والحارثي] لما يحويه من ألعاب ترفيهيه وغيره لجذب الشباب.
مضت من السنين خمسة عشر سنه وإنتهت فترة عمل الوالد بالسلك العسكري, فأقتربت ساعة الرحيل و الوداع لمسقط والعودة لبلدهم وأهلهم بالمنطقة الداخليه بعد عشره من العمر قضاها يوسف في مسقط وترعرع على راحتيها.
خمسة عشر سنه وهو يتنفس هوائها ويغطس في مياه بحرها ولحدائقها النصيب الأكبر ليودعها فوداعا مسقط لتبقى الذكرى.
وبوصوله لمنطقته الأصلية وهيه المنطقة الداخليه أكمل صديقنا دراسته في صحبت أبنا عمومته وأهله بالمنطقة الداخليه وكان يبارز ويصارع للمراكز المتقدمه فأصبح من المنافسين عليها بهمه ونشاط.
في يوم من أيام الأمتحانات وصل به الحال بأن يساعد أحد أصدقائه وذالك بدخوله قاعة الأمتحان بأسم زميله ليقيه من شر الرسوب وبالفعل حقق المرغوب وهو المطلوب للنجاح وهو قد ضمن النجاح في وقت سابق من قبل.
تخرج يوسف من دراسته الثانويه لتوصله نسبته الدراسيه لكلية التربيه بنزوى ساعتها
[ حاليا تسمى الكليه التطبيقية]
وكان يمني النفس بأن يكون من ضمن الملتحقين في سلك التدريس وحق حققها.
أستوطن نزوى بصحبة أصحاب له من نفس الدفعة وجرت عادته في الأجتهاد مع مزيج من المشاغبه وحب المزاح فالمرح هو عنوانه والبشاشه لا تفارقه دائما فهاكذا هو يوسف.
تمضي السنه بعد السنه وبقي من السنين سنه في حساب المواقيت والتقاويم ليصبح صديقنا يوسف مدرسا ويحقق بذالك مبتغاه الذي سعى من أجله.
وفي يوم من أيامهم المعتاده في سكن العزبه كان الكل من الأصحاب مجتمع للتسامر ويوسف ذو الوجه البشوش يقود الجلسه بمزاحه ومداعبته كعادته ومثلما جرت العاده من قبل فهو البسمه والبسمه تعرف عنوانه ولا تفارق مكانه.
أنتهت جلستهم في حدود الساعه الثالثة من صبيحة يوم الأحد وكان يومهم من أكثر أيام البشاشه التي رسمها يوسف على وجوه أصحابه وقد لفت أنتباه البعض منهم البسمه الزائده التى تملئه بطول يومه.
غادر الكل الى مواقع أحلامهم ليعلن أنتهاء وإنطفى شمعة يومهم وصديقنا كان يقطن في غرفة بصحبته أثنين من أصحابه.
الكل خلد وغرد في فراشه وأتصل بأحلامه بقي صديقنا ممسك بجواله وخط به حروف في شكل رساله جديده شكلت عباره ليرسلها لمن أرسلها من الأصدقاء
ومضمون الرساله:
[ إذا غاب الليل ياتي بعده النهار وإذا غاب النهار ياتي بعده الليل, وإذا غاب الأنسان؟]
وأقفل الرساله بأستفهام ليغلق بعدها جواله معلن إنتهاء يومه بتلك الرساله فقد كانت أخر رساله تصدر من جواله.
أخلد للنوم لينثر بعدها غصص يتجرعها وتعلوا منه زمجرات وشحطات تزداد فتزداد شي بعد شي وصديقه أحمد يناديه إن كف عن الشخير يا يوسف قد شردت منا الأحلام بزمجراتك التى تشبه زمجرات الأسود.
*بل هيه غرغرات يا أحمد*
لم يدري أحمد بأنها قد بلغت الحلقوم وناداها مناديها بأن إرجعي إلى ربك يا أيتها الروح, ظل أحمد يمازح صديقه ويناديه ويوقظه من منامه ولكن أختفت تلك الشحطات والزمجرات من صديقنا يوسف كأنه بركان ثار وإنخمد في ساعته تلك.
ظل أحمد يقلب صديقه يمنتا ويسرى تارة فتارة والخوف يملئه ويدهش عينيه الغارقتين في بحرها, صوته لم ينصره لمنادات بقيت أصحابه إلا بعد مرور عدة دقائق.
أقبل الجميع وألتف الجمع حول يوسف
...... أي يوسف كف عن المزاح فالكل في هلع , ولكن لا مجيب لتلك الأصوات المناديه فقد رحلت روحه وبقي الجسد ساكن بلاحراك.
وبعد معاينة الطبيب أعلن الطب أستسلامه وأصدرها شهادة معنونه برحيل يوسف بسكته قلبيه دون سابق إنذار.
رحل يوسف عن الدنيا أترك سماعتك يا طبيب فلا دواء يوقف الرحيل !!!
وهل يغني الطب والرحيل قد حل؟؟
كان يمني النفس بالتخرج وإعالت أسرته في دخلها المحدود آن ذاك, فالديون تحاصرهم من كل مكان.
وكان قد رسم مستقبله وخطط ملامح أيامه المقبله وعنونها بعنوان المستقبل
ولكن الأجل وافاه قبل بلوغ الأمل فقد أختاره المولى عز وعجل وحق له الأختيارفي إختياره فهو المحي وهو المميت.
بلغ الخبر أخيه وصديقه وصاحب أسراره خليل فهو رفيق دربه فقد كان لا يخطو خطوة من دونه , ألجمه الخبر وشتت أفكاره كأن في خاطره هاجس يهجس بتكذيب الخبر.
ولما لا إليس هو من صنف البشر؟
ولما لا إليس الموت حق لكل من حضر؟
ولما لا إليس ذاك سنه وفي الكتاب لها ذكر؟
أخرسه فراق أخيه و أعز أصدقائه أسبوع بلا كلام فقد كان له عنوان وبه يرسم للكون ملامح وأجمل الأحلام.
رحل يوسف وترك خلفه عائلته التى لاتكف عن ذكره.
رحل يوسف وترك لمن كان له من البشاشه نصيب لا نصيب له منها بعد اليوم.
رحل يوسف وترك من بعده الهذيان يتلاعب بفكر أخيه خليل فصار يدغدغ الأقلام لسكب ما يسكب من الحروف على الورق والتى لا تكاد تفهم في معانيها او لا معنى لها أصلا إلا مجرد خربشات يطلقها في السراب للذكرى لا لغيره.
هل يرجع الدهر ما قد أندثر
ويلفح الكتاب ما خط القلم
لا و ربي لا يتنازل القدر
عن زهورا احتضنهم بعمر الزهر
هم أولاة الحسن بهم تزدهر
زهر الشمائم بصمته لقد رحل
بفجره دق ناقوس الخطر
سيرته صمتا منكتم
هل تعلمون ما نقش طرفه البهي
خط الفراق بسؤال هل من معتبر
هل يعيد الليل توهج الصباح
أو يحل محلي بعده أناس
كل نفسا فانية
هل أنطفئ القدر.............؟
هل توقف أو تسارع الدهر .............؟
لا وربي لم تكف الأرض عن الدوران
ولم تتوقف الأيادي عن تسبيح الرحمن
خربشات وطيش خطها روحا بلا جثمان
بلابل تشدو بصوت الألحان
لم و لن يفهمها من بعده إنسان
هنا ينفث زعبل من زعبلات غيره
لا تشكو للناس جرحا أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
جر النهر
والنهار يركض
والليل اقبل ويدبر
وتسارع الماضي للنسيان
طفلا يردد أغنية في هذيان
ليت ربي ما كتب لحظة وداع
لا دموع ولا فراق ولا ضياع
هيه أغنية يرددها بطول يومه
وتكتمت من الهول الأركان
بفجر يومه
تمعن..!!
تدقق..!!
تفكر..!!
تهلوس..!!
هل هناك غيري في الكون من جنس الثقلين يتألم
تعصف هنا ريح اختلاط الهذيان
تتناثر من بعده أحرف صيغت بلا إمعان
ويلوح أحدهم قائلا بكل أركانه
لو رأيت مصيبتي لهانت عليك المصائب
سمعي يصممني
صوتي يهمسني هل هو صادق
قلمي يتركني
هل يهذى بغيري
عقلي يحيرني
وهل الكل يفقد ويفارق
هنا وبنهاية تفكيره وتأمله
صمت يخيم على أوراقه
يحاول لملمت شتاته
الروع يحكمني
أكتشف أنه مجرد سراب في صمت الهذيان
وانه خط بما ليخط في الكتمان
يترحم على من فارق الدهر أجسادهم
ورجعت الروح عند خالقها
ولم يعد يتمرد بكثرة الهذيان
رحماك ربي بكل ما هو عائدا إليك
ألطف بعبادك الأموات
عصوك وعبدوك وأطاعوك
ندعوك بكل ما سميت به اسمك
يا من ملكوت السموات وال أراضين بيدك
إن تغفر لهم زلاتهم
ربي أغفر وارحم ما تعلم أنك تعلم ما لا نعلم
أنك أنت الأعز الأكرم
.....
....
...
..
مجرد هذيان
وحتى يومنا هذا وبعد مرور من السنين سبع لم يكف خليل عن نثر الهذيان في كل عناوينه فصار لا يعرف غيره من الكلام.
يقول الأستاذ الشاعر الأديب الجميل سيف الرواحي في مطلع قصيدته نبيذ الحب في صفحات سبله الشعر والأدب بالسبله العمانية.
أُعطِيـتُ كأســاً من نبيـــــذ ِ الفـانِـيـَـهْ *** يَسْــــري بِجِسمــي عُنــوةً في ثانِـيـَــهْ
قـد شَـدَّني بالشـَّطْـن ِيعــدو خـالـِجــــاً *** حتـَّى هـــوى فــي داخِـلـــي بُنيــانِـيَــهْ
فالعَجْفُ في نفســي لِمَا قـــد صابنــي *** والعَشْــمُ فـي روحــي لـمـا أعيـانِـيَـهْ
حتى سُقُوفُ الصَّدْر ِمن عُظْــم ِالبــلا *** خَـــرَّتْ لِـمـا قــد حَـــــلَّ في أركانِـيـَـهْ
............... وفي موضع آخر من القصيده
فاسْتَصْرَخَـتْ مِنِّي دُموعــــي عَـلـَّنـي *** أُطـلِـقْ سَـراحَ اليُـتـْـم ِمـن أعـيـانـِيـَـهْ
لـمـَّا رَمَـقْـتُ الـدَّمْـعَ فـِي أَحْدَاقِهِــــــمْ *** صـــارت قـطـوفُ الـدَّمْـعِ مني دانـيـهْ
نـادوا بـِيـا لـُــبَّ الفـُـــؤاد ِ الخـافـِــق *** فاسْتـــأذَنَ السَّـيــَّـالُ مـن بُـركـانـِيــَـهْ
أجْـريـْتُ دَمْعـي فـَوْقَ خَـــدي مِثلـَمـــا *** بالـرَّمْـــض ِيجــري نـَبعُ عين ٍ آنِـيـَــهْ
هذه بعض الجمل صفت لتكون ذكرى يوسف السابعه بعد رحيله.
فالعذر إن تخللها ركاكه في اللغة أو السرد السيئ لحق بها فقد خطت في عجاله من الوقت ولصاحبها ضعف لغوي واضح وضوحا لا يخفى على احد.
يوسف للذكرى
☼☼☼☼☼☼☼☼☼
لا إله إلا الله
وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وإليه المصير.
*رحم الله يوسف وأسكنه جنات النعيم*
يوسف للذكرى السابعة
تمت الذكرى
يقول أبي الطيب المتنبي في أحدى قصائده:
ما كل ما يتمناه المرء يدركه ** تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن.
فالأمنيات في عالم البشر لا تحصى ولا تعد إن حاولنا لها إحصى وكلا يغرف من بحار الأمنيات ما يشبع به فكره وذاته ليصنع لنفسه بحره الخاص يغوص فيه ويلبي مبتغاه.
ولكن لا تبقى تلك الأمنيات مهما كان شعارها ولا تخلد فهيه زأله كازوال الأنسان إنما خلق ليفنى.
إنما هيه مجرد كلمات صفت لتشكل جمل من بعثرات للذكرى من مواقف وأخبار جرت في ألبوم يوسف أحببت طرحها في السبله لتخليد الذكرى ان يبقى للذكرى خلود.
مدخل للذكريات المسطره بأسمائهم:
يوسف : الشقيق الأكبر في عائلته.
خليل : يأتي في ترتيبه الثاني من بعد يوسف.
أحمد : الصديق الحميم ليوسف.
صوت البدايه,
ترعرع يوسف في كنف عائله مكونه من بنين وبنات يبلغ عددهم تسع أشخاص بالأضافة إلى الأم والأب .
يوسف مثلما أسلفنا من قبل في مدخل الحكايه هو الشقيق الأكبر من البنين ويليه خليل المشاغب وهم من مواليد مسقط.
عاشت العائله بكل ما يثقل كاهلها المادي في مسقط لسنوات طوال قد تبلغ خمسة عشر من السنين في دفتر الحساب وأكثر بقليل لكون الأب مرتبط بعمله في السلك العسكري.
كانت العائله ترتحل في عطل الصيف والأعياد إلى بلدهم وأهلهم في المنطقه الداخليه لمشاركتهم الأفراح وما يعاديها من أتراح.
درس يوسف في المدرسة السعيديه في مسقط { تقع المدرسه بالقرب من القصر السلطاني بمسقط } , وكان يتصف بسرعته البديهيه في الفهم والحفظ وحاز على العديد من الشهايد التقديريه.
ليوسف أصدقاء وأصحاب كانوا لا يملون من مجالسته وإن أرتحل لعدت أيام عنهم بقي مكانه فارغ ينتظر عودته وشعر أصحابه بنقص قد يصل إلى نصفهم الثاني.
كان يوسف كبقيت الشباب بصحبت أخيه الأصغر منه سناً وعقلا يجول ويصول في المشاغبات و بعض الأمور التي توصف بالتهور ولكنه كان يتميز عن أصحابه بأهتمامه بالدراسه والجد في ساعة الجد.
فقد كان عنوانهم ومنهجهم للدراسه أربع أيام فقط في الأسبوع من السبت إلى الثلاثاء, أما اليوم الخامس وهو يوم الأربعاء فهو يوم الترفيه عندهم يتسولون في مقاطعات العاصمة وللروى والقرم عندهم مكانه خاصه فقد كانت المجمعات التجارية في قمة ذروتها من النشاط في ذالك الوقت
[ هوكي سنتر ومجمع العريمي والحارثي] لما يحويه من ألعاب ترفيهيه وغيره لجذب الشباب.
مضت من السنين خمسة عشر سنه وإنتهت فترة عمل الوالد بالسلك العسكري, فأقتربت ساعة الرحيل و الوداع لمسقط والعودة لبلدهم وأهلهم بالمنطقة الداخليه بعد عشره من العمر قضاها يوسف في مسقط وترعرع على راحتيها.
خمسة عشر سنه وهو يتنفس هوائها ويغطس في مياه بحرها ولحدائقها النصيب الأكبر ليودعها فوداعا مسقط لتبقى الذكرى.
وبوصوله لمنطقته الأصلية وهيه المنطقة الداخليه أكمل صديقنا دراسته في صحبت أبنا عمومته وأهله بالمنطقة الداخليه وكان يبارز ويصارع للمراكز المتقدمه فأصبح من المنافسين عليها بهمه ونشاط.
في يوم من أيام الأمتحانات وصل به الحال بأن يساعد أحد أصدقائه وذالك بدخوله قاعة الأمتحان بأسم زميله ليقيه من شر الرسوب وبالفعل حقق المرغوب وهو المطلوب للنجاح وهو قد ضمن النجاح في وقت سابق من قبل.
تخرج يوسف من دراسته الثانويه لتوصله نسبته الدراسيه لكلية التربيه بنزوى ساعتها
[ حاليا تسمى الكليه التطبيقية]
وكان يمني النفس بأن يكون من ضمن الملتحقين في سلك التدريس وحق حققها.
أستوطن نزوى بصحبة أصحاب له من نفس الدفعة وجرت عادته في الأجتهاد مع مزيج من المشاغبه وحب المزاح فالمرح هو عنوانه والبشاشه لا تفارقه دائما فهاكذا هو يوسف.
تمضي السنه بعد السنه وبقي من السنين سنه في حساب المواقيت والتقاويم ليصبح صديقنا يوسف مدرسا ويحقق بذالك مبتغاه الذي سعى من أجله.
وفي يوم من أيامهم المعتاده في سكن العزبه كان الكل من الأصحاب مجتمع للتسامر ويوسف ذو الوجه البشوش يقود الجلسه بمزاحه ومداعبته كعادته ومثلما جرت العاده من قبل فهو البسمه والبسمه تعرف عنوانه ولا تفارق مكانه.
أنتهت جلستهم في حدود الساعه الثالثة من صبيحة يوم الأحد وكان يومهم من أكثر أيام البشاشه التي رسمها يوسف على وجوه أصحابه وقد لفت أنتباه البعض منهم البسمه الزائده التى تملئه بطول يومه.
غادر الكل الى مواقع أحلامهم ليعلن أنتهاء وإنطفى شمعة يومهم وصديقنا كان يقطن في غرفة بصحبته أثنين من أصحابه.
الكل خلد وغرد في فراشه وأتصل بأحلامه بقي صديقنا ممسك بجواله وخط به حروف في شكل رساله جديده شكلت عباره ليرسلها لمن أرسلها من الأصدقاء
ومضمون الرساله:
[ إذا غاب الليل ياتي بعده النهار وإذا غاب النهار ياتي بعده الليل, وإذا غاب الأنسان؟]
وأقفل الرساله بأستفهام ليغلق بعدها جواله معلن إنتهاء يومه بتلك الرساله فقد كانت أخر رساله تصدر من جواله.
أخلد للنوم لينثر بعدها غصص يتجرعها وتعلوا منه زمجرات وشحطات تزداد فتزداد شي بعد شي وصديقه أحمد يناديه إن كف عن الشخير يا يوسف قد شردت منا الأحلام بزمجراتك التى تشبه زمجرات الأسود.
*بل هيه غرغرات يا أحمد*
لم يدري أحمد بأنها قد بلغت الحلقوم وناداها مناديها بأن إرجعي إلى ربك يا أيتها الروح, ظل أحمد يمازح صديقه ويناديه ويوقظه من منامه ولكن أختفت تلك الشحطات والزمجرات من صديقنا يوسف كأنه بركان ثار وإنخمد في ساعته تلك.
ظل أحمد يقلب صديقه يمنتا ويسرى تارة فتارة والخوف يملئه ويدهش عينيه الغارقتين في بحرها, صوته لم ينصره لمنادات بقيت أصحابه إلا بعد مرور عدة دقائق.
أقبل الجميع وألتف الجمع حول يوسف
...... أي يوسف كف عن المزاح فالكل في هلع , ولكن لا مجيب لتلك الأصوات المناديه فقد رحلت روحه وبقي الجسد ساكن بلاحراك.
وبعد معاينة الطبيب أعلن الطب أستسلامه وأصدرها شهادة معنونه برحيل يوسف بسكته قلبيه دون سابق إنذار.
رحل يوسف عن الدنيا أترك سماعتك يا طبيب فلا دواء يوقف الرحيل !!!
وهل يغني الطب والرحيل قد حل؟؟
كان يمني النفس بالتخرج وإعالت أسرته في دخلها المحدود آن ذاك, فالديون تحاصرهم من كل مكان.
وكان قد رسم مستقبله وخطط ملامح أيامه المقبله وعنونها بعنوان المستقبل
ولكن الأجل وافاه قبل بلوغ الأمل فقد أختاره المولى عز وعجل وحق له الأختيارفي إختياره فهو المحي وهو المميت.
بلغ الخبر أخيه وصديقه وصاحب أسراره خليل فهو رفيق دربه فقد كان لا يخطو خطوة من دونه , ألجمه الخبر وشتت أفكاره كأن في خاطره هاجس يهجس بتكذيب الخبر.
ولما لا إليس هو من صنف البشر؟
ولما لا إليس الموت حق لكل من حضر؟
ولما لا إليس ذاك سنه وفي الكتاب لها ذكر؟
أخرسه فراق أخيه و أعز أصدقائه أسبوع بلا كلام فقد كان له عنوان وبه يرسم للكون ملامح وأجمل الأحلام.
رحل يوسف وترك خلفه عائلته التى لاتكف عن ذكره.
رحل يوسف وترك لمن كان له من البشاشه نصيب لا نصيب له منها بعد اليوم.
رحل يوسف وترك من بعده الهذيان يتلاعب بفكر أخيه خليل فصار يدغدغ الأقلام لسكب ما يسكب من الحروف على الورق والتى لا تكاد تفهم في معانيها او لا معنى لها أصلا إلا مجرد خربشات يطلقها في السراب للذكرى لا لغيره.
هل يرجع الدهر ما قد أندثر
ويلفح الكتاب ما خط القلم
لا و ربي لا يتنازل القدر
عن زهورا احتضنهم بعمر الزهر
هم أولاة الحسن بهم تزدهر
زهر الشمائم بصمته لقد رحل
بفجره دق ناقوس الخطر
سيرته صمتا منكتم
هل تعلمون ما نقش طرفه البهي
خط الفراق بسؤال هل من معتبر
هل يعيد الليل توهج الصباح
أو يحل محلي بعده أناس
كل نفسا فانية
هل أنطفئ القدر.............؟
هل توقف أو تسارع الدهر .............؟
لا وربي لم تكف الأرض عن الدوران
ولم تتوقف الأيادي عن تسبيح الرحمن
خربشات وطيش خطها روحا بلا جثمان
بلابل تشدو بصوت الألحان
لم و لن يفهمها من بعده إنسان
هنا ينفث زعبل من زعبلات غيره
لا تشكو للناس جرحا أنت صاحبه
لا يؤلم الجرح إلا من به ألم
جر النهر
والنهار يركض
والليل اقبل ويدبر
وتسارع الماضي للنسيان
طفلا يردد أغنية في هذيان
ليت ربي ما كتب لحظة وداع
لا دموع ولا فراق ولا ضياع
هيه أغنية يرددها بطول يومه
وتكتمت من الهول الأركان
بفجر يومه
تمعن..!!
تدقق..!!
تفكر..!!
تهلوس..!!
هل هناك غيري في الكون من جنس الثقلين يتألم
تعصف هنا ريح اختلاط الهذيان
تتناثر من بعده أحرف صيغت بلا إمعان
ويلوح أحدهم قائلا بكل أركانه
لو رأيت مصيبتي لهانت عليك المصائب
سمعي يصممني
صوتي يهمسني هل هو صادق
قلمي يتركني
هل يهذى بغيري
عقلي يحيرني
وهل الكل يفقد ويفارق
هنا وبنهاية تفكيره وتأمله
صمت يخيم على أوراقه
يحاول لملمت شتاته
الروع يحكمني
أكتشف أنه مجرد سراب في صمت الهذيان
وانه خط بما ليخط في الكتمان
يترحم على من فارق الدهر أجسادهم
ورجعت الروح عند خالقها
ولم يعد يتمرد بكثرة الهذيان
رحماك ربي بكل ما هو عائدا إليك
ألطف بعبادك الأموات
عصوك وعبدوك وأطاعوك
ندعوك بكل ما سميت به اسمك
يا من ملكوت السموات وال أراضين بيدك
إن تغفر لهم زلاتهم
ربي أغفر وارحم ما تعلم أنك تعلم ما لا نعلم
أنك أنت الأعز الأكرم
.....
....
...
..
مجرد هذيان
وحتى يومنا هذا وبعد مرور من السنين سبع لم يكف خليل عن نثر الهذيان في كل عناوينه فصار لا يعرف غيره من الكلام.
يقول الأستاذ الشاعر الأديب الجميل سيف الرواحي في مطلع قصيدته نبيذ الحب في صفحات سبله الشعر والأدب بالسبله العمانية.
أُعطِيـتُ كأســاً من نبيـــــذ ِ الفـانِـيـَـهْ *** يَسْــــري بِجِسمــي عُنــوةً في ثانِـيـَــهْ
قـد شَـدَّني بالشـَّطْـن ِيعــدو خـالـِجــــاً *** حتـَّى هـــوى فــي داخِـلـــي بُنيــانِـيَــهْ
فالعَجْفُ في نفســي لِمَا قـــد صابنــي *** والعَشْــمُ فـي روحــي لـمـا أعيـانِـيَـهْ
حتى سُقُوفُ الصَّدْر ِمن عُظْــم ِالبــلا *** خَـــرَّتْ لِـمـا قــد حَـــــلَّ في أركانِـيـَـهْ
............... وفي موضع آخر من القصيده
فاسْتَصْرَخَـتْ مِنِّي دُموعــــي عَـلـَّنـي *** أُطـلِـقْ سَـراحَ اليُـتـْـم ِمـن أعـيـانـِيـَـهْ
لـمـَّا رَمَـقْـتُ الـدَّمْـعَ فـِي أَحْدَاقِهِــــــمْ *** صـــارت قـطـوفُ الـدَّمْـعِ مني دانـيـهْ
نـادوا بـِيـا لـُــبَّ الفـُـــؤاد ِ الخـافـِــق *** فاسْتـــأذَنَ السَّـيــَّـالُ مـن بُـركـانـِيــَـهْ
أجْـريـْتُ دَمْعـي فـَوْقَ خَـــدي مِثلـَمـــا *** بالـرَّمْـــض ِيجــري نـَبعُ عين ٍ آنِـيـَــهْ
هذه بعض الجمل صفت لتكون ذكرى يوسف السابعه بعد رحيله.
فالعذر إن تخللها ركاكه في اللغة أو السرد السيئ لحق بها فقد خطت في عجاله من الوقت ولصاحبها ضعف لغوي واضح وضوحا لا يخفى على احد.
يوسف للذكرى
☼☼☼☼☼☼☼☼☼
لا إله إلا الله
وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد يُحيي ويُميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وإليه المصير.
*رحم الله يوسف وأسكنه جنات النعيم*
يوسف للذكرى السابعة
تمت الذكرى